النجاح قد يأتى فى لحظة!
لم يكن يدرى وهو داخل بيته يتناول عشاءه مع أسرته أن حياته سوف تتبدل فى دقائق قليلة قادمة، وسوف يذيع اسمه فى العالم بأسره.
طرق الباب فى البيت البسيط فى تلك القرية الصغيرة المسماة «ميت غزال» بمركز السنطة بمحافظة الغربية، فإذا به مأمور المركز مصطحباً عمدة القرية وعددا من كبار البلد يبحثون عن هذا صاحب الصوت الملائكي.... الشيخ مصطفى إسماعيل.
ما الأمر؟ إنه أصبح المقرئ الخاص بالملك فاروق...... القارئ الرسمى للقصر الملكي!
لم يكن يدرى فى تلك الليلة التى دخل فيها مسجد مولانا الإمام الحسين ليحضر الاحتفال بالمولد النبوى الشريف مستمعاً للشيخ الكبير عبدالفتاح الشعشاعى أن ذلك اليوم سوف يغير مجرى حياته وأن حضوره سوف ينقله إلى آفاق أخرى لم يكن يتخيلها.
فقد تغيب الشيخ الشعشاعى عن الحضور، وبحث المنظمون وقتها عمن ينوب عنه فلم يجدوا إلا هذا الشاب الذى اشترك قريباً فى رابطة المقرئين، ليقوم ويقرأ ويدهش الحاضرين بأسلوبه الجديد فى قراءة القرآن وبمقاماته التى يتنقل بينها كما تتنقل الطيور بين أغصان الشجر.
وقد يأتى النجاح والفتح الربانى فى خطوة واحدة، فبينما هو يقرأ والإذاعة المصرية تنقل الحفل على الهواء مباشرة إذ يستمع إليها الملك فاروق ملك مصر، فيأخذ قراره بعد انتهاء الحفل باعتماد الشيخ مصطفى إسماعيل المقرئ الخاص بجلالة الملك!
فلم يعد الشيخ إلى داره فى قريته حتى جاءه المأمور ومعه كبار البلدة يخبرونه بذلك وصحبوه إلى مديرية الأمن ثم إلى سراى عابدين، حيث استقبله حيدر باشا وزير الحربية آنذاك وأمر الملك فاروق بحجز جناح خاص له فى فندق شبرد، وطلب منه قراءة القرآن فى سنوية الملك فؤاد والد الملك فاروق، ثم أصبح قارئاً رسمياً فى كل مناسبات الدولة حتى بعد قيام ثورة يوليو، لم يتغير شأن الشيخ، فقد اصطحبه الرئيس السادات فى رحلته إلى القدس يقرأ القرآن فى المسجد الأقصى ويؤذن للصلاة هناك.
ثم سافر بعدها إلى العديد من الدول العربية والأجنبية سفيراً للقرآن.
هكذا النجاح، وهذه الفرصة.... لا تدرى متى تأتى لكنك لا بد وأن تكون مستعداً لها تمام الاستعداد، فإذا حانت اللحظة وجاءت الفرصة وجدتك قوياً متمكناً من مادتك فترفعك إلى السماء.
ولا شك أن الفرصة لا تأتى إلا لمن اجتهد وثابر وصبر وتخطى الصعاب والمشاق فى سبيل تحقيق النجاح، فالله هو العدل.... نعم يعطى الفرصة للجميع، لكن المجتهد هو من يستغلها ويكون لها على أهبة الاستعداد.
ولا تيأس يا من حاولت مراراً فى سبيل تحقيق هدفك المنشود، فأنت لا تدرى أقدار الله أين تسير. فقد يأتيك الفتح وأنت كهلاً، وقد يأتيك شاباً.... قد يأتيك بسبب وبلا سبب، قد يأتيك من طريق سعيت فيه ومن طريق لا تعرفه أصلاً.
فلا تشغل بالك متى يأتى الفتح وكيف يأتي، إنما اشغل بالك بالعمل والجد والتركيز فى أهدافك والسعى وراءها، والبدء فى ذلك، فطريق الألف ميل يبدأ بخطوة فلا تستهين بكل خطوة مهما كانت بسيطة فأنت لا تدرى فربما كانت تلك الخطوة طريقك إلى النجاح بعد سنوات طويلة.... إنها أقدار الله وحكمته!