حكايات من الأسواق
«ست الهوانم» تفترش الطريق: أناجي الله ليرحم ابنتي من عذاب السرطان (صور)
«ست الهوانم» لقب لطالما التصق بـ مسعدة عبدالعزيز، 53 عامًا، والتي ارتحلت من مدينة كفر الشيخ لتسكن في السيدة نفسية بحي مصر القديمة، التابع لمحافظة القاهرة لتبيع البامية والملوخية الفلاحي التي يجلبها لها أقاربها الذين يتوافدون لزيارتها.
"مسعدة" يعلو وجهها التعب ذات البشرة السمراء بسبب حرارة الشمس التي تمكث بها لساعات وعيون تربع فيها الحزن تفترش الأرض بقفة من البامية، ومعاها الملوخية الفلاحي بمجرد أن تقترب منها تري الهم يجلس بجوارها، وهي تحسب ما جنته اليوم.
حكاية« ست الهوانم» في ربوع القاهرة
لم تأت ِ «ست الهوانم» للقاهرة لتجني المال أو للعمل ببيع الخضروات، إنما هذا ما فرضه القدر عليها بعدما أصيبت ابنتها الكبرى ذات الـ 30 عامًا بسرطان القولون منذ عامين تقريبًا، وبعد أن ارتحلوا بين مستشفيات الأورام المحيطة بهم، حولهم الطبيب لمعهد الأورام التابع لجامعة القاهرة ووزارة التعليم العالي بكورنيش النيل، وذلك لدقة حالة" نسمة"- الابنه المريضة، حسبما سردت مسعدة عبدالعزيز، خلال حديثها لـ«الدستور».
الوحدة المميتة: رحلة الإصابة بسرطان القولون
أصيبت الفتاة ذات الثلاثين عامًا بسرطان القولون بعد زواجها بـ3 أعوام، إذ كانت تعاني من ألم شديد بالمعدة، ويصاحبه نزيف شرجي ونقص في الوزن غير طبيعي، الأمر الذي جعلها تشعر بالكسل والخمول، في البداية أخبرها الأطباء أنه التهاب شديد في القولون ووصفوا لها بعض العقاقير الطبية، التي لم تجدِ نفعًا، لتجد نفسها بعد عام واحد مصابة بالسرطان، لتقول والدتها:" البنت كان حالتها صعبة جدًا وده قصّر بشكل كبير على صحتها ومجهودها اليومي، فتحولت لشخص ضعيف لا يقدر على الواجبات اليومية ولا الزوجية، ليقرر زوجها تطليقها وتركها وحدها تصارع الوحدة والمرض".
وتابعت الأم: "لن اترك ابنتي بهذه الحالة وأراقبها في صمت، بل بعت كل ما أملك للتكفل بكافة مصاريف العلاج، والذهاب لأمهر الأطباء، الذين أجمعوا أنها اكتشفت المرض في وقت متأخر، لذلك فرض عليها العلاج بجلسات الكيماوي، التي أوجبت حضورها للقاهرة، لدقة أصابتها وحالتها الحرجة:"حينما تركها زوجها شعرت بالوحدة والهلع، وحاولت الانتحار لكنني تصديت لها، وذهبت بها لأحد المشايخ الذي تحدث معها، عن ثوابها عند الله، وضرورة التزامها بالصبر".
بين الغربة والأمل بالشفاء: رحلة «مسعدة» مع العمل بالقاهرة
وقالت مسعدة، لـ«الدستور»، إن عملها بالقاهرة لم يكن سهلًا، إنما فرض عليها عدد كبير من التحديات، لافتة إلى أنها في البداية كانت تنفق من الأموال التي طلبتها معها بعد أن باعت أرضها ومنزلها، لكن العيش في القاهرة أغلي من القرى، الأمر الذي زاد العبء على كاهلها، فقررت شراء بعض الخضروات وبيعها في الأسواق، حتى تتمكن من تحمل أعباء الحياة، وعلاج ابنتها.
أما عن لقب «ست الهوانم» الذي لاحقها في القرية للقاهرة، مؤكدة أن اللقب أطلقه عليها أهل قريتها بعدما ورث إرثًا كبيرًا بعد وفاة جدها الذي كتب لها ثلث أرضه لتجد نفسها وهى في الخامسة عشر لديها أرضها الخاصة، ووالدها يراعيها وبعد أعوام توفي لترث مرة أخرى، فتملك أرضًا أكثر من رجال عائلتها، ليطلق عليها للجميع «ست الهوانم».
واختمت مسعدة حديثها ل،"الدستور" بالقول إنها تحلم بتعافي ابنتها من المرض اللعين الذي نهش حياتها وسلبها شبابها، متمنية ألا يصاب أحد به وأن يساندها الله في محنتها ويكن ذخرًا لها.