«احمى بنتك».. «جوازها قبل 18 يضيّع حقوقها» مبادرة جديدة لمواجهة زواج الأطفال
أطلقت وزارة التضامن الاجتماعى حملة «جوازها قبل ١٨ يضيّع حقوقها»، مطلع الشهر الجارى، فى إطار برنامج «وعى» للتنمية المجتمعية، بهدف توعية الأسر الأولى بالرعاية بخطر الزواج فى سن مبكرة تحت ١٨ عامًا، وتكوين رأى عام مناهض لزواج الأطفال، وتوضيح ما تنتج عنه من أخطار صحية واجتماعية خاصة للإناث، نتيجة مخاطر الحمل والولادة فى تلك السن.
وتتضمن حملة «جوازها قبل ١٨ يضيّع حقوقها» تنفيذ عدد من الندوات والمسابقات الفنية وزيارات ميدانية واتصالات هاتفية ورسائل نصية، للتوعية بأهدافها وبمواد القانون التى تنص على العقوبة فى حال زواج القاصرات، وأهمية الاستمرار فى المتابعة الصحية والتعليمية للأطفال تحت سن الـ١٨، وعلاقة ذلك بالاستمرار فى تلقى الدعم النقدى، ضمن برنامجى «تكافل وكرامة».
الوزارة: نستهدف 4.1 مليون أسرة من المستفيدين بـ«تكافل وكرامة»
قالت الدكتورة آمال ذكى، مستشار برنامج «وعى» فى وزارة التضامن الاجتماعى، إن حملة «جوازها قبل ١٨ يضيّع حقوقها» تأتى فى إطار الإجراءات التى تتخذها الدولة للقضاء على مشكلة الزواج المبكر، التى تنتشر فى عدد من المحافظات، وتكوين رأى عام مناهض لتلك الظاهرة، إلى جانب توعية الأسر المعرضة لها بسبب الظروف الاجتماعية.
وأضافت أن الحملة تأتى فى إطار عمل برنامج «وعى» للتنمية المجتمعية، وتجوب المحافظات تحت شعار: «بالوعى مصر بتتغير للأفضل»، وتتضمن التوعية بالآثار السلبية للزواج المبكر، وتأثيره على الحقوق الأساسية للأطفال المتزوجين، فى التعليم والصحة والنمو النفسى والبدنى السليم.
كما تستهدف الحملة أيضًا التوعية بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، وصحة الأم والطفل، التى ينفذها برنامج «وعى» للتنمية المجتمعية ضمن ١٢ قضية مجتمعية يستهدفها فى القرى الأكثر احتياجًا على وجه التحديد.
وبينت دينا رزق، مدير إدارة شئون المرأة فى محافظة الجيزة، أن الحملة تعمل على التوعية بأخطار زواج الأطفال قبل سن الـ١٨، بالتعاون مع الجمعيات الأهلية الشريكة لوزارة التضامن الاجتماعى.
وكشفت عن أن الرائدات الريفيات المشاركات فى «جوازها قبل ١٨ يضيّع حقوقها» يستهدفن الأسر المستفيدة من برنامجى الدعم النقدى «تكافل وكرامة»، التى يصل عددها إلى نحو ٤.١ مليون أسرة، فى كل محافظات الجمهورية.
رائدات ريفيات:نكشف مشاكله القانونية ومخاطره الصحية والاجتماعية
أشارت سعاد عيسوى، رائدة ريفية تشارك فى الحملة، إلى أن عملها يتضمن عقد لقاءات مع السيدات فى القرى المستهدفة للتوعية بعدة قضايا، من بينها ختان الإناث وتنظيم الأسرة، بالإضافة إلى مخاطر الزواج المبكر.
وأضافت أن الحملة تهدف إلى تكوين رأى عام مناهض لزواج الأطفال، مع توعية الأسر الأولى بالرعاية والمعرضة لخطر زواج أطفالها؛ بما يترتب على هذا الزواج من حرمان الزوجين وأطفالهما من حقوقهم الاجتماعية والمدنية.
وواصلت: «نوضح كذلك الأخطار الصحية التى تواجه الإناث تحت سن ١٨ سنة جراء الحمل والولادة فى هذه السن، وأيضًا الأعباء الاقتصادية والاجتماعية لذلك على الأسرة والدولة بأكملها».
وشرحت: «أعمل منذ ٢٢ عامًا فى العمل الأهلى، وأشارك حاليًا فى الحملة ضد الزواج المبكر للفتيات، الذى تعرضت له شخصيًا، بعد زواجى فى سن مبكرة، ثم وفاة زوجى بعدها بسنوات قليلة، تاركًا لى طفلين صغيرين أتولى رعايتهما».
وبيّنت أن دورها فى الحملة يستهدف توضيح المشكلات القانونية التى تتعرض لها الطفلة الزوجة وأبناؤها، نتيجة عدم توثيق عقد الزواج، وما يترتب على ذلك من صعوبة استخراج شهادات الميلاد للأبناء، وفقدان حقهم فى النسب إلى الأب، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على حقوقهم فى التعليم والصحة والخدمات العامة.
وأضافت: «نستهدف أيضًا التوعية بمخاطر الظاهرة، وما ينتج عنها من ضياع حقوق الطفلة الزوجة نفسها، لأنها لا تستطيع إثبات حالتها المدنية، سواء كانت متزوجة أو مطلقة أو أرملة، وبالتالى لا يكون لها الحق فى الميراث أو المعاش أو النفقة عند نهاية هذا الزواج بالوفاة أو الانفصال، بالإضافة إلى أن كثيرًا من حالات زواج الأطفال يعتبرها القانون المصرى جريمة اتجار فى البشر».
وأكدت منى عبدالرحمن، ٣٣ سنة، رائدة ريفية، من مركز البدرشين فى الجيزة، أنها تزوجت فى سن ١٦ سنة، وتجربتها مع الزواج المبكر كانت الدافع وراء عملها رائدة ريفية لتقديم النصيحة والمشورة للأسر، حتى لا يدفع الأبناء فاتورة الخطأ الفادح.
وأضافت «منى» لـ«الدستور»: «يترتب على الزواج المبكر عدة مشكلات، ويؤثر سلبًا على الحقوق الأساسية للأطفال فى التعليم والصحة والسلامة النفسية والبدنية، لذا حرصت على حماية أطفال باقى الأسر من الضياع».
مستفيدات: رفضنا ارتباط بناتنا قبل إكمال تعليمهن الجامعى
أشارت نعمة رمضان، ٣٢ سنة، إحدى مستفيدات حملة «جوازها قبل ١٨ يضيّع حقوقها»، إلى أنها تزوجت فى سن ١٦، وتعرضت للعديد من المشكلات النفسية والصحية بسبب هذا الزواج المبكر، خاصة بعدما أنجبت ٣ أبناء، أكبرهم بنت عمرها ١٦ سنة، وأوسطهم ولد عمره ١٤ سنة، والثالث ولد عمره ٥ سنوات.
وأضافت: «زوجى يكبرنى بـ٤ سنوات، وكان زواجى منه تقليديًا، وتعبت جدًا فى حملى الأول الذى لم يتأخر كثيرًا، إضافة إلى إجبارى على الخدمة والعمل فى منزل عائلة الزوج، وهو ما لم أحتمله وتسبب فى طلبى الطلاق».
وواصلت: «تمنيت لو أن أسرتى سمحت لى بالاستمرار فى التعليم، لكن للأسف والدى كان يضربنى كلما فاتحته فى هذا الأمر، رغم أن التعليم يكسب الإنسان شخصية قوية، وهو ما أحرص على أن أفعله مع ابنتى التى تدرس حاليًا فى الصف الثالث الإعدادى، وإن شاء الله ستكمل تعليمها الجامعى، وهذا هو الهدف الذى نبهتنى إليه الحملة».
ونصحت نعمة الأمهات والفتيات بالتأنى فى مسألة الزواج، وحذرتهن من الاستعجال والانخداع بفرحة الفستان الأبيض، لأن الزواج المبكر «ندم» كما تصفه، بينما الزواج فى عمر ١٨ سنة أفضل على جميع المستويات.
واختتمت: «التحقت بفصول محو الأمية، واستطعت أن أكتب اسمى واسم والدى، وهو شعور لا يمكن وصفه، كان إحساسًا بأن الحياة تبدأ من جديد».
صفاء عبدالوارث، البالغة ٣٤ سنة تزوجت هى الأخرى فى عمر ١٦ سنة، وأنجبت ٦ أبناء، أكبرهم «مصطفى» الذى أنجبته وعمرها ١٧ سنة فقط، وبعد زواجها اضطرت لمساعدة زوجها على تدبير نفقات المعيشة وتأمين مستقبل الأبناء، فبدأت بالعمل فى مصنع لإنتاج وتعبئة الزيوت.
وقالت «صفاء»: «اشتغلت فى عدة أماكن لمواجهة ظروف الحياة، وتعرضت لتجارب قاسية وظروف صعبة للغاية، ولم أشعر بالراحة يومًا ولا الأمان، لأن زوجى عامل باليومية يعمل فى صناعة الطوب، وهى مهنة غير مستقرة».
وأضافت، راوية تجربتها: «أهل زوجى ألحوا علينا بضرورة الإنجاب المبكر، لكنهم لم يقدموا لنا أى مساعدة فيما بعد، وكادت ابنتى تتعرض للظروف نفسها التى تعرضت لها، لكننى رفضت تزويجها قبل بلوغها السن القانونية، حتى تتمكن من استكمال تعليمها الجامعى، وهذا ما نصحتنى به إحدى الرائدات الريفيات ضمن الحملة».
واختتمت: «يعتقد البعض أن تزويج الفتيات فى سن صغيرة بمجرد وصولهن سن البلوغ حكمة واختيار صائب، لكنه أكبر خطأ ترتكبه الأسر بحق بناتها، لأن الزواج فى السن القانونية وبالطرق الشرعية يضمن للفتاة حقوقها الشرعية كاملة، وهو أفضل لصحتها النفسية والجسدية».