في الذكرى المئوية الثانية لاكتشافه.. سر لغات حجر رشيد الثلاثة ورسالته للمصريين
سلطت مجلة "لايف ساينس" الأمريكية، الضوء على حجر رشيد الذي نجح العلماء باستخدامه في فك رموز الهيروغليفية المصرية القديمة، وهو عبارة عن لوح من الجرانيت الأسود منقوش عليه ثلاثة نصوص قديمة، اثنان مصري والآخر يوناني، والتي ساعدت في نهاية المطاف الباحثين في فك رموز الهيروغليفية المصرية القديمة، التي فشل المؤرخون لعدة قرون في ترجمتها ولكن لماذا قام الكتبة القدامى بتضمين ثلاثة أنواع مختلفة من الكتابة أو النصوص على هذا الحجر الأيقوني في المقام الأول؟
سر لغات حجر رشيد الثلاثة
وأكدت المجلة، أن سبب وجود ثلاثة نصوص للحجر يعود في النهاية لإرث أحد جنرالات الإسكندر الأكبر، حيث يرتبط النص اليوناني الموجود على الحجر بالسلالة البطلمية في مصر، التي أسسها بطليموس الأول سوتر، وهو جنرال مقدوني يتحدث اليونانية من عائلة الإسكندر، الذي احتل مصر عام 332 قبل الميلاد، واستولى بطليموس الأول سوتر على البلاد بعد تسع سنوات بعد وفاة الإسكندر، وكانت كليوباترا، التي توفيت عام 30 قبل الميلاد، آخر حاكمة نشطة من سلالة البطالمة.
وتابعت أن الحجر لا يرتبط ببطليموس الأول سوتر، ولكن مع نسله بطليموس الخامس إيبيفانيس، الذي كان لدى كهنته رسالة منقوشة مؤلفة من ثلاثة نصوص مختلفة لعب كل منها أدوارًا اجتماعية مهمة خلال سلالة البطالمة، من أجل سهولة التواصل مع كافة الفئات في هذا الوقت وربط الحضارة الفرعونية القديمة مع اليونانية والمصرية الحديثة.
وأضافت أن حملة عسكرية فرنسية كانت جزءًا من غزو نابليون لمصر كشفت عن حجر رشيد في عام 1799 أثناء بناء حصن في بلدة رشيد، والحجر ليس كامل، فهو جزء مكسور من لوح أكبر، ولكن على الرغم من أنه يفتقد جزءًا كبيرًا من الحروف الهيروغليفية من القسم العلوي المفقود منذ فترة طويلة ، إلا أن الحجر له نفس الرسالة المنحوتة فيه في ثلاثة أنواع مختلفة من الكتابة اليونانية القديمة والهيروغليفية المصرية والخط الديموطيقي المصري وهو خط استخدمه المصريون بين القرن السابع قبل الميلاد والقرن الخامس بعد الميلاد.
قال فوي سكالف، رئيس أرشيفات الأبحاث وباحث مشارك في المعهد الشرقي بجامعة شيكاغو "تم استخدام النص الديموطيقي المصري لأنه كان اللغة المعاصرة المستخدمة في الكلام اليومي وكذلك المستندات الإدارية، أما اللغة الهيروغليفية فكانت تستخدم حتى حلول العصر البطلمي في النقوش والسجلات الرسمية وكان يعتبرها الكتبة المصريون نسخة كلاسيكية من لغتهم والتي كان يجب أن تضاف لأي نص، حيث كانت تستخدم هذه اللغة لأنها تحاكي اللغة المصرية المرتبطة بفترة المملكة الوسطى في مصر، والتي امتدت من حوالي عام 2044 قبل الميلاد حتى عام 1650 قبل الميلاد".
وتابع "اللغة اليونانية القديمة نمت في مصر لتصبح مستخدمة على نطاق واسع بين الطبقة المتعلمة خلال سلالة البطالمة، وكان هناك علماء حديثون ما زالوا يفهمونها في وقت اكتشاف حجر رشيد، وعلى هذا النحو ، ساعد الحجر الباحثين في فك رموز الكتابة الهيروغليفية المصرية والخط الديموطيقي، وهما نصان مختلفان للغة واحدة، وفقًا لمركز الأبحاث الأمريكي في مصر.
ما هي رسالة حجر رشيد؟
وبحسب المجلة الأمريكية، فمن المحتمل أن تكون الرسالة الموجودة على حجر رشيد قد كتبها مجلس الكهنة في مدينة ممفيس المصرية، وهي عاصمة قديمة تبعد حوالي 15.5 ميلاً جنوب القاهرة، حيث نحت الكهنة الحجر في عام 196 قبل الميلاد، خلال السنة التاسعة من حكم بطليموس الخامس، الذي ورث العرش في سن الخامسة وتوج رسميًا في سن الثالثة عشر.
وتابعت أنه كتابة المرسوم على الحجارة المقامة في جميع أنحاء مصر قد اتبعت النمط السابق للتصريحات الرسمية، حيث قال سكالف: "صدرت مراسيم بثلاث لغات مماثلة من قبل ، مثل تلك التي أصدرها بطليموس الرابع فيلوباتور بعد معركة رافيا في 217 قبل الميلاد، وبطليموس الثالث يورجتس في مرسوم كانوب لعام 238 قبل الميلاد، وبالتالي، في حين أن مثل هذا المرسوم لم يكن بالضرورة أمرًا قياسيًا، إلا أنه يتبع سابقة راسخة".
وتابع "السياق الذي نُقِش فيه المرسوم يلقي الضوء على سبب كتابته بثلاثة خطوط مختلفة، عندما اجتمع الكهنة في ممفيس لنحت الحجر، كان الوضع السياسي في مصر معقدًا".