«استشعر الخوف.. وأقدم على ما تخاف».. الجزء الثاني
الخوف شيء غريزي، وهو أمر يساعدنا ويحمينا أحيانًا، ولا أحد منا لا يخاف من شيء ما أو على شيء ما، فعندما نحب نخاف من فقدان من نحبهم وعندما نقدم على اتخاذ قرار نخاف من النتائج المترتبة على هذا القرار خاصة إذا كان له تأثير كبير على حياتنا فيما بعد كالسفر، الارتباط، الانفصال، اختيار وظيفة ما أو تغيير المسار الوظيفي، بالإضافة إلى الاختيارات والقرارات التي نتخذها بشكل يومي.
توضح الدكتورة سوزان جيفرز، في كتابها «استشعر الخوف وأقدم على ما تخاف»، أن الخوف لا يمكننا أن نوقفه أو نتجاهله ولكن يمكننا أن نتعامل معه كصديق نستفيد منه لا كمعوق لحياتنا.
وفي السطور التالية، تقدم الدكتورة سوزان جيفرز، بعض النصائح للتغلب على الخوف:
- تعامل مع نفسك على أنك طالب سيظل طوال حياته في جامعة كبيرة، منهجك الدراسي هو كل علاقاتك مع العالم الذي تعيش فيه منذ لحظة ولادتك وحتى مماتك، تعد كل تجربة درسًا قيمًا تتعلم منه. إذا اخترت الطريق (أ)، سوف تتعلم مجموعة من الدروس، وإذا اخترت الطريق (ب)، فسوف تتعلم دروسًا مختلفة، وهكذا.
- اعط نفسك الوقت لتفكر فيما تريده من الحياة، وهذا أمر صعب اكتشافه بالنسبة لأغلبنا ثم حدد أولوياتك، وهذا سيتطلب منك أن تبحث في داخلك.
- تذكر أن أهدافك تتغير دومًا مع تقدمك في الحياة، لذا عليك أن تقيمها طوال الوقت.
- لا تتحدث عن قراراتك مع من يجعلونك تشعر بالاستياء من نفسك.. أشخاص يحبطونك ويغلقون الفرص المفتوحة أمامك، فهؤلاء غير مناسبين وليس عليك سوى أن تشكرهم بأدب وتبحث عن آخرين يدعمونك.
- لا تتردد في التحدث عن خططك لمجرد خوفك أن تبدو فاشلًا. إذا لم تنجح.. تخلى عن كبريائك، فعدم البحث والتقصي يحرمنا من مصادر قيمة للمعلومات"، وتذكر أنك لن تكون فاشلًا إذا لم تنجح، ولكنك ستنجح إن حاولت.
- إخراج أفكارك للنور من خلال التحدث عنها لبعض الناس يعرضك للانتقادات لكن هذا الأمر لن يكسبك معلومات قيمة فحسب، ولكنه سيوضح مدى نيتك وعزيمتك للمضي قدمًا لتحقيق أفكارك، وتعد النية أداة قوية لتحقيق ما تريده في الحياة.
- تذكر أنه ليس هناك قرار صحيح أو خطأ، فإذا خسرت بعض المال نتيجة اختيار اتخذته فليست هناك مشكلة بإمكانك أن تجني المزيد، وإذا فقدت محبوبًا فيمكنك أن تعثر على آخر، وإذا اخترت الطلاق، سوف تتعلم أن تعيش بمفردك وإذا اخترت الزواج، سوف تتعلم التعامل مع الأمور من منطلق المشاركة.
- بعد اتخاذ القرار، تحمل مسؤولية قرارك كاملة وابذل أقصى ما في وسعك ولكن إذا لم تسر الأمور بشكل جيد، فغيره.
- عندما تقرر تغيير الطريق، كثيرًا ما ستواجه بانتقادات من المحيطين بك، ما الذي تعنيه أنك تريد أن تغير حياتك المهنية؟ مثال: لقد أضعت خمس سنوات من عمرك في دراسة الهندسة، هل أنت مستعد للتضحية بكل هذا الوقت والجهد؟ اشرح للآخرين أنه ليست هناك مضيعة للوقت أو الجهد، فقد كان هذا هو القرار المناسب في ذلك الوقت، ولقد تعلمت الكثير من هذه التجربة ولكنه لم يعد القرار المناسب الآن، وحان وقت التغيير.
- للأسف هناك الكثير من الناس العالقين في مواضعهم في الحياة بسبب أنهم استثمروا كثيرًا من الوقت والجهد في شيءٍ ما، ولا يريدون تغيير المسار رغم أنه لم يعد يناسبهم.
خطوات للتحرر من الخوف
- قل "نعم" لعالمك .. تشير كلمة "العالم" إلى كل الأمور التي لا نستطيع أن نسيطر عليها، فكثيرًا ما نتحرك في اتجاه معين فيحدث أمر غير متوقع يغير كل شيء، فنشعر بالكثير من الخوف ونتوقع الاسوأ، لذا تذكر أن قول " نعم " هو أهم علاج لمخاوفنا، قول نعم يعني التحرر من المقاومة والسماح لكل الاحتمالات التي يقدمها لنا الكون لرؤية العالم بطريقة جديدة، قول نعم لا يعني الاستسلام أو التوقف عن العمل لكنه يعني النهوض والتصرف بدافع إيمانك أنك قادر على إيجاد معنى وهدف في كل ما تقدمه الحياة لك مهما يكن.
- أحد أهم الدروس التي يجب أن تتعلمها في الحياة هي كيفية العطاء، وهنا يكمن سر خوفنا، أغلبنا يعمل في ظل نظام مقايضة خفي، وعدد قليل من الناس هو الذي يعطي أي شئ دون أن يتوقع شيئًا في المقابل سواء مال أو تقدير أو حب.
- قدم الشكر: أبدأ بالتفكير في الأشخاص الموجودين في حياتك الآن، وأهم شخصيات كانت في حياتك فيما مضى، أكتب أسمائهم على ورقة ثم أكتب قائمة بما قدمه لك كل منهم بطريقته الخاصة حتى لو سببت لك ألمًا وكنت تكرهه بشدة، أكتب ما أضافه إلى حياتك.
- بمجرد أن تكتب كل المكافآت التي حصلت عليها من مختلف الأشخاص الموجودين في حياتك، اشكرهم بالترتيب، وإذا كنت لم تر أحدهم أو تسمع عنه منذ فترة ففاجئه باتصال أو خطاب شكر على ما قدمه لك في حياتك، وسوف تندهش من المتعة التي ستحصل عليها من قيامك بذلك.
- قد تجد صعوبة في القيام بذلك مع أشخاص معينين في حياتك مثل شريك حياتك السابق ـ وصديقك السابق أو رئيسك السابق أو أبويك الذين تخلوا عنك ولكن تذكر أننا بحاجة إلى التخلص من الألم والغضب قبل أن نشعر بالحب، وعندما نكن مشاعر سلبية تجاه أشخاص كانوا في حياتنا فيما مضى فإننا نحمل معنا هذه المشاعر في الحاضر والأمر لا يقف عند هذا الحد ولكننا نمرض أنفسنا أيضًا.
- يرفض عدد كبير من الناس التعبير عن الشكر لأنهم لا يعرفون مدى أهمية هذا الشكر، تذكر أن شكرك يحدث فارقًا، ولا تترك أي فرصة لتشكر من قدم لك أي شيء على الإطلاق.
- قدِّم المدح.. يجد أغلبنا أن المدح يكون أصعب عندما نقدمه لأقرب الناس إلينا أزواجنا وأبناءنا وأصدقائنا ولكننا عندما نمتدح الأشخاص الموجودين في حياتنا فإننا نتحرر من السلبية ونفتح الباب لهم لإظهار الحب نحونا والتعبير عنه.
- قدم الحب.. عندما نترك شخصًا يكون على طبيعته دون محاولة لتغييره، فهذا هو ما يعنيه تقديم الحب. عندما نثق أن هذا الشخص قادر على التعامل مع حياته بنفسه، ويتصرف بناءً على ذلك، فهذا هو ما يعنيه تقديم الحب، عندما نتحرر ونسمح للآخرين بأن يتعلموا ويتقدموا دون أن نشعر بأن كياننا مهدد بالخطر، فهذا ما يعنيه تقديم الحب، قال "رولو ماي" في كتابه «Man’s Search For Himself»، عادةً ما نخلط بين الحب والاعتماد على الآخرين، ولكن في الواقع، يجب أن يتناسب الحب الذي تقدمه مع قدرتك على الاستقلال.
- يبدو أن عددًا كبيرًا منا يبحث عن شيء خارجنا لنكمل به حياتنا، حيث نشعر بالوحشة والوحدة والفراغ ومهما فعلنا أو امتلكنا لا نشعر بالامتلاء التام.. أعتقد أن ما يبحث عنه أغلبنا حقًا هو الوجود الروحاني بداخلنا ـ الذات السامية - المكان الذي ينبع منه الحب والطيبة والبهجة ـ وإذا لم تتصل بالجزء الروحي بداخلك، فلن تشعر بالرضا أبدًا.
- إذا استمعت إلى حديث النفس السلبي، فإن تجربتك في الحياة تجلب لك الخوف، وإذا استمعت إلى ذاتك السامية، فسوف تصبح تجربتك في الحياة ممتعة وغزيرة ولا تحتوي على أي خوف.
- أكبر مشكلة تواجهها في حياتك هي عدم الصبر، تذكّر أن عدم الصبر هو طريقة تعاقب بها نفسك فهو يسبب لك التوتر وعدم الرضا والخوف، الصبر يعني معرفتك أن الأمر سيحدث وعليك إعطائه الوقت اللازم لحدوثه.
مھما كنت، وأينما عشت، ومھما كان ما تواجھه في الحياة، فإننا جمیعًا نشعر بالخوف، ولكن الخوف لا يجب أن يمنعنا من عيش حياة ثرية وجميلة، فبإمكاننا أن نتغلب على مخاوفنا من خلال الأدوات القوية التي توجد بين طيات ھذا الكتاب.