ريم نجمى: «تشريح الرغبة» رواية إنسانية ووالدى قارئى الأول
جاءت رواية "تشريح الرغبة" العمل الروائي الأول للشاعرة والإعلامية المغربية ريم نجمي، والتى قدمت عددا من الدوواين الشعرية والأعمال المترجمة منها “أزرق سماوي - شعر- دار الفرائد - الرباط 2008 - كأن قلبي يوم أحد - شعر - دار النهضة العربية”.
وترجمت نجمى "رحلات باولا" للكاتب باول مار، وهو كتاب للأطفال، وصدر لها مع المترجم المصري سمير جريس الترجمة العربية لمسرحية "99 في المائة.. الخوف والبؤس في الرايخ الثالث"، للكاتب الألماني برتولت برشت (1898 – 1956).
عن المسافة بين الشعر والرواية والترجمة، وعن أجواء وتفاصيل روايتها الأولى “تشريح الرغبة“ تحدثت ريم نجمي لـ”الدستور”
ما هي الأسباب التي دفعتك لكتابة رواية "تشريح الرغبة"؟
ثمة أسباب متعددة، السبب الأساسي هو الهجرة، ومن واقع خبرتي واحتكاكي بعدد من المهاجرين جعلني انتبه لعدد من القضايا التي تشغلهم، ومن أهم تلك القضايا كانت قضية "الزيجات المختلطة"، لفت عندي انتباهي أن عددا كبيرا من الأصدقاء المهاجرين مرتبطين بسيدات أوروبيات ويتعاملون مع هؤلاء السيدات بطريقة ما أقرب إلى ثقافتها، وبعد فترة ما هؤلاء الرجال أنفسهم يعاودها الحنين للمرأة العربية، ويبحث عنها، ويتحول الأمر إلى أزمة هوية، من هنا جاءت فكرة رواية تشريح الرغبة والتي تسرد قصة رجل عربي تزوج من سيدة ألمانية لمدة 25 عاما، وشعر أن هناك شرخا بينهما ووجد ضالته عند حب آخر امرأة عربية.
هل ثمة صعوبة في مناقشة مثل هذه القضايا وطرحها وتسريبها عبر الشعر هذا كونك شاعرة في المقام الأول؟
هناك أجناس إبداعية لا تحتمل مناقشة بعض القضايا التي قد تكون صعبة، ولا تحتملها القصيدة، وبالتأكيد أن الشعر لم يكن بعيدا وأن أكتب "تشريح الرغبة" فهناك الكثير من الشعر داخل النص الروائي، إلى جانب يمكنني التصريح بأنها كتبت بلغة الشعر.
هل سربت أشواقك للشعر داخل هذه الرواية؟
لم أكن يوما بعيدة عن الشعر، ومؤمنة بتجاور الأجناس الإبداعية، الشعر يحتمل مناقشة بعض الموضوعات وأخرى تبقى ثقيلة لى القصيدة، الرواية هنا كتبت بنفس شعري ولا أستطيع أن أتخلى عن لغتي كشاعرة.
والدك الشاعر والكاتب والأكاديمي حسن نجمي ووالدتك الشاعرة والروائية عائشة البصري حدثينا عن دورهما في دفعك للكتابة الإبداعية؟
للبيئة والنشأة الأولى دور كبير في حياتنا، ولكن دائما ما أردد أن النشأة لا تصنع كاتبا ولا أدبا، هناك أشياء أخرى تصنع وتساهم في صناعة الكاتب، أهمها بالنسبة لي هو الموهبة والاستعداد على خوض غمار تجربة أن تكون فنانا شاعرا وروائيا.
وتجربتي أدين لوالدي "حسن النجمي" وتأثيره الأكبر في تجربتي، وأرجع إلى إعجابي بشخصيته "إلى أن كل فتاة بابيها معجبة"، لكن دوره تخطى حاجز الأبوة فهو المعلم الأول وذلك كونه كان ومازال يمارس طقوس الأبوة عبر حسي على الانفتاح على القراءة، في وقت مبكر جدا من حياتي، وقد ساهم في توجيهي من ناحية القراءات، إلى جانب وجود مكتبته التي أضافت لي الكثير، فقد كان شغفي بحسن النجمي الشاعر والصحفي والكاتب كبير جدا.
أشير إلى أن “تشريح الرغبة” رواية تنتمي إلى النسوية.. كيف ترين ذلك؟
بعض النقاد رأوها رواية نسوية، والبعض الآخر رآها رواية إنسانية، وأنا أميل إلى الرأي الثاني أنها رواية إنسانية ذلك أن صوت الرجل حاضر وبقوة يدافع ويبرر ما يفعله.
هل لجأت وأنت تكتبين "تشريح الرغبة "إلى محرر نفسي خاصة أنها مشغولة بالانفعالات النفسية؟
لا.. ولكن لجأت إلى قراءة العديد من الكتب النفسية التي تتحدث عن نفسية المرأة والرجل في مرحلة الانفصال، وتأثيراتها، إلى جانب حديثي إلى العديد من الشخصيات الواقعية التي عاشت هذه المرحلة، خاصة أن البطلة في عمر الـ50، ولم أعش بطبيعة الحال هذه المراحل التي مرت بها بطلة العمل .
قرأت الكثير عن نفسية المرأة في تلك الفترة، كان الأمر كبحث دكتوراه ، فقد قضيت عامين من البحث والقراءة ومن بعد جاءت كتابة الرواية.
من يقرأ مسودات أعمالك؟
والدي هو قارئي الأول، ولكن في هذه الرواية كتبتها في دفقة واحدة، ولم يكن لدي مسودات، ورجعت إلى حسن البصري.
وأنت تطرحين قضية الحب والانفصال عبر "تشريح الرغبة "رغم أنها قضايا مطروقة.. ألم يقلقك هذا؟
موضوع الحب وتيمته صالح لكل وقت ومكان، وهي تيمة لم تستنفذ ولن تستنفذ، ولم يصبني أي قلق من انشغالي بتلك التيمة وتقديمها في نسق روائي، أعتقد أنها تيمة أساسية في الرواية، ولكن معالجتها وكتابتها هو ما جعلني أخوض كل هذا البحث والقراءة والتنقيب حول ما يصيب المرأة والرجل في فترة الانفصال.
إلى جانب ذلك فإن طرح مثل هذه القضايا رغم بساطتها فإنها تبدو عادية يعتمد نجاحها في الأساس على تقنيات الكتابة واللغة المستخدمة، وعدم السقوط في فخ الميلودراما كما ذهب الناقد حاتم حافظ.
ماذا غيرت الهجرة في حياتك؟
على مدى 13 سنة طويلة كانت هجرتي إلى ألمانيا، بطبيعة الحال غيرت كثيرا في حياتي في نظرتي للحياة والأفكار، وتركت أثرا كبيرا في طريقتي في الكتابة، شعور بالحرية في ظني أكبر.