لنا عبد الرحمن: على الكاتب أن يمارس النقد الذاتي.. وبدأت كتابة «تميمة العاشقات» في 2017
يصدر قريبا عن الدار المصرية اللبنانية رواية “تميمة العاشقات“ للكاتبة الروائية اللبنانية لنا عبدالرحمن، والذي يعد العمل الروائي السابع في مسيرتها مع كتابة الرواية، وفي التقرير التالي تكشف الكاتبة التفاصيل الكاملة لكتابة "تميمة العاشقات".
وفي تصريحات خاصة لـ"الدستور" تقول الكاتبة الروائية والناقدة لنا عبد الرحمن: “بدأت كتابة الرواية في ٢٠١٧، كنت مسافرة في نيبال، حين ظهرت الشخصيات واحدة تلو الأخرى. وكانت بتدفق ما يقارب فانجزت الثلث منها خلال شهر واحد، ثم أكملت الكتابة بتقطع بعد عودتي للقاهرة.وظللت أعود للنص وأقوم بالتعديلات بشكل مستمر، بسبب تعدد الأزمنة والأماكن”.
وعن ما تشير إليه الرواية من تعددية في الزمن والمكان، وبالتالي جاءت التعددية في الثقافات، وإن كان ثمة مصادر رجعت إليها في تحضيرها للرواية، قالت: “نعم رجعت لبعض المصادر، لكن في الرواية رغم تعدد الثقافات والأماكن والأزمنة، إلا أن الحدث التاريخي يظل يشكل خلفية المشهد، وليس المحور، بمعنى أن مصائر الأبطال والبطلات قد تتحول نتاج لحدث ما مثل الحرب أو الهجرات، لكن يظل التركيز على مسار الحياة الفردي للبطلة”.
وعن عين الناقدة لنا عبد الرحمن، وإن كانت تمارس دورها في القبض على النص الروائي وتشريحه، وإلى إي مدى أضافت إليها في هذا النص، أضافت: "استطيع الجزم بالحد الفاصل لحضور عين النقد عند قراءة عمل أدبي أكتبه، أظن أن الكاتب طوال الوقت سواء كتب في النقد أم لا، على الكاتب أن يمارس النقد الذاتي لتجويد عمله ووصوله مستوى من الرضا المعقول، إذ في النتيجة ليس هناك عمل أدبي كامل.
يشير عنوان الرواية إلى أننا سنتابع عالم غرائبي حول العشق والتمائم، وبشأن ذلك تقول: فيما يتعلق بالعنوان، كما أسلفت تبدو حيوات البطلات محكومة بالحرب والفن وبحكايات عشق مبتورة، لذا ثمة تميمة مشتركة بينهن جميعا، تجعل مصائرهن موشومة بها. وهذا ما سوف يكتشفه القارئ".
جاء على غلاف الرواية
تنتقل الكاتبة لنا عبد الرحمن بين عصور مختلفة في أسفار زمنية سريعة، من مصر مع لارا الفرعونية إلى القاهرة المعاصرة، ومن جبل لبنان في الستينيات مع ميري، إلى حكاية جدتها الأرمنية آني الهاربة من أذربيجان في أوائل القرن العشرين؛ ثم ما حدث مع رحمة في بغداد خلال المجاعة وانتشار الطاعون، رجوعا في الزمن إلى شمس الصباح في أشبيلية وفاس.
بين الماضي والحاضر والمستقبل تحضر الحرب، ويهيمن الحب والفن على حيوات بطلات الرواية، في صراع أزلي، تمضي كل منهن في مسارها وارتحالهم من مدينة إلى أخرى، بحيث تنعكس الأقدار والمصائر على مرايا الذاكرة، فتسعى " زينة" الآتية من الغد وراء نداء مجهول لكي تستعيد ماض سحيق تحدثه ولا تدركه. تقدم الرواية أيضا إشارات للزمن المستقبلي بكل ما فيه من مخاوف في علاقة الإنسان مع التكنولوجيا، وما تحمله من مخاطر تقلص من حضور المشاعر الإنسانية، لصالح الآلة.
الجدير بالذكر أن الكاتبة لنا عبد الرحمن، هي روائية وناقدة لبنانية مصرية، صدر لها عدة أعمال في الرواية والقصة القصيرة والنقد، الأدبي منها في الرواية: "بودابار"، ٢٠٢٠، "قيد الدرس" ٢٠١٥، ثلج القاهرة" ٢٠١٣ التي وصلت للقائمة الطويلة في جائزة الشيخ زايد.
ومن أعمالها في القصة القصيرة: "صندوق كرتوني يشبه الحياة"، ،٢٠١٧، وفي النقد: "الروائي والمخيلة والسرد".
من أجواء رواية "تميمة العاشقات":
أحسستُ بثقلٍ شديدٍ من أثر السقوط، انزلقت رجلي تحت طينٍ دبقٍ؛ سحبني إلى حفرة تحت الأرض، ظللت أندفع واندفع بقوة هائلة إلى أن ارتطمت ربما بجدارٍ،أو شجرة أو مدخل كهفٍ أو فوهة بئر،ثم غبت عن الوعي. لم أعرف متى استيقظت، إلا أنني حين فتحت عيني، وجدت ست نساء يحطن بي.
كنت أشاهد مزق صور من حكاياتهن المتناثرة عبر الزمن، من دون أن تتمكن ذاكرتي من تجميعها، حتى بعد أن استعنت "برام"وبشريحة للتذكُّر، لم أتمكن من رؤية سلسلة المصير التي ربطتني بهن. ولم يبق أمامي إلا القدوم إلى الغابة والنزول للنفق، لرؤية نقوش أعمارهن، وماذا كُتب بها.
لكن القدرة على النزول والتيه، تستوجب أيضًا معرفة بدربِ الرجوع لما يصير المضي عبئًا، وأنا لست واثقة إن كنتُ قادرة على الحِراك، سواء في الإسراع للغد أو العودة للأمس.
أسئلة كثيرة تطوف في رأسي عنهن:
كيف أصبحت "آلارا" كاهنة المعبد؟ كيف حُنِّط جسدها، وكيف سُرق؟
لماذا رحلت "آني" بتلك الطريقة الغامضة؟
وكيف أنجبت "ميري""آلارا الثانية"؟
ماذا فعلت "رحمة" بعد رحيلها عن بغداد؟
في أي أرض حلّت "شمس الصباح"؟
أفكر فيهنّ جميعًا، في سحر أعينهن المضيئة، ماذا كان لونها؟ ما الذي شاهدته تلك العيون؟ أي رعب، أي جمال، أي نعمة، أي ألم، أي موت؟ أي غرام؟ وأي أرض وبحر وسماء؟
يواجهني نقش الربة إيزيس تقول:
"أنا كل ما كان، ويكون، وسوف يكون، وما من بشرٍ فانٍ رفع عني ردائي"