باحث تونسي: مشروع الدستور الجديد يقطع الطريق أمام السموم التكفيرية
اعتبر الباحث السياسي التونسي مصطفى عطية، أن الدستور الجديد المعروض على الاستفتاء العام في الخامس والعشرين من هذا الشهر هو الدستور الخامس في تاريخ البلاد.
وأوضح «عطية» في تصريحات لـ«الدستور» أن مشروع الدستور الجديد جاء ليقطع نهائيا مع منظومة الإرهاب والفساد التي قادها الإخوان فرع تونس حركة النهضة، بتواطؤ مع اليسار الانتهازي طيلة عشرية كاملة من الجمر والخراب، لكن هذه المسودة رغم أهميتها لا تخلو من الثغرات لابد من تجاوزها قبل إقرار عرضها على الاستفتاء المنتظر، إذ يحيل على تفسير الشاطبي للمقاصد في القرن الثامن للهجرة، كما انه يحيل أيضا على الوهابية التي تحصر دور الدولة في “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، وهذا ما كان يطالب به الإخوان ولم يستطيعوا إقراره في دستورهم، كما أن بعض الفصول الأخرى تمعن في تفكيك الهوية الوطنية بوصفها بالعربية تارة والإسلامية تارة أخرى والمغاربية والإفريقية في أحيان كثيرة.
وأشار إلى أن الفصل الرابع والعشرون مثير للخوف، إذ هو يؤكد في جزئه الأول على أن الحق في الحياة مقدس ولا يجوز المساس به، لكنه يستدرك ويضيف إلا في حالات قصوى يضبطها القانون، وهنا تفتح أبواب التأويل على مصرعيها ويصبح إلغاء حكم الإعدام، مثلا، مستحيلا.
وتابع: «كذلك بالنسبة للفصل الحادي والثلاثين الذي يتضمن دعوة مبطنة للإرهابيين للعودة إلى ارض الوطن، وذلك بالتنصيص على انه بحجر سحب الجنسية التونسية من أي مواطن (لاحظوا التعميم) أو تغريبه أو تسليمه او منعه من العودة إلى تونس، وهذا هو الهدف الذي ناضلت من اجل إقراره التيارات التكفيرية في البلاد».
واضاف عطية أنه يوجد تناقض صارخ بين الفصل ٢٣ الذي ينص على ان المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، والفصل ٨٩ الذي يتحدث عن حق الترشح لكل تونسي بصيغة المذكر لرئاسة الجمهورية، وكان من المفروض ان تكون الصياغة "لكل تونسي وتونسية "حتى لا يفتح باب التأويل الدستوري عندما تترشح امرأة لمنصب رئاسة الجمهورية هذا إذا لم يكن الأمر مقصودا، أما حذف مصطلح "مدنية الدولة" من الدستور فخطأ لا يغتفر، ومن يعتقد أن التنصيص على النظام الجمهوري للبلاد يفي بالحاجة يقع في فخ خطير، لأن النظام الجمهوري لا يعني بالضرورة النظام المدني، فإيران جمهورية إسلامية ومالي جمهورية عسكرية، على سبيل المثال وليس الحصر.
ولفت إلى أن أغلب التونسيين كانوا ينتظرون إلغاء الفصل المتعلق بحصانة النواب ولكن الفصل ٦٤ أبقاها، وهي الحصانة التي حولها النواب خلال العشرية الماضية إلى إفلات من العقاب، ومطية دستورية لٱرتكاب الجرائم وممارسة التحيل.
واختتم: «أعتقد أن إمكانية تجاوز هذه المطبات واردة جدا ليصبح الدستور الجديد متكاملا ويقطع الطريق امام كل من تخول له نفسه تسريب السموم التكفيرية والمساس من مدنية الدولة وتوجيهها إلى حيث ظلمات التخلف والرجعية والفساد والإرهاب».