«المفتي» يعلن توصيات «سلام»: تقليل الفرصة أمام انتشار خطاب الكراهية والتشدد
اختتمت دار الإفتاء المصرية مؤتمرها الدولي لمركز سلام لدراسات التطرف، الذي انطلق على على مدار ثلاثة أيام تحت عنوان "التطرف الديني.. المنطلقات الفكرية واستراتيجية المواجهة".
وألقى الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية البيان الختامي للمؤتمر الأول لمركز "سلام" لدراسات التطرف التابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور المهندس مصطفى مدبولي.
وقال “علام” إن المؤتمر ناقش أثناء الفعاليات المتنوعة بين جلساته وورش عمله وأبحاثه المقدَّمة ونقاشاته قضايا التطرف والمنطلقات الفكرية قديمًا وحديثًا، وتحليل تلك المنطلقات ومناقشتها، وتحليل منظومة الأفكار الممثلة لأركان الفكر المتطرف وكيفية صياغة سياسات متكاملة لمواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب، واستراتيجيات مواجهته والوقاية منه، مع طرح سبل تعزيز التعاون المشترك الإقليمي والدولي في هذا الإطار.
وأوضح أن المؤتمر حرص على تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها مناقشة أطروحات التطرف المبررة لجرائمه والرد عليها، تفكيك مقولات ومفاهيم التطرف والرد عليها، ترسيخ قيم السلام والتعايش والتفاهم بين الشعوب والحضارات، وتبادل خبرات التجارب الدولية في مكافحة التطرف، وفتح آفاق أوسع للتعاون البحثي والأكاديمي في هذا المجال.
وأوضح أن المؤتمر خرج بمجموعة من التوصيات وهي، يدعو المؤتمرون أن يصبح المؤتمر الدوري لمركز “سلام” لدراسات التطرف ملتقى عالميًا سنويًا لسائر المراكز البحثية المتخصصة في مجال دراسة ومكافحة التطرف والإرهاب يعمل علي تنسيق الجهود وتحديد الأولويات وتوزيع الأدوار والتشبيك بين كافة المؤسسات الدينية وصناع القرار والمراكز البحثية والأكاديمية المحلية والإقليمية والدولية والأممية لزيادة الفاعلية والتأثير والخروج بمبادرات مشتركة في مجال مكافحة التطرف وقاية وعلاجًا وتأهيلًا.
وأكد مفتي الجمهورية أن تجديد الخطاب الديني عملية أصيلة في التشريع الإسلامي، نطقت بها نصوصه ودعت إليها مبادئه، وهي عملية لها ضوابطها التي تتلاءم مع وسطية الدين وعالمية الرسالة الإسلامية، وهي قضية منوطة بالمؤسسات الدينية العريقة والوطنية في العالم الإسلامي تتعاون فيها مع العلماء والمفكرين وأصحاب الرأي والفكر من مختلف المجالات الذين لديهم قدم راسخة في العلم الشرعي أوالعلوم الاجتماعية والإنسانية المختلفة إيمانًا بأن تجديد الخطاب الديني يسهم بشكل فعال في مكافحة التطرف وقاية وعلاجاً.
وشدد علام على ضرورة وضع ضوابط واضحة حول المتصدرين للخطاب الديني في الداخل والخارج بالتعاون مع المتخصصين وصانعي القرار والأجهزة المعنية في الدول، لضمان تصدر المؤهلين، ومن ثَم تقليل الفرصة أمام انتشار خطاب الكراهية والتشدد، والخطاب الجامد الذي قد يؤدي بشكل غير مباشر إلى توسيع دائرة التطرف.
ودعا مفتي الجمهورية إلى العناية بتنظيم ندوات ودورات مباشرة وإلكترونية تقوم بها المؤسسات الدينية الوطنية لنشر الوعي بين الشباب بمخاطر التطرف ومناقشة منطلقاته الفكرية وتفكيك منظومة أفكاره والعمل علي دمج الشباب في عمليات الوقاية والمكافحة، كما دعا كافة الدول والمنظمات إلى المراجعة المستمرة لاستراتيجيات مكافحة التطرف وتطويرها بشكل دائم لتتواكب مع أفكار وأدوات المتطرفين.
وأيضًا تنشيط وزيادة حجم المواد المترجمة حول مبادئ التعايش بين الأديان وبيان صحيح الأديان من خلال المؤسسات المعنية بهذا الشأن في البلاد المختلفة، مؤكدًا على ضرورة بذل المزيد من العناية والجهد في مشروع التحول الرقمي للمؤسسات الدينية وتوفير الإرادة الحقيقية نحو ذلك التحول بإنشاء وحدات مختصة بمتابعة التحول الرقمي في تلك المؤسسات.
وشدد على ضرورة عمل لجان تشرف عليها جهات دينية وتعليمية وتربوية للنظر في استراتيجية إعداد المناهج التعليمية وآلياتها ومخرجاتها ومراجعة المناهج لضمان تنقيتها من كل ما من شأنه تعزيز خطاب الكراهية ورفض الآخر.
وأيضًا الاهتمام بالرعاية الوقائية والتحصين المبكر للأطفال والنشء في مراحل التعليم الابتدائية لغرس القيم والأفكار الدينية المنضبطة التي تحول- فيما بعد- دون وقوعهم ضحية للأفكار المتطرفة.
وطالب مفتي الجمهورية بتنقية الكادر التعليمي- لا سيما في مراحل تشكيل الوعي لأبنائنا- من الأشخاص ذوي الميول والأفكار المتطرفة للحيلولة دون ترسيخ مبادئ التطرف في عقول الطلاب، لا سيما وأن الأشخاص المتطرفين يتطلعون لمثل هذه الوظائف التي تسهِّل عليهم نشر منظومة الأفكار المتطرفة من موقع التدريس والتربية.
وقال علام إن المؤتمر أوصى إنشاء منصة إلكترونية جامعة تعرض كافة إصدارات المراكز البحثية المعنية بدراسات التطرف ليتسفيد منها الباحثون والمتخصصون في قضايا التطرف والإرهاب، ودعا الباحثين والمختصين بالشأن المتطرف إلى توجيه جهودهم البحثية لتطورات وتحولات وتحورات الفكر المتطرف، وإلقاء مزيد من الضوء على منطلقاته الفكرية الثابتة والمتغيرة، ومتابعة ذلك الشأن باستمرار لمواكبة التطور في الفكر المتطرف.
وشجع المؤتمر المؤسسات الثقافية والدينية على تنظيم مسابقات دورية ورصد مكافآت وجوائز قيمة تشجيعًا للأعمال الإبداعية والثقافية والدينية الموجَّهة لمكافحة التطرف وتفكيك وتحليل أفكاره.
ووجه المؤتمر بإنشاء لجان تنفيذيه متخصصة لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات لا سيما التوصية الأولي بجعل المؤتمر الدوري ملتقى جامعًا للمراكز البحثية العاملة في مجال دراسة ومكافحة التطرف والإرهاب وموافاة رئيس المؤتمر بما انتهت إليه في مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر.
وثمن مفتي الجمهورية المشاركة الدولية الواسعة من الهيئات الأممية والدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمفوضية الأوربية ومراكز الأبحاث والفكر المعنية بمكافحة التطرف والإرهاب من مختلف دول العالم.
ووجه المجتمعون بالشكر والتقدير إلى الرئيسِ عبد الفتاح السيسي رئيسِ جمهورية مصر العربيةِ، ورئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، لرعايته الكريمة للمؤتمر، وحسن استقبال الوفود المشاركة في المؤتمر، والدعم المستمر لمسارات المؤتمر.