«باريس أبدا.. يوميات الضفة اليسرى» إصدار جديد عن منشورات المتوسط
صدر حديثا عن منشورات المتوسط -إيطاليا، كتاب جديد للكاتب المغربي الدكتور أحمد المديني، حمل عنوان "باريس أبدا.. يوميات الضفة اليسرى"، وهو كتابٌ يرصد فيه المديني يومياته في مدينة إقامته باريس، وهو الكتاب الثالث الذي يكتبه المديني عن باريس وكتابه الـ 70 في تاريخه الأدبي والعلمي الكبير.
الكتاب صدر بالتزامن مع المعرض الدولي للكتاب في الرباط 2022، وسيتم الاحتفاء به وتوقيع الكتاب غدا الجمعة.
وجاءت كلمة الناشر:
هذا هو الكتابُ الثالثُ الذي يكتبه أحمد المديني عن باريس المدينة - العالَم. وبتُّ على ثقةٍ متينةٍ أن انقطاع زياراتي إلى باريس قد يكون مردّه هو الكتاب الثاني للمديني (فتن كاتب عربي في باريس)، والذي شرفتُ بنشره عام 2019، ولم يكن بسبب الجائحة؛ لأنِّي حين احتجتُ الذهابَ إلى باريس وتهيَّأتُ لها، أرسل لي الأستاذ المديني كتابه هذا بُغيةَ نشره، فسارعتُ لقراءته. وفي أثناء القراءة، وجدتُ أعذاراً، اختفتْ معها حاجتي للذهاب إلى باريس ورغبتي التي كنتُ هيَّأتُها كذلك.
أنا من النوع الذي يُحبُّ السفر كثيراً، ولكنِّي دائماً أبحث في المدينة عن حياتها اليوميَّة، وأتمنَّى لو عندي عُمُرٌ مَديدٌ، فقط لأعيشَ في المُدُن التي أُحبُّها بضع سنوات، تكفيني للتعرُّف إليها كما ينبغي. لكنِّي أعتقد الآن أن هذا الإشكالَ حُلَّ مع مدينة باريس، بفضل هذا الكتاب.
أنا هنا لا أُقدِّمُ للقارئ العربي كتاباً عن باريس، بل أُقدِّم له باريسَ كلَّها، سحبها أحمد المديني من تحتِ أقدام سَاكِنِيْها، ونَثَرَهَا في هذا الكتاب نَثْرَاً عذباً، له موسيقى ستسمعونها وأنتُم تقرؤون.
من أجواء الكتاب:
قضيت هذا اليوم متنقلاً بين مشاغل شتى، خاصةٍ وعامة، لا أكاد أستقرّ على أمر. أضع يدي، فكري، على شيء، فينسرب مني حبيبات رمل. عزوْت هذا في البداية إلى طول تركيز وانكفاء على الذات فرضه الحجْر جرّاء وباء فيروس كورونا 19 دام شهرين ونصف، وحين رُفِع الحجر في الحادي عشر من أيار/ مايو- أيار، لم نعرف ماذا نفعل به، في الحقيقة بأنفسنا. ها هو الخارج الذي مُنعنا من الاتصال به أسابيعَ طويلة، إلا بتقنين شديد وتوقيت صارم، عاد مُتاحاً، وإن بمقدار، وها هو الفراغ الشاسع الممتد بلا نهاية، في مدينة صرت أحسبها انتُزعت مني وأنا أسير بداخلها، تُستعاد، لكني في سرّي، لا أريد أن أفصح عن هذا، أخشى العودة إليها، ربما ضيّعت طريقها، ضيّعتها كلّها، والوباء الذي يواصل حصد أرواح الآلاف حصدها بدورها وما أبقى سوى على الذكريات، كلُّ منا سيحاول أن يلملم شظاياها ليصنع منها بقايا مدينة، بقايا كتابة إن هي تماسكت أعضاؤها ولغتها لتعطى معنى ما. كان الكِتاب بعض ملاذ، هو كذلك دائما، هو عندي والكتابة صنو الحياة، كذلك عشقهما خورخي سامبرين، سأقول مَهرَبا، وسعيت إلى تجربة موراكامي بحثاً عن ملجأ، لأعترف، عن مهرب.
أحمد المديني: قاص وروائي، باحث جامعي وناقد أدبي، من المغرب. خريج جامعة السوربون بدرجة دكتوراه الدولة في الآداب والعلوم الإنسانية 1990. عمل أستاذا في جامعات مغربية وفرنسية. صدرت له أعمال عديدة قصصية وروائية، ورحلات، ودواوين شعرية، ودراسات جامعية ونقدية وترجمات أدبية، عن دور نشر عربية، وأجنبية. تُرجمت بعض كتاباته إلى الفرنسية والإسبانية والإنكليزية. شارك في عدة مناظرات أكاديمية ومؤتمرات أدبية بالعالم العربي، وخارجه. وله أبحاث منشورة في المجلات والحوليات المتخصصة. حصل على جائزة المغرب للكتاب في فئة الدراسات الأدبية والنقدية عام 2003، وعلى الجائزة نفسها في فئة الإبداع السردي عام 2009.