قطاع كهرباء مصر.. جهود الدولة للتحول إلى «الاقتصاد الأخضر»
تسعى وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة إلى خفض الانبعاثات الكربونية المسببة في ظاهرة الاحتباس الحراري وتلوث البيئة وعرقلة خطي التنمية المستدامة والتي مثلت تحديا أمام التحول إلى الطاقة النظيفة، وبرزت الجهود المصرية نحو خفض نسبة الكربون في مجالات إنتاج الطاقة الكهربائية في استخدامات الطاقة الجديدة والمتجددة وانتشار على أوسع نطاق والتوسع في نشر ثقافة استخداماتها وأهميتها.
وأكد الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة أن قطاع الكهرباء يرتكز على استراتيجية تستهدف التوسع في استخدامات الطاقات المتجددة عبر إقامة المشروعات القومية ومشروعات القطاع الخاص والتي تساهم بشكل أساسي وفعال في تنوع مزيج الطاقة وإزالة الكربون وخفض الانبعاثات الناتجة عنه، إذ تلعب تلك الاستراتيجية دورًا أساسيًا وشريك أساسي في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية المستدامة وتحقيق أعلى معدل لخفض الانبعاثات الكربونية.
وقال وزير الكهرباء في تصريح لـ"الدستور"، إن آليات تنفيذ استراتيجية قطاع الكهرباء ترتكز على تعزيز الشراكة الدولية في مجال التحول إلى الاقتصاد الأخضر الذي يقوم على التوسع في استخدامات الطاقة المتجددة ومجالات كفاءة استخدام الطاقة و"الهيدروجين" و"الميثانول" و"الأمونيا" الخضراء.
الاستراتيجية القطرية بين الحكومة المصرية وEBRD
وانطلقت الاستراتيجية القطرية بين الحكومة المصرية متمثلة في وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD، في مطلع مارس 2022، والتي تؤسس لبدء مرحلة جديدة من التعاون مع EBRD والذي يعد من أحد أكبر المؤسسات التنموية الدولية التي ترتبط مع مصر بعلاقة وثيقة لاسيما في قطاع الطاقة المتجددة ومجالات التحول الأخضر.
وتم توقيع مذكرة تفاهم مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بشأن توجه مصر نحو إنتاج الهيدروجين الأخضر من خلال تمويل الأعمال الاستشارية لإعداد الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين.
بداية التحول نحو الاقتصاد الأخضر
وبدأت مصر التحول نحو الاقتصاد الأخضر منذ عام 2014 بتنفيذ خطط واضحة وقوية للإصلاح الاقتصادي والهيكلي في العديد من القطاعات لمواجهة التحديات التي كانت تقف حائلا دون تحقيق التنمية المستدامة.
ووضعت الحكومة المصرية الاستراتيجية الوطنية للطاقة المستدامة التي ينبثق منها خطط طموحة؛ طويلة الأجل تستهدف تنويع مزيج الطاقة من المصادر المتجددة لتصل إلى 20% بحلول عام 2022 و42% بحلول عام 2035.
وارتكزت العلاقات الدولية المصرية في مسار التحول إلي الاقتصاد الأخضر على الاستراتيجية الوطنية للطاقة المستدامة كمحور رئيسي في التعاون بين الحكومة ومؤسسات التمويل الدولية.
الطاقة المتجددة والتحول إلى الاقتصاد الأخضر
تمثل الطاقة المتجددة أحد الحلول التكنولوجية الصديقة البيئة التي تعمل على سرعة التحول إلى الاقتصاد الأخضر من مواجهة التحديات البيئة بالتخلص التدريجي من استخدامات الوقود الأحفوري لما يحدثه من أضرار بيئية ناتجة عن الإنبعاثات الكربونية الصادرة من عمليات إنتاج الطاقة الكهربائية، فضلًا عن ما تخلقه الطاقة المتجددة من آفاق جديدة في أسواق العمل بما توفره من فرص عمل مباشرة وغير مباشرة.
ويعد الاقتصاد الأخضر هو الشكل الجديد للاقتصاد التي يشتمل على الاستدامة البيئية والإنصاف الاجتماعي والشمولية وقدرته على التغلب على الأزمات العالمية المتزامنة والمترابطة التي يشهدها العالم في السنوات الماضية وحتي الآن، ويهدف إلى إعادة استثمار رؤوس الأموال في القطاعات الخضراء.
تنافسية أسواق الاقتصاد الأخضر
انضمت مصر إلى أسواق الاقتصاد الأخضر من خلال اتخاذها العديد من الإجراءات مفادها الحفاظ على البيئة وتحقيق الاستدامة والتحول إلي الطاقة النظيفة لبلوغ الاقتصاد الأخضر، وتبلورت هذه المساعي في إطلاق عدد من الاستراتيجيات الوطنية ذات الأهداف الإقليمية والدولية المشتركة، ومنها:
- اسـتراتيجية الطاقـة المتكاملـة والمسـتدامة حتـى عـام 2035، فقـد وضعـت الحكومـة المصريـة أهدافـاً للطاقـة المتجـددة بحيـث تبلـغ 20% مـن مزيـج الطاقـة الكهربائيـة بحلـول 2022 و42% بحلـول 2035.
- استراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030".
- الإستراتيجية الوطنية للتوسع في تحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجددة.
- الاستراتيجية الوطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقات المتجددة.
- الاستراتيجية القطرية بين الحكومة المصرية مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية EBRD للتحول نحو الاقتصاد الأخضر.
- الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 بالاعتماد على الطاقات المتجددة.
بالإضافة إلى ذلك نفذت الدولة إجراءات -إصلاح هيكلي وتشريعي- قوية في قطاع الطاقة من أهمها إصدار تعريفة التغذية وسن القوانين التي تسمح للقطاع الخاص بالمشاركة بفاعلية في قطاع الكهرباء من خلال تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة وبيع الطاقة المنتجة لشبكات النقل والتوزيع بأسعار تنافسية، كما تم تعديل قانون إنشاء هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في عام 2014، ومؤخرًا أصدرت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بتوجيهات من القيادة السياسية بشأن تحويل مدينة شرم الشيخ إلي مدينة خضراء، إقرار منح بعض الحوافز لتشجيع مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بنظامي صافي القياس والاستهلاك الذاتي بمناسبة استضافة جمهورية مصر العربية لمؤتمر الأطراف "COP27" بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر من العام الجاري.
الطاقة المتجددة وخفض انبعاثات CO2
ونجحت مشروعات الطاقة المتجددة في مصر أن تحقق خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يقارب 10 مليون طن ثاني أكسيد كربون ، وإحداث وفر في الوقود يقارب 4 مليون طن مكافئ نفط.
ويعد هذا النجاح مؤشرًا إيجابيًا لمسار استخدامات الطاقة المتجددة في مصر، والدور الرئيسي والفعال نحو الدور الذي تلعبه الدولة المصرية في مجابهة تغير المناخ، ويبرز دورها في استضافة مؤتمر الأطراف السابع والعشرين COP 27، المقرر انعقاده في نوفمبر المقبل بمدينة شرم الشيخ.
زيادة الاستثمارات بالطاقة المتجددة
وقد ساهمت الإصلاحات المتتالية التي أجرتها الحكومة المصرية في زيادة الاستثمارات من القطاع الخاص المحلي والأجنبي في الطاقة الجديدة والمتجددة، ودعم تحول مصر من دولة تعاني من نقص في الطاقة إلى دولة لديها فائض، لتقدم في المؤشر الفرعي المعني بالحصول على الكهرباء ضمن تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الذي يصدره البنك الدولي من المرتبة 144 في عام 2016 إلى المرتبة 77 في عام 2020.
ولم تقف مساعي الحكومة المصرية لبذل كل الجهود من أجل الإصلاحات الهيكلية والتشريعية والقانونية والتطوير والتنمية، وفتح آفاق جديدة للتعاون والشراكة الدولية، وفي هذا الإطار انطلقت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة منذ بداية العام 2022 نحو تعزيز أواصر الثقة مع العديد من الجهات التمويلية والمانحة والشركات الدولية المتخصصة في مجال الكهرباء والطاقة المتجددة، من أجل تنفيذ استراتيجيتها المتعلقة بالتنمية المستدامة وإنتاج الهيدروجين الأخضر والميثانول والأمونيا الخضراء، واستراتيجية التوسع في تحلية مياه البحر، وتغير المناخ.
تعزيز التعاون الدولي استعدادًا لـ COP27
ومن أجل حرص الحكومة المصرية متمثلة في وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة على تعزيز سبل التعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية المختلفة خلال الفترة القادمة والاستفادة من الخبرات المتطورة في مجال الطاقات المتجددة لنشر استخدامات الطاقات المتجددة وخفض انبعاثات الكربون وزيادة نصيب مشاركة القطاع الخاص فى مثل تلك المشروعات، ضمن استعدادات مصر لتنظيم مؤتمر الأطراف لاتفاقية الامم المتحدة الاطارية لتغير المناخ COP27 المقرر انعقاده في مدينة شرم الشيخ في نوفمبر القادم.