«الشيطان يكمن فى التفاصيل».. ماذا يحدث فى ليبيا؟
تعيش ليبيا مرحلة حرجة، معلقة بين آمال الاستقرار والانطلاق نحو المستقبل، وبين الضبابية التي تسيطر على المشهد؛ بسبب تمسك كل فريق من الكتل السياسية بآرائه، وعدم التوافق على تغليب المصلحة العليا للبلاد.
وانتهت الجولة الثالثة والأخيرة من مفاوضات اللجنة المشتركة من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة المتعلقة بالمسار الدستوري الليبي يوم 20 يونيو الجاري في القاهرة.
وأحرزت اللجنة المشتركة الكثير من التوافق على المواد الخلافية في مسودة الدستور الليبي، لكن الخلافات ظلت قائمة بشأن التدابير المنظمة للمرحلة الانتقالية المؤدية إلى الانتخابات، بحسب بيان للمستشارة الأممية ستيفاني وليامز.
اجتماع مرتقب في جنيف
وأعلنت المستـشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، سـتيفاني وليامز، الخميس، قبول رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، دعوتها للاجتماع في مقر الأمم المتحدة في جنيف في الفترة 28-29 يونيو بغية مناقشة مسودة الإطار الدستوري بشأن الانتخابات.
وأشادت وليامز في تصريح عبر حسابها على «تويتر»، برئاستي المجلسين على التزامهما بإنجاز التوافق بشأن المسائل المتبقية عقب اجتماع لجنة المسار الدستوري المشتركة الأسبوع المنصرم في القاهرة.
والتقت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، سـتيفاني وليامز الأربعاء، في أوسلو، توماس ريم بيردال، الممثل الخاص للنرويج بشأن ليبيا وأورلكسون، مديرة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية في مملكة النرويج وكذلك كريستيان بوك، المبعوث الألماني الخاص إلى ليبيا.
وناقش اللقاء الخطوات المقبلة في المسار الدستوري الليبي، وأعربوا بحسب وليامز عن تطلعهم إلى استجابة إيجابية لدعوة الأمم المتحدة، من قبل رئاسة مجلسي النواب والأعلى للدولة، للاجتماع في الأيام القليلة المقبلة لمعالجة القضايا العالقة.
وقالت وليامز إن الأمم المتحدة ستظل ملتزمة بدعمها لجميع الجهود الليبية لإنهاء المراحل الانتقالية المطولة وانعدام الاستقرار الذي أصاب البلاد، وذلك عبر انتخابات وطنية شاملة وشفافة في أقرب تاريخ ممكن وتلبية تطلعات ما يقارب 3 ملايين ليبي ممن سجلوا للتصويت للانتخابات.
خلاف سياسي
من جانبه، يرى الخبير القانوني وأمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا الدكتور عبدالمنعم الحر، أن الخلاف حول القاعدة الدستورية قديم، ويعود للعام 2012، ويبقى الخلاف السياسي والانشقاقات بين الفرقاء أحد أبرز أسباب عدم التوافق.
وقال الحر في تصريحات لـ"الدستور"، إن كل الأزمات تحل بالوسائل الدبلوماسية لتسوية الخلافات، مشيدا بالدور المصري والمساعي الحميدة لرعاية توحيد الرؤية الليبية فيما يتعلق بالقاعدة الدستورية، وتوحيد المؤسسة العسكرية.
وأضاف أن من أسباب عدم التوافق حول القاعدة الدستورية الأفراد الممثلين لفئات مختلفة من المجتمع الليبي داخل لجنة المسار الدستوري، ففي الوقت الذي نجد فيه معارضة الأمازيغ والطوارق والتبو، هناك أيضا خلاف بين العرب، حول نوع الحكم، وشكل الدولة، بين فريق يرى الفيدرالية حلا، وآخر متمسك بمركزية الدولة.
وتابع «الحر» بقوله إن «الشيطان يكمن في التفاصيل»، وكل مادة قانونية أو دستورية، تحتاج متخصصين على دراية بدساتير الدول العربية وأدبيات حقوق الإنسان والمواطنة، لافتا إلى أنه مع احترام خصوصية ليبيا، وهو أمر لا يتعارض مع الاستعانة بتجارب الدول العربية، خصوصا دول المغرب العربي والتي قطعت شوطا كبيرا في التغلب على الخلافات عبر إعلاء قيم حقوق الإنسان وانتهاج المصالحة الشاملة والعدالة الانتقالية.
دور مصري بارز
وأشار إلى أن الجهود التي تبذلها مصر منذ عام 2014 لتوحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا والتفاهم حول القاعدة الدستورية واضحة للجميع، ويبدو أن المجتمع الدولي سلم المف الليبي إلى مصر، احتراما لدور القاهرة وجهودها في الوصول لتوافق عن طريق مساعي الدبلوماسية المصرية الحميدة.
واختتم تصريحاته بالقول: رغم عدم اتفاق أعضاء لجنة المسار الدستوري في اجتماعات القاهرة الأسبوع الماضي، يجب ألا نغلق باب التفاهم والحوار، مع استمرار مصر في لعب دول الوساطة لرأب الصدع بين الأشقاء الليبيين.