وصفوه بالزنديق.. كيف واجه أسامة أنور عكاشة جماعة الإخوان؟
خاض عميد الدراما العربية أسامة أنور عكاشة العديد من المعارك خلال مسيرته الفنية فمنذ بداية رحلته مع الشهرة فى ١٩٨٢ حتى ٢٠١٠ وصلت المعارك لحد التهديد بقتله، والتفريق بينه وبين زوجته وخروجه عن الملة وتطبيق حد الردة عليه.
"الدستور" ترصد في السطور التالية أبرز المعارك التي خاضها جواجرهي الكتابة وعراب الدراما التلفزيونية الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة.
معركة عمرو بن العاص 2004
صانع الأزمات، هكذا وصفه علماء الدين وأفراد جماعة الإخوان بمجرد أن يبدى رأيه في شخصية أو يكتب رأيا لا يعجب البعض، فقد أثارت تصريحات عكاشة حول شخصية عمرو بن العاص والتي نعته خلالها بأوصاف اعتبرها الكثيرون لا تليق بأحد صحابة الرسول، وقد أحدث الأمر ضجة في الأوساط الدينية في مصر، تفاعلت أكثر بعدما أعلن في برنامج القاهرة اليوم الذي بثته قناة "اليوم" التابعة لشبكة أوربت الفضائية بعد تصريحاته الصحفية على الهواء مباشرة تمسّكه برأيه، وسخر من محاوره الداعية الإسلامي الشيخ خالد الجندي الذي عارض رأيه، حيث تساءل قائلاً:" أسامة أنور عكاشة هو لما يكون ده رأينا في عمرو بن العاص أبقى خرجت عن الإسلام أو أنكرت ما هو معلوم من الدين؟
وقام عكاشة آنذاك بسب عمرو بن العاص، وصفه بأنه سبب التفرقة بين المسلمين إلى سنة وشيعة وأنه ليس رجل دين، فى هذه المرة قامت الدنيا رأسًا على عقبًا، وتم وصول الأمر إلى تكفير عكاشة وخروجه عن الملة بل وصل الأمر إلى رفع قضية للتفريق بينه وبين زوجته"قضية الحسبة".
فقد خرج الشيخ خالد الجندي ومجموعة من علماء الأزهر رافضين بشدة ما قاله عكاشة عن عمرو بن العاص، واصفين الكاتب بأنه كافر وزنديق، بل وصل الأمر إلى أن قام البعض برفع دعاوي قضائية ضده، كما استضافه الإعلامي عماد أديب في برنامجه"بهدوء" في مناظرة تليفزيونية مع الدكتور محمد المسير أستاذ العقيدة والفلسفة، الذى أكد الأخير أن التاريخ كتب بعد عامين من عصر الصحابة وحدث به مغالطات كثيرة وأخطاء، ولم يحظى بالتدقيق والتنقية التي حدثت في الحديث، وعملية حصر الفتنة وإسنادها إلى عمرو لا صحة له وهذا تعدى على صحابي، والفتنة بدأت منذ قتل سيدنا عمرو بن الخطاب، وأن الخوارج لم يكونوا من صنع بن العاص، ووضع اللوم على طرف دون الآخر في المعركة فهذا تجنى عليه، وظل يوضح القصة كاملة.
وظل عكاشة طوال المناظرة متمسكًا برايه على الرغم من هجوم الدكتور المسير عليه.
ودخلت الجماعة الإسلامية آنذاك وقد عرفت بالتشدد في آرائها، تشعل الأزمة بعباراتها ضد عكاشة، فقال محامى الجماعة الإسلامية منتصر الزيات بأن عكاشة لا يعرف الوضوء، ويجب أن يعرف التاريخ أولا قبل أن يتحدث عن شخصية عمرو بن العاص.
رد أسامة عكاشة
وكعادته خرج أسامة أنور عكاشة ليوضح للناس ما قاله عن شخصية عمرو بن العاص، في الكثير من الحوارات الصحفية، فقال في حوار له في مجلة أكتوبر عام 2004، في رده على سؤال يقول: فجأة وبدون مقدمات أصبح أنور عكاشة متهما بالتهجم على الدين الإسلامي والتطاول على عمرو بن العاص؟
فأجاب: "لأننى أجبت عن سؤال لأحد الصحفيين من عدم كتابتي للدراما التاريخية، قلت له أن الظروف لا تسمح بكتابة دراما تاريخية صحيحة، فعندما تكتب دراما عن شخصية أو سيرة فأنت تتحدث عن صراع نقائض ولا تكتب عن شخصية مبرأة وهذا هو الخطأ الذي تقع فيه، خطأ تمجيد الشخصية مثلما حدث مع عمرو بن العاص، وعلى سبيل المثال إذا كتبت أنا عن عمرو بن العاص فسوف أقول عنه أنه من أحقر شخصيات التاريخ الإسلامى، ولا بد أن أوضح أولًا أننى هنا أتحدث عن دور سياسي وتاريخي، لا أتحدث عن عمرو بن العاص كمسلم، فليس من حقى الحكم على أى مسلم اطلاقًا ولا حتى جاري المسلم الذي يسكن معى أنا هنا أفرق بين الشخصية والشخص.
فعمرو بن العاص رجل سياسة وحرب وليس رجل دين وهذا لم يستطيع أن يفرق بينه الذين هاجمونى أو ربما يعرفون الفرق ولكنهم "استعبطوا، فعمرو ابن العاص رجل دين بمناسبة ايه وما هو الاجتهاد الذي قدمه، عمرو لعب دورًا سياسيًا مع الأمويين ضد الهاشميين وتبلور هذا الدور في الفتنة الكبرى بعد مقتل عثمان بن عفان وفيها شارك بدور أقل ما يقال عنه فيه هذا الوصف الذي وصفته به ونتيجة لهذا انشق صف المسلمين إلى اليوم بين سنة وشيعة، وهذا ليس كلامى بل موجود فى كتب السيرة ودرسناه في المدارس فعرفنا خدعة التحكيم وكيف أستطاع عمرو أن يخدع أبا موسى الأشعري ليخلع علي ابن أبي طالب ويثبت معاوية.
قضية الحسبة
وعقب تصريحات عميد الدراما حول شخصية عمرو بن العاص، رفعت دعوى قضائية من جانب الشيخ جالد الجندي الذي لمع نجمه آنذاك ضده للتفريق بينه وبين زوجته، فقال في حوار أجرت مجلة أكتوبر عام 2004، في رده على سؤال وجه إليه يقول: ما ردك على من تقدم ضدك ببلاغ يطلب فيه التفريق بينك وبين زوجتك؟
فقال:"بعد واقعة الدكتور حامد نصر أبو زيد لم يعد متاحًا للأفراد تحريك دعوى الحسبة، ولكن أصبح هذا الأمر مقصورًا على سلطة النيابة العامة، فهو لم يحرك دعوى، ولكن قدم بلاغًا للنائب العام يطالبه فيه برفع قضية حسبة على للتفريق بيني وبين زوجتى لأننى أسأت للدين الإسلامى وفى هذه الحالة إذا رأت النيابة العامة أو النائب العام وجهًا لإقامة الدعوى، ولم يصلنى حتى الآن استدعاء لمكتب النائب العام أو التحقيق، ولم اسأل في هذا الموضوع على الإطلاق، فمعركتي في عمرو بن العاص بسبب أني حاربت التطرف والإرهاب ومن فصيل فريق الاستنارة.
عكاشة لمنتصر الزيات: أستطيع أن أعلمك أمور دينك
وأما رده عن منتصر الزيات، قال عكاشة:" منتصر قال عنى إننى لا أعرف الوضوء، أنا أعرف كيف أتوضأ وأنا فى سن الثلاث سنوات، فوالدى كان يوقظنى وأخوتى فى الفجر لكى نتوضأ ونصلى، فأنا أعرف الوضوء جيدًا، وعلى استعداد أن أعلم منتصر الزيات أشياء كثيرة فى الدين يجهلها هو".
رد عكاشة على الجندي
رد في حوار أجرته مجلة نصف الدنيا في العدد الصادر بتاريخ 2004،"هولاء فليق كامل نجوم الدعوة الأفاضل يبحثون عن النجومية والشهرة والفلوس أحدهم مثلا يتفاخر بأنه كثير الزيجات وهو ذاته الذي يغير ويستبدل ملابسه حسب البرنامج الذي يظهر فيه إما بدلة أو كاكولا ويفاخر أيضا أنه يقبض فلوس من الدعوة، لأنه ينفق على الدعوة، هؤلاء فصيل الدعاة الذين يتاجرون على البسطاء وعلى المصريين مستغلين أن الإنسان المصري متدين بطبعه ويستغلون هذا فى التربح، إلا يستحق هؤلاء وصفًا يشبه الوصف الذي وصفت به عمرو بن العاص.
معركة "حرب أكتوبر"
معركة كانت حامية الوطيس، فقد قامت الدنيا ولم تهدأ بمجرد أن انتشر خبر أن الكاتب أسامة أنور عكاشة بأنه سوف يكتب فيلمًا عن حرب أكتوبر، وذلك بعد أن اختارت الشؤون المعنوية عكاشة لكتابة الفيلم لمدة 4 ساعات، ساعتين ما قبل حرب أكتوبر وساعتين عن العبور والاقتحام، وتم وضع الخطوط العريضة بالفعل، وكان عكاشة آنذاك هو نجم المرحلة ولأن رائعته ليالى الحلمية كانت تحظى بشعبية كبيرة فى هذا الوقت، وتم التعاقد معه بحسب ما أكده اللواء سمير فرج رئيس إدارة الشؤون المعنوية بالجيش آنذاك، وكان صاحب الفكرة أيضا، بحسب كلامه في حوار له مع جريدة"المصري اليوم" عام 2013.
والذي وقف بالمرصاد لهذا الفيلم جريدة "أخبار اليوم" ورئيس تحريرها الكاتب الصحفى الراحل إبراهيم سعدة بمصاحبة عدد من الكتاب الآخرين، عام 1996، فقد شن هجومًا كبيرًا ضد عكاشة والسبب أنه ناصري ومن ثم سينسب نصر أكتوبر إلى الرئيس جمال عبد الناصر، وينسى فضل الرئيس أنور السادات.
كتب سعدة عدة مقالات تتضمنت جمل وعبارات جارحة للكاتب الراحل عكاشة، ومنها ما نقلته آنذاك جريدة "الوطن العربي" عام 1996:"كيف تعهدت القوات المسلحة بكتابة فيلم عن نصر أكتوبر للكاتب الدرامي أسامة أنور عكاشة فإن الفيلم أكبر من إمكانياته، وبأنه بسيطة، وليس لديه رؤية كافية للفيلم، ورؤيته قاصرة على الحارة المصرية فقط".
وكان مفاد هذه الحملة التي استمرت لأسابيع عدة عام 1996:" ألاَّ تمكنوا هذا الرجل من العبث بتاريخ مصر، فهذا ناصرى وسوف يسرق نصر أكتوبر وينسبه لعبد الناصر.
وتعددت الأقاويل وقتئذ، وتم غلق موضوع الفيلم نهائيًا، وكثرت الإشاعات حول تراجع عكاشة عن استكمال الفيلم بعد أن كتب فيه ما يقرب من أربع مشاهد.
رد أسامة أنور عكاشة
خرج الكاتب الراحل مدافعًا عن نفسه وعدم تراجعه عن فكرة كتابة فيلم أكتوبر، في الكثير من الحوارات الصحفية، منها ما جاء في حوار له في مجلة أكتوبر 13 نوفمبرعام 2004، فقال في رده على سؤال وجه إليه حول فكرة تراجعه عن الفيلم فقال:" لم أتراجع عن كتابة الفيلم، دعك من الكليشهات التي نصف بها بعضنا لأنها غير حقيقية، وهذا لا يعد تبرأ من شئ فأنا لا أنتمى لأى تنظيم سياسي فى مصر وهو كلام عشوائي وحدوتة.
فقد حدثت ضغوطًا كثيرة، وهذا حدث لمجرد أن قلت أن البطل الحقيقي لأكتوبر هو الشعب المصري الذي ظل أبناؤه على الجبهة ست سنوات فى الخنادق ينتظرون الحرب ومستقبلهم متوقف، والشعب حارب في الجبهة الداخلية مثلما حارب على جبهة القتال قالوا لى "بس بس" أنت تريد أن تأخذ النصر من الرئيس السادات وتعطيه للرئيس الراحل عبد الناصر، قلت ما هذا الهراء.
بينما قال في حوار آخر في جريدة العربي المصرية فى 20 مايو عام 2010 قبيل رحيله ردًا على سؤال الجريدة حول توقفه عن فيلم حرب أكتوبر قائلًا:" وفوجئت بحملة شرسة بدأتها أخبار اليوم على مدى أسابيع استكتبت فيها الناس لكى يشتموا العبدلله وكان إبراهيم سعدة على رأس هذه الحملة وكان مفادها أنني سوف أزيف الحقائق وأنسب نصر أكتوبر لعبد الناصر، كما لو كانت حرب أكتوبر من أملاكى أو العزبة بتاعتى، سأعطيها لمن أريد كأن ليس هناك تاريخ وليست هناك وثائق.
وكان هدف الحملة هو إخراجى من المشروع خاصة بعد أن صرحت أن البطل الحقيقى لحرب أكتوبر هو الإنسان المصرى والأسرة التى ظل أبناؤها فى الخنادق على جبهة القتال طيلة ست سنوات وأنا أعتبر أن هذا المواطن البسيط وراء كسبنا حرب أكتوبر وأول ما قلت هذا بدأت الحملة باتهامى بتجاهل السادات لكن مازال المشروع موجوداً ومعالجته موجودة والتسجيلات موجودة ولابد أن أكتب الحدث كما أراه ككاتب أولا.
غير أن المشكلة أننا مازلنا نعيش الزمن الذى يحكم فيه رجال أكتوبر وأنا ضد الأعمال الاحتفالية، وكان قد تم تخصيص ميزانية للفيلم تقدر بـ 25 مليون جنيه وهو رقم ضخم جداً فى هذا التوقيت عام 1996 حيث كان أضخم عمل ينتج بخمسة ملايين جنيه.
معركته مع التطرف وجماعة الإخوان
أرادت جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية آنذاك، فرض السيطرة على العقول من عدم الحديث في أمور الدين إلا من خلالها فقط، وكأنها الوصية على الدين الإسلامي، وكان تغتال كل من يحاول أن يقرب من هذه المنطقة ويتحدث فيها، فقد استحلوا دم المفكر نصر أبو زيد، ووجهوا العديد من الإتهامات لكل من يعبر عن رأيه.
وعكاشة مثله مثل اي مفكر ومبدع وجهت إليه العديد من التهديدات بالقتل، عقب مسلسله "ليالي الحلمية" الجزء الثالث، الذي أشار فيه بأسلوب خفى إلى التطرف، وعقب تصريحاته عن شخصية عمرو بن العاص، وكذلك حرب أكتوبر، وعن آرائه في الكثير من القضايا المطروحة على الساحة آنذاك.
وقال عنها في حوار لجريدة العربي المصرية عام 2010:" تلقيت 300 بريد إلكتروني كلها تهديدات حتى أن الداخلية عرضت تعيين حراسة، وكانت سلمى الشماع قد ابلغتنى بوصول تهديدات، ولم تكن هذه هى المرة الأولى، ففى إثر أزمة مسلسل عمرو بن العاص، أحلوا دمى فى الزوايا والمساجد.
ودائما ما كانت تتهمه الإخوان ومنتصر الزيات بأنه مرتد وزنديق، لأنه كان دائما يواجههم يحقيقتهم بأنه يعملون من أجل إرضاء أمريكا فقط، ففي حوار له فى مجلة المصور عام ٢٠٠٩، أكد أنه قد بدأوا الإخوان بمشروع إرهابي، وبدأوا الدعوة بشكل ديني على أيام حسن البنا ولكنها كانت سياسية أيضًا، وأن لتنظيم السري للاخوان كان مسلح واغتال الخازندار والنقراشي.
وأضاف عكاشة أن من قلب الإخوان ظهر فيصل الجماعة الإرهابي، وهدفها إرهاب المجتمع، وأن الجماعات الإرهابية هى إبنة الإخوان، فهم اعتنقوا مذهب التقية، يظهرون خلاف ما يبطنون.
وأشار إلى أن جماعة الإخوان هى الأم لكل جماعات العنف، وأؤيد مقولة وحيد حامد الإخوان هى الدجاجة التي رقدت على بيض الإرهاب، وهم لن يصلوا للحكم إلا فى حالة فوضى تظهر وقت فراغ سياسى، لافتا إلى أن حسن البنا استخدم مبدأ ميكافللي وكان أستاذا في مبدأ التقية، ويعتنقع هو وجماعته الإخوان سياسة الإرهاب.
وأوضح أن الإخوان عاشوا طوال حياتهم لكسب ود الأمريكان واستخدمهم الأمريكان ورقة مثل طالبان وتنظيم القاعدة.