قراءة نقدية
«نصف الدهشة».. مجموعة قصصية لـ مصطفى البلكى تطرح أسئلة ولا تهدى لأجوبة
“نصف الدهشة” هو عنوان المجموعة القصصية للكاتب مصطفى البلكى، التى تحتوى على ١٩ قصة قصيرة، كانت القرية هى المكان الرئيس فيها كعادة الكاتب مصطفى البلكى الذى ارتكز فى كل مؤلفاته مثل البهيجى ونفيسة البيضا وغيرهم على القرية الصعيدية، التى ينهل من معينها الذى لا ينضب بقدرة غريبة ومتفردة.
هيمنجواى ونجيب محفوظ
حين تقرأ مجموعة نصف الدهشة لمصطفى البلكى يذهب عقلك إلى كاتبين عالميين كلاهما حصل على نوبل فى الآداب . أما الاول فهو أرنست هيمنجواى الذى كان الطفل بطلا فى جل قصصه.
وفى نصف الدهشة كان الطفل بطلا لجل قصص الرواية، لدرجة تدفعك أن تتخيل أن أبطال القصص التى لم يكن الطفل بطلها هم الطفل نفسه بعد أن كبر.
أما الكاتب الثانى فهو نجيب محفوظ
ويكمن التشابه بين محفوظ والبلكى فى أمرين، أما الأول فهو اهتمام نجيب محفوظ بالحارة المصرية وتحديدا بالمنطقة التى عاش فيها. وكذلك فعل البلكى الذى اتخذ القرية مسرحا لأحداث حكاياته وبالتحديد تلك القرية التى عاش فيها.
أما التشابه الثانى فيكمن فى عدم شيطنة الساقطة عند نجيب محفوظ والبلكى.
الفانتازيا فى نصف الدهشة
فى قصة نصف الدهشة يحكى البلكى عن رضيع تركته أمه يلعب مع القطط والكلاب والفئران حتى نبح كالكلاب ونبتت له أظافر قط، وكان يقفز مثل الفأر، لم يتوقف مصطفى البلكى عند هذا الحد بل جعل الطفل وكأنه ملبوسا يدخل بيت العاقر ثم بيت الأرملة فيكون سببا فى إفشاء الأسرار التى لا يعرفها أحد، ويختتم البلكى قصته بطرية لطيفة حيث يتفق الطفل مع الفأر على قرس والد الطفل وهو يستحم .
الفلسفة عند البلكى
دون مبالغة يمكننا أن نقول إن مصطفى البلكى كان يرتدى عباءة الفيلسوف وهو يكتب مجموعته القصصية نصف الدهشة . فتجده يسأل عن معنى السعادة فى قصة لدغة ندم وتارة ويبحث الحرية فى قصة الهروب من الإطار كما يركض نحو الفراغ فى دعنى اسمع صمتك ويركن إلى الحكمة فى وصية النجار.
عمد البلكى فى كل قصة من قصص مجموعته أن يبعث برسائل فلسفية تقدم أسئلة ولا تهدى إلى أجوبة وهذا يحسب له، فالكاتب المفكر لا يعادله الكاتب الذى يؤلف قصصا من أجل التسلية.
النهايات المفتوحة
أنهى البلكى كل قصصه بنهايات مفتوحة تترك للقارئ مساحة من التفكر والتدبر.