«قفزة رغم التحديات».. كيف حققت مصر معدلات كبيرة في تصدير مُنتجاتها؟
في قفزة جديدة سجلها الاقتصاد المصري، كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع قيمة صادرات مصر لمختلف دول العالم خلال الربع الأول من العام الجاري، لتسجل 14 مليار دولار مقابل 9.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2021 بزيادة بلغت 4.3 مليار دولار، وبنسبة ارتفاع قدرها 44.3%.
وعن الأسباب الرئيسية وراء تحقيق هذه الزيادة على الرغم ما يشهده العالم من أزمات، يحدثنا عدد من خبراء واستشاري الاقتصاد، الذين رأوا أن الدولة المصرية تعمل على قدم وساق خلال السنوات الأخيرة لخدمة كافة القطاعات، بجانب الدعم الذي يحصل عليىة المُصدّرين، واتباع سياسة خاصة بالتصنيع من أجل التصدير.
الشافعي: الاهتمام الرئاسي السبب
أكد الخبير الاقتصادي خالد الشافعي في حديثه لـ"الدستور" أن مصر استطاعت التغلب على كثير من المعوقات التي لم تنجح أمامها كثيرًا من الدول، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، ليس فقط بتوفير الإنتاج للسوق المحلية بل بتحقيق ما يمكن أن نطلق عيله قفزة اقتصادية شهد عليها السوق العالمي، موضحًا أن هذا يرجع في المقام الأول إلى الاهتمام الرئاسي بالملف الصناعي المصري، والذي كان له تأثير مباشر على زيادة الصادرات.
وتابع أن التوجيهات الرئاسية كان من شأنها تطويع كافة أجهزة الدولة لخدمة كافة القطاعات التي تشكل الاقتصاد المصري، وتأتي أحد أهم ثمار هذا التطويع هو مبادرة حياة كريمة التي رفعت من معدلات الاقتصاد المحلي بشكل مباشر وغير مباشر.
أما على سبيل السياسة الخارجية، أكد “الشافعي” أن العناية المبذولة من قبل الدولة في سبيل عقد اتفاقات دولية مع مختلف الدول كان له أثرًا إيجابيًا في تيسير التصدير بين البلدان المختلفة، وبالتالي زيادة مُعدلات التصدير.
وأضاف أن السياسات البنكية والمصرفية فيما اتبعته من إجراءات ميسرة لتسهيل الإجراءات الخاصة بفتح الاعتمادات، وغيرها من الأمور الخاصة بالتصدير واحدًا من العوامل التي أكدت صدق الرؤية الاقتصادية من البداية، وكان بالطبع له الأثر الإيجابي في رفع معدلات التصدير.
دياب: دعم الدولة للمُصدرين وصدور منظومة قانونية تحكم إجراءات التصدير
دياب محمد دياب، خبير إدارة الأزمات المالية، أوضح لـ"للدستور" أن أسباب ارتفاع معدلات الصادرات المصرية في الآونة الأخيرة ترجع إلى عدة عوامل؛ من ضمنها وجود بنية أساسية للاقتصاد القومي المصري عكست السهولة في استغلال أدوات الإنتاج لتعظيم مخرجات هذه الأدوات، أي ما يعني "رفع الكفاءة الإنتاجية للاقتصاد القومي المصري"، وهو ما أدى بدوره إلى تيسير النشاط التصديري، وخاصة على مستوى الحاصلات الزراعية.
وتابع أن صدور منظومة قانونية تحكم إجراءات التصدير، كان له الأثر في زيادة معدلات التصدير، بالإضافة إلى الحوافز الاستثمارية في مجال نشاط التصدير الممنوحة من الدولة للمُصدرين من ضمنها العديد من الإعفاءات الضريبية.
وأضاف دياب أنه بين العوامل التي لعبت دور كذلك في تحفيز النشاط التصديري، هو دعم الدولة للمُصدرين من خلال منحهم دعم يُحدد على حسب السلع يتراوح بين 1500 و2000 جنيه على الطن الواحد.
ولفت خبير إدارة الأزمات المالية إلى أن تيسير الإجراءات الجمركية من شأنه هو الآخر تيسير نقل السلع وتصديرها للخارج، بالإضافة إلى المٌميزات التي منحتها الدولة للمجلس التصديري؛ مثل استحواذه على بعض الصلاحيات التي من شأنها تيسير إجراءات التصدير.
مستشار وزير التموين: ارتفاع القيمة المُضافة يعني ارتفاع التصدير
أكد الخبير مدحت نافع الخبير الاقتصادي ومستشار وزير التموين في حديثه لـ"الدستور" أن نسبة الارتفاع الكبيرة في معدلات التصدير تظهر جليًا بالمقارنة بذات الفترة من العام السابق، والتي فيها عانت الدولة مثلما عانت دول العالم من خمول اقتصادي واضح بسبب العديد من العوامل، يأتي أهمها جائحة "كوفيد" وما تبعته من عوائق في جميع المجالات، وكذلك بداية الحرب الروسية الأوكرانية وما سببته من أزمات اقتصادية عالمية.
تابع أنه مع جهود الدولة المختلفة بدأ التعافي الاقتصادي في الظهور بشكل قوي، موضحًا أنه بين أهم هذه الجهود هو تركيز الدولة على الاهتمام بنشاط التصدير، وتعويض نقص العملة الأجنبية، وتشجيع تصدير السلع التحويلية ومن بينها المعادن و الصناعات الثقيلة، وذلك من أجل الحصول على القيمة المُضافة، مشيرًا إلى أن ارتفاع القيمة المُضافة يعني بالتبعية ارتفاع مُعدلات التصدير.
ولفت “نافع” أن مصر ما زالت تواجه العديد من التحديات الاقتصادية، والناتجة عن عدد من العوامل منها ضبابية الحرب الروسية الأوكرانية حتى الآن، وكذلك استمرار جائحة كورونا، بالإضافة إلى إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، ما يتطلب المزيد من الجهود الاقتصادية من الدولة المصرية لمواجهة هذه المعوقات.
أبو علي: مصر اتّبعت سياسة تصنيع من أجل التصدير
أوضح أحمد أبو علي، الخبير الاقتصادي، في حديثه لـ"الدستور" أن ارتفاع معدلات الصادرات المصرية إلى جميع دول العالم مرتبط ارتباطًا وثيقًا بارتفاع معدلات الإنتاج المحلي، مُشيرًا إلى أن هذا يرجع إلى سياسة الدولة بالاهتمام بالتصنيع ليس فقط بهدف سد حاجة السوق المحلي، ولكن بهدف التصنيع من أجل التصدير.
وتابع أن هذا الاهتمام ظهر جليًا من خلال تبني الدولة لسياسة التنمية المُستدامة، والهدف الواضح الذي وضعته نصب أعينها بأن تصل معدلات التصدير في مصر إلى مئة مليار دولار.
وأكد أحمد أبو علي أنه في سبيل ذلك اهتمت الدولة بتقديم الدعم الكامل لكافة الصناعات، كما التفتت إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بعد أن كان هذا الملف مُغفل عنه طوال العديد من السنوات، وبالتالي ساهم هذا الاهتمام في زيادة الإنتاج المحلي من السلع والاكتفاء، مما أدى إلى خفض الاستيراد في مقابل ارتفاع التصدير.
المبادرات البنكية العديدة وتسهيلات القروض كذلك كان لها يد هي الأخرى في زيادة معدلات التصدير -حسب “علي”، بالإضافة إلى تعزيز فرص الاستثمار.
تابع المُحلل الاقتصادي أن اهتمام الدولة بملف العلاقات الخارجية والزيارات الرئاسية المُتعددة للكثير من الدول طوال السنوات الماضية كان لها دورًا كبيرًا في فتح المزيد من الأسواق العالمية أمام المُنتج المحلي، وبالتالي زيادة فرص التصدير.
ولفت “علي” كذلك إلى أن أحد أهم أسباب ارتفاع معدلات التصديرالمصرية أيضًا هو الاهتمام بجودة المنتج المصري ومطابقته لأعلى المعايير العالمية، موضحًا أن المنتج المصري كان يواجه كثيرًا في السابق برفض التصدير نتيجة توقيفه في الجمارك بسبب عدم مطابقته لمواصفات الجودة العالمية، وهو الأمر الذي تغير حاليًا ليصبح المنتج المصري أحد المنتجات المنافسة مع غيره من المنتجات في الأسواق العالمية.
الملاح: موقع مصر وتحرير سعر الجنيه سبب هام لزيادة التصدير
أوضحت هدى الملاح مدير المركز الدولي للاستشارات، أن واحدة من أهم الصادرات المصرية هي صادرات الملابس، مشيرة إلى أن هذه السلعة راجت رواجًا كبيرًا في السوق العالمية نتيجة رخص المنتج المصري بالمقارنة بغيره من المنتجات.
وأشارت “الملاح” كذلك إلى أن تحرير سعر الجنيه المصري أمام سعر الدولار واحدًا من الأسباب التي جعلت قيمة السلع المصرية المُصدرة للخارج أقل ثمنًا من غيرها، وبالتالي أدى ذلك إلى زيادة الطلب على المنتجات المصرية، مما يعني ارتفاع تصديره.
وتابعت مدير المركز الدولي للاستشارات أن عامل الموقع الاستراتيجي لمصر أيضًا هو أحد أهم العوامل التي لها دورًا كبيرًا في ارتفاع الصادرات المصرية بشكل عام، مُشيرة إلى أن تمتع مصر بوجود قناة السويس التي تربط بين جميع القارات من شأنه أن تكون هي المنفذ الأقرب والأقل تكلفة لأغلب الدول.