هُنا غرق آلاف المصيفين..
بعد غلق «شاطئ النخيل».. ماذا يحدث داخل «قرية الموت»؟
أطلق عليه البعض «شاطئ الموت»، بعد أن راح ضحيته آلاف المصيفين في السنوات القليلة الماضية، رغم التحذيرات المتتالية التي تُطلقها محافظة الإسكندرية عامًا تلو الآخر، لكن لا أحد يسمع، فالقرية تشهد إقبالًا كثيفًا خلال فترة الصيف، ودائمًا ما يفقد الزوار ذويهم بداخلها.
«شاطئ النخيل».. الاسم الذي أرعب المواطنين وجعل مُلاك الوحدات السكنية بداخل القرية يفرون بعيدًا عنها، عاد مجددًا ليتصدر عناوين الصحف والمواقع الإخبارية، ويحذر المصيفين من الذهاب إلى هناك إطلاقًا، وذلك بعد تحذير محافظة الإسكندرية من خطورة الشاطئ العالية، ومنع النزول به نهائيًا حفاظًا على سلامة وأرواح المواطنين.
حبيب: نحاول تقليص عدد الوفيات داخل «شاطئ النخيل» بقدر الإمكان
داخل شاطئ النخيل، الذي شهد حالات غرق عدة خلال السنوات الأخيرة، تواصلنا مع محمد حبيب، أحد الغواصين المسئولين عن تأمين الشاطئ، والذي عبر عن غضبه الشديد حول ارتفاع عدد الوفيات داخل هذا الشاطئ تحديدًا.
قال «حبيب»، في حديثه لـ«الدستور»، إنه يعاني بشدة من الإقبال الكثيف على شاطئ النخيل، وعدم تجاوب المصيفين مع تحذيرات فرق الإنقاذ، وإصرارهم على الغوص داخل المياه رغم خطورتها الشديدة وسحب الأمواج الذي لا يمكن السيطرة عليه، موضحًا أن هناك العديد من الغواصين الذين تركوا الشاطئ نهائيًا، خوفًا من التعرض للموت أثناء إنقاذ الغرقى.
وأضاف: «نرى الجثث بشكل يومي تقريبًا، ونعاني جميعًا من مشكلات نفسية حادة بعد التعامل معها، لكن ذلك لا يمنعنا من أداء مهمتنا التي كُلفنا بها، وخضنا العديد من التدريبات لأدائها، آملين أن يستمع لنا المصيفون ويمتنعون عن الدخول إلى المياه أثناء تيار السحب الشديد».
وأشار إلى نوبات العمل الليلية التي يقضيها برفقة زملائه أمام البحر، بحثًا عن الجثث المفقودة وتقديم المساندة الكافية لأهالي المتوفين، ووجه أيضًا الشكر لجهاز مدينة 6 أكتوبر المسئول عن القرية السياحية، لتقديمه كافة وسائل الإنقاذ المستحدثة، وتعويض الغواصين والمراقبين عن المعاناة التي يعيشونها.
لا توجد فرق إنقاذ في حالة التسلل
معتز العمري، أحد ملاك العقارات بـ«شاطئ النخيل»، يقول في حديثه لـ«الدستور»، إن الأزمة ليست جديدة بل تجاوز تكرارها 10 أعوام، ومازال الخطر يداهم المصيفين حتى وقتنا هذا، ورغم غلق الشاطئ بأكمله إلا أن هناك أشخاصًا يقومون بالتسلل إليه في خفاءٍ تام.
وأكد «العمري» أن السبب الرئيسي في انتشار حوادث الغرقى داخل «شاطئ النخيل» هو السحب الذي تنجرف فيه الضحية لعرض البحر في ثوانٍ معدودة دون أي إدراك أو قدرة على المقاومة.
واختتم الرجل الأربعيني حديثه: «في حالة تسلل المواطنين إلى الشاطئ أثناء غلقه، تزداد نسبة الخطورة، لأن فرق إنقاذ الشواطئ ليست موجودة في ذلك الحين، وإذ تعرضوا للغرق لن يسمع أحد استغاثاتهم، وأغلب حالات الغرق تحدث بين الساعة الرابعة فجرًا والسابعة صباحًا».
خبير: «النخيل» هو الأعلى في تصنيف غرقى الشواطئ
وبالتواصل مع الدكتور محب إسكندر، خبير بحوث الشاطئ، اتضح أن محافظة الإسكندرية، وبالأخص «شاطئ النخيل»، تُعد من أكثر المحافظات تعرضًا لحوادث الغرق سنويًا، مرجعًا سبب حدوث ذلك إلى عدم استماع المصيفين إلى تحذيرات الجهات المعنية بعدم الذهاب إلى «شواطئ الموت» نهائيًا.
وحذر «إسكندر» المواطنين الذين يتعرضون للغرق من السباحة بالعرض خلال التعرض لتيار مائي ما، لأن التيار البحري المرتجع يُعد سببًا رئيسيًا في انتشار حوادث الغرق، خاصة بعد أن تجاوز عدد الأماكن الخطرة في محافظة الإسكندرية 30 بقعة.
وأشار الخبير أيضًا، خلال حديثه مع «الدستور»، إلى ضرورة توافر صخور غير مدببة بالشواطئ الخطرة، بهدف منع تعرض المصيفين إلى الإصابات أثناء السباحة في البحر، فضلًا عن الدور التوعوي الذي يقع على عاتق محافظة الإسكندرية والأجهزة المسئولة عن تأمين الشواطئ، وأيضًا تواجد فرق الإنقاذ بكثافة داخل جميع شواطئ الإسكندرية.