«النقد الدولي»: الحكومات تواجه تحديات لوقاية المواطنين من ارتفاع الأسعار
كشف تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، أن الحكومات تُواجه خيارات صعبة، في إطار سعيها؛ لوقاية المُواطنين من أسعار الغذاء القياسية، وتكاليف الطاقة بالغة الارتفاع التي تقودها الحرب في أوكرانيا نحو مَزيد من الارتفاع.
وقد استحدثت البُلدان مجموعة متنوعة من تدابير السياسات؛ لمواجهة هذه الطفرة غير المسبوقة في أسعار معظم السلع الأولية الحيوية، وتوضح دراسة مسحية لهذه التدابير التي أعلنتها البلدان الأعضاء أن كثيرا من الحكومات حاولت الحد من ارتفاع الأسعار المحلية عند زيادة الأسعار الدولية، سواء بتخفيض الضرائب أو دعم الأسعار بشكل مباشر، غير أن هذه التدابير الداعمة تخلق بدورها ضغوطًا جديدة على الميزانيات المُستنزفة بالفعل من جراء الجائحة، والحد من تمرير الأسعار ليس هو المنهج الأمثل في كل الأحوال.
فطبقًا لما ورد في مذكرة جديدة أصدرها الصندوق، ينبغي لصناع السياسات أن يسمحوا بتمرير الأسعار العالمية المرتفعة إلى الاقتصاد المحلي مع حماية الأسر الضعيفة التي تتأثر بهذه الزيادات، فذلك أقل تكلفة، في النهاية، من إبقاء الأسعار مُنخفضة للجميع على نحو مصطنع، بغض النظر عن القدرة على الدفع.
وأوضح التقرير أن ليست كل البلدان قادرة على اتباع نفس المسار، فحيثما كان الدعم مُطبقًا، تختلف وتيرة التعديلات السعرية ومدى استخدام شبكات الأمان الاجتماعي من بلد إلى آخر، ولذلك، تُقدم مذكرات النقد الدولي مشورة دقيقة بشأن السياسات، تبعًا لظروف كل بلد، مثل مدى قوة شبكة الأمان الاجتماعي ومستوى الدعم الحالي لأسعار الغذاء والوقود ومدى الحيز المالي المتاح للإنفاق.
وقد جاء غزو روسيا لأوكرانيا عقب المكاسب الكبيرة التي تحققت العام الماضي في سوق السلع الأولية؛ ليدفع بأسعار الغذاء إلى مستويات قياسية وبأسعار الغاز الطبيعي إلى مستويات تاريخية.
فأسعار القمح، وهو سلعة أساسية تُصَدِّر منها روسيا وأوكرانيا معا حوالي ربع الصادرات العالمية، ارتفعت بنسبة 54% عن العام السابق.
ومع انقطاع واردات الغذاء والطاقة من هذين المصدرين، تواجه البلدان الأخرى تكاليف مرتفعة وحالة من عدم اليقين بشأن الإمدادات، وسكان البلدان منخفضة الدخل هم الأكثر عرضة؛ للتأثر بارتفاع الأسعار؛ لأن الغذاء يمثل 44% من استهلاكهم في المتوسط، مُقارنة بنسبة 28% في اقتصادات الأسواق الصاعدة و16% في الاقتصادات المتقدمة.
كذلك شهدت أسعار النفط ارتفاعات كبيرة، مما يُفرض أعباء مختلفة على المستهلكين، فالأسر الأعلى دخلًا تستخدم في الغالب قدرًا أكبر من الوقود مقارنة بالأسر الأقل دخلًا، وهي أكثر استخدامًا للبنزين مُقارنة بالأسر الفقيرة، التي تستهلك قدرًا أكبر من الكيروسين في كثير من البلدان النامية.
ويجب مراعاة هذه الفروق الثلاثة في السياسات الحكومية الرامية؛ لتخفيف الأثر الاجتماعي؛ لتزايد الأسعار، كما يجب ضمان عدم وقوع العبء الأكبر على الفقراء.