«العربية لحقوق الإنسان»: مؤتمر تحديات الحق في الخصوصية «محطة سباقة»
قال علاء شلبي، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن المؤتمر الدولى حول تحديات حماية الحق في الخصوصية في ظل تطورات الذكاء الاصطناعي، يشكل محطة سباقة إقليمياً وعالمياً في تناول أحد أخطر التحديات التي تكبل تقدم حقوق الإنسان، كما أنه محطة سباقة في سياق الشراكة الفريدة التي توجت بتعاون مؤسسي بين الإدارة المصرية المختصة بحقوق الإنسان وبين أقدم منظمة حقوقية عربية، بما يؤسس مستقبلاً لتعزيز التكامل والتعاون نحو تحقيق الأهداف المنشودة في تنمية احترام وتعزيز حماية حقوق الإنسان ضمن أبعاد تطبيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي تبنتها مصر العام الماضي، والإعلان الرئاسي للعام 2022 "عاماً للمجتمع المدني".
وأضاف شلبى، خلال كلمته فى المؤتمر الدولى الذى يعقد حول تحديات حماية الحق فى الخصوصية فى ظل تطورات الذكاء الاصطناعي، أن هذه الشراكة تكلل التعاون المؤسسي الذي تم في مطلع مايو الماضي بين وزارة التضامن الاجتماعي والمنظمة في سياق تفعيل المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" التي تعد حجر الزاوية في استكمال الجهود المبذولة لتعزيز الإدماج الاجتماعي وإعمال شامل للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن المسار التنموي في مصر، وترسم خطاً نهائياً لعقود من التهميش والإقصاء الاجتماعي.
ولفت الى أن المؤتمر يناقش حماية الحق في الخصوصية في سياق ثورة الذكاء الاصطناعي، وهي الثورة المذهلة، وذات الفوائد الهائلة للأسرة الإنسانية، متابعا: "ومثل كل منجزات الحضارة الإنسانية، يكون للمنجزات وجه آخر ينذر بمخاطر ويثير القلق، وتعد حماية الخصوصية أكثر هذه الوجوه إثارة للقلق، سيما وأنه يجري التعامل مع إهدارها باعتباره تحصيل حاصل وشر لابد منه".
وأضاف رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان قائلا: "لقد شرع فريق باحثي منظمتنا قبل نحو عامين ونصف في رصد وتحليل تأثير ثورة الذكاء الاصطناعي المتسارعة على إعمال الحق في الخصوصية بصفة خاصة، ومختلف حقوق الإنسان بالتبعية، وأود أن أعبر عن انطباعيين شخصيين، أعتبرهما جوهريين:أولهما: أن تطورات الذكاء الاصطناعي اليوم هي أضعاف مضاعفة لما كان عليه الحال قبل بدء البحوث من عامين ونصف، كما أن الفوائد التي حققتها البشرية خلال هذه الفترة الوجيزة على صعيد العلوم المختلفة فوائد جبارة فعلاً، وأذكر منها على سبيل المثال ما تحقق في علوم الطب نموذجاً، مثل تقنيات الاتصال للأشخاص ذوي الإعاقات السمعية والبصرية، وإجراء الجراحات الدقيقة، والاكتشاف المبكر للأورام، وهي فوائد لا يمكن التهوين منها أو الاستخفاف بها، بل ومن المنشود أن تتواصل لفائدة البشرية، ثانيهما: أن التأثيرات السلبية لثورة الذكاء الاصطناعي على الحق في الخصوصية باتت تشكل أحد مصادر الخطر الرئيسية على العديد من حقوق الإنسان الأساسية وحرياته العامة، وهو خطر يتزايد في ظل تدني قدرة الإنسان المعاصر على تجنب مصادر سلب خصوصيته، وتعريض نفسه لانتهاك حرمة الحياة الخاصة وسرية المراسلات والتفاعلات. ويدرك الجميع هذه الآثار السلبية من خلال تأثرنا جميعاً بضغوط التسويق والدعاية الإعلانية التي تعتمد على إفشاء معلوماتنا وبياناتنا وتحليل ميولنا وأنماط سلوكياتنا الشخصية لأغراض تنمية سلوكياتنا الاستهلاكية".
وأشار إلى أن التأثيرات السلبية لتطورات الذكاء الاصطناعي على البشرية لا تنال فقط من الإنسان المعاصر، بل تمتد أيضاً - وبحكم كونها أداة تأثير عابرة للحدود لتعصف بسيادة الدول، وإضعاف حصانتها السياسية والأمنية، وحماية سرية نواياها التنموية في اقتصاد عالمي تنافسي، فضلاً عن إتاحة الفرصة لدوائر التأثير بالنيل من ثوابتها القيمية، مضيفا: "وكما أن الفقر ليس قدراً مقدوراً، بل هو من صنع الإنسان، فإننا نرفض بيقين أن يكون إهدار الخصوصية شراً لابد منه، لأنه شر يستحيل التعايش معه، كثيراً كان أو قليلاً. وكما أن كثير من المشاكل ذات الطبيعة العالمية يصعُب معالجتها فرادى، فإن حماية الخصوصية هي أيضاً قضية عمل جماعي دولي بالأساس".
وشدد على أن الالتزام القاطع بحماية حقوق الإنسان يقع على عاتق كل دولة على حدة، كما على عاتق المجتمع الدولي بشكل جماعي، مضيفا: "وهو التزام لا يمكن أن تسلبه منا أرباح الشركات المشغلة للتقنية، وهي الأرباح التي تنامت تقريبياً من 2 تريليون دولار أمريكي لأكبر 23 شركة في العام 2015 - بنسبة 2.8 % من الناتج العالمي، إلى 11.7 تريليون دولار أمريكي لـ 7 شركات فقط في مطلع العام 2022 - بنسبة 12 % من الناتج العالمي، وبينما ندرك أن الدول الصناعية الكبرى تجد ذاتها المستفيد الأكبر من هذا التنامي المذهل في الأرباح الاقتصادية، ومن التنامي في القدرة لتعزيز هيمنتها السياسية والاقتصادية على النظام الدولي، فضلاً عن ضمان تفوقها العسكري والأمني، فإن الواجب على غالبية الدول الأعضاء في نظام الأمم المتحدة لحماية حقنا في الخصوصية – وهي غالبية عددية ساحقة - واجبها التصدي لهذا التغول الضار جداً بها - وبمواطنيها - وباقتصاداتها، ويشكل الالتزام باحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان نقطة المدخل الجوهرية والأداة القوية لتحقيق حماية الخصوصية".