«أديب نوبل وتوفيق الحكيم».. حكايات نور الشريف مع الأدباء الكبار
كان نور الشريف بطلًا لمجموعة من الأفلام المأخوذة عن روايات نجيب محفوظ، حيث جسد أبطال هذه الروايات.
كان "الشريف" مأخوذًا بأعمال أديب نوبل نجيب محفوظ، وكان يقرأ رواياته أكثر من مرة، وتشوق للقائه عندما دعته صديقته الكاتب الصحفية نعم الباز للقائه في فترة الثمانينيات، قال: "دخلنا عليه حجرته في شقته بالعجوزة، واستقبلنا الرجل بسماحة وجه وابتسامة صادفية، ودار بيننا حوار رائع ما زلت أتذكره، حيث قلت له يا أستاذ نجيب هل الحدث هو الذي يصنع الشخصية أم الشخصية هي التي تصنع الحدث؟". حسب مذكراته المنشورة بعنوان "حكاية نور الشريف بين الحرمان والحب والسينما والسياسة والمؤتمرات" لسيد الحراني.
سأل نور الشريف في لقائه: "أين أنا في رواياتك، بمعنى أنني نموذج من نماذج الناس في المجتمع فأين أكون في قصصك؟"، فرد نجيب محفوظ: "أنت كنور الشريف حين تمثل لا تكون أنت وإنما تكون الشخصية التي رسمتها". فسأله: "لقد مثلت لك أفلامًا كثيرة، فهل أحسست أنني شخصيات واحد من هؤلاء؟"، فأجابه أديب نوبل: "الحقيقة أنك مثلت لي روايات كثيرة ودخلت في نسيج العديد من رواياتي مثل قصر الشوق والسكرية والسراب والكرنك وأهل القمة والشيطان يعظ وكثير جدًا، لكن شخصيتك الأصلية لا توجد، المهم أنك تتجسد في كل شخصية، ولذلك أنا أكون سعيدًا جدًا حينما أعلم أنك ستمثل رواية لي".
أكد نور الشريف لنجيب محفوظ أنه قارئ بامتياز لرواياته، مضيفًا: "لكنني أتمنى تمثيل "قلب الليل"، ولفت إلى أنه قبل أن يكون ممثلًا محترفًا كان "كمال عبدالجواد" الشاب الممتلئ بالأمل والرومانسية المثالية. وتدخل نجيب محفوظ ليؤكد ما قاله نور الشريف، قائلًا: "أنا فعلًا رأيتك في شخصية كمال عبدالجواد، وأحسست بالتوحد، لكن تعجبت جدًا حينما رأيتك تمثل روايات أخرى أبعد ما تكون عن شخصية كمال عبدالجواد أو الشاب الذي يبحث عن أصله وجذوره".
شرح نجيب محفوظ للفنان نور الشريف أن نجاحه في دور "زعتر النوري" في فيلم "أهل القمة"، ثم دوره في فيلم "الشيطان يعظ" لفت نظره جدًا لأنهما كان بعيدين عن مكوناته الأساسية، لذا عندما يمثل فيلم "أهل القمة" كان فرحًا وقلقًا في نفس الوقت، فرح لأن نور الشريف نجم وفنان كبير، وقلق لأن الدور بعيد عن مكوناته، لكن نجاحه في الفيلم دل على مرونته الفنية الكبيرة.
لم يرتبط الفنان نور الشريف بالأديب نجيب محفوظ فقط، بل كانت له تجربة معايشة مع الأديب توفيق الحكيم، واعترف أن هذه التجربة أسعدته كثيرًا لاقترابه من مفكر وفيلسوف أكثر من كونه روائيًا ومسرحيًا، قائلًا: "عندما التقيت به فوجئت بشخصية أخرى غير التي كنت أظنها، فهو إنسان مرح جدًا وخفيف الظل وحاضر البديهة إلى أقصى درجة، وبسيط بساطة لا يمكن أن يتخيل أحد أن يكون عليها المفكر والفيلسوف".
وحكى نور الشريف أنه عرف للمرة الأولى أن الهدهد يؤكل، أضاف: "في أحد الأيام طلب أن يأكل هدهد، وكانت هذه المرة الأولى التي أعرف فيها أن لحم الهدهد يؤكل".
وروج عن توفيق الحكيم أنه رجل بخيل، لكن نور الشريف كشف عن أنه وجد شخصًا آخر، قائلًا: "لقد أخجلني وكسر هذه القاعدة"، وحصل "الشريف" على "بيريه" توفيق الحكيم كهدية، وكان هذا الحدث مدهشًا لجميع العاملين في فيلم "عصفور الشرق" لم يصدقوا ما رأوه.