«البداية بالخرنفش».. رحلة كسوة الكعبة من مصر إلى السعودية
«يا رايحين للنبي الغالي.. هنيالكم وعقبالي»، نغمات تنتشر قبل موسم الحج في كل عام، وتحديدا عقب تغيير كسوة الكعبة، إذ ترتدي حلتها الجديدة والتى تتوشح من الخارج بنقوش منسوجة بخيوط النسيج السوداء، بطريقة الجاكارد التي يكتب عليها عبارات «يا الله يا الله، ولا إله إلا الله محمد رسول الله وسبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم ويا ديان يا منان»، وتتكرر هذه العبارات على قطع قماش الكسوة جميعها.
صناعة كسوة الكعبة بمصر:
عرفت مصر بصناعة كسوة الكعبة في كل عام، حيث كانت تصنع بسواعد المصريين وتذهب إلى المملكة العربية السعودية فى موكب مهيب حتى تصل إلى بيت الله الحرام، وكان أول خليفة مسلم يطلب بعمل كسوة للكعبة من بيت مال المسلمين فى مصر، أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعليه قام سيدنا عبدالله بن عمر بصناعتها في مصر على نفقته الخاصة ثم سلمها لسدنة الكعبة من بني شيبة للقيام بكسائها.
وبحسب قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار، فكانت صناعة كسوة الكعبة بمصر بسبب تميز مصر في صناعة النسيج المتطور، وفي عام 159هـ أمر الخليفة المهدي بصنع كسوة من قباطي مصر كتب عليها «بسم الله ، بركة من الله».
وفي عام 801 هـ و1398م انفردت مصر بحياكة كسوة الكعبة المُشرفة وحدها بعد ضعف حكام اليمن الذين كانوا يشاركون بحياكتها، فأصبحت تُصنع فى قصر يوسق (القصر الأبلق)، وفى عهد محمد على باشا أصبح محل صناعة الكسوة هو مصنع بالخرنفش الذي يقع بشارع خميس العدس في منطقة بين السورين وحارة النصاري.
وتصنع به الكسوة الداخلية والخارجية للكعبة وكان مصنع الخرنفش بمكان مخصص يطلق عليه دار الكسوة فكانت تضم تسعين ماكينة وثلاثمائة نول لغزل النسيج، بالإضافة إلى آلات عديدة لصناعة الحرير والقطن والأقمشة وكان أهمها صناعة كسوة الكعبة وهو الخيط المعروف باسم" المخيش" وهو نوع من الخيوط الرقيقة التى يتم نسجها من الفضة الخالصة والذهب.
واستمرت صناعة كسوة الكعبة تخرج من مصر حتى عام 1342ﻫ/1923م مع حدوث انقطاع فى بعض الأوقات، بسبب بعض الأحداث السياسية، وكذلك امتنعت مصر عن إرسال الكسوة فى عام 1343ﻫ/1924م حين أمر الملك عبد العزيز آل سعود بإنشاء دار خاصة لعمل كسوة الكعبة بمكة المكرمة فى منطقة "حى أجياد"، وبذلك أصبح أول مصنع لحياكة كسوة الكعبة فى مكة المكرمة فى العصر الحديث.