جوائز العشم..
لا هى جوائز دولة.. ولا هى تقديرية!
لما كان من شروط جائزة نوبل الترجمة لأكثر من لغة، كانت الأوساط الثقافية غاضبة، لأن الكثيرين ممن يستحقونها لم ينالوا شرف ترجمة أعمالهم.. لكنها اختارت إحدى العقبات التى تغربل بها المرشحين دون تدخل من مجالس اللجان، ووضعت شروطًا أخرى فى باقى الفروع اعتمدتها مقياسًا لها فى التصفية، وبالطبع ظلمت العديد من الأسماء التى أخلصت لفنونها وعلومها وآدابها، وإلى الآن كلما مر علينا اسم ما تخطته الجائزة ولا خلاف عليه، لا يسعنا سوى ضرب جباهنا بأكُفّنا، والكثير منهم نعتقد أنه حصل عليها بالفعل إلى أن نكتشف أنه ليس مدرجًا بقوائمها.
أى أن الجوائز التقديرية تعنى اختيار الصفوة التى تتطلب مصداقية وموضوعية وحيادية تامة ونظرة ثاقبة، ولن يتم ذلك إلا بتفعيل بند ترشيح المؤسسات والجامعات، لإعطاء كل ذى حق حقه، لهذا كان من الأفضل أن تلتزم جوائز الدولة التقديرية ببند الترشح من قبل مؤسسات وجامعات ولا تقبل التقدم الفردى، فكل مؤسسة قادرة على تصفية رموزها واختيار الأنسب.
ولا أظن أن كسر هذا البند هو ما أحدث خللًا فى اختيارات جوائز الدولة التقديرية فى مصر، فأبعاد المشكلة تتسع عامًا بعد عام، وكلنا يعرفها لكننا ندفن رءوسنا فى الرمال لكى يمر المركب بسلام، إلا أن يمس الأمر شخصًا ما ويخرج فاتحًا فاهه عن آخره، صارخًا بظلم الجائزة وتقديرها الخالى من أى تقدير، وشللية الوسط واستبعاد أسماء يعلمون أنها الأفضل وأنها رمز لا يستهان بها، أسماء لها شأن عالمى مدوى، رموز يرون أنها بشهرتها هذه فى غنى عن الجائزة، فقد نالت ما يكفيها عالميًا "كمان عايزة تقدير محلى.. ما يصحش !!!! تسيب لنا حاجة ناخدها".
هذا هو المنطق السائد فى استبعاد أسماء وإحلال أخرى لم نسمع عنها ولا عن عطائها، لمجرد أنها قدرت نفسها بنفسها ورأت أنها تستحق "ما حدش مقدرنى.. أقدر أنا نفسى.. وظاتت.. ظاتت خالص"، وربما تقدمت بدافع العشم فى أن ابن خالتها واحد فى اللجنة.
إذا كان حديثى ليس على هواكم فليخرج من بينكم عاقل واحد ويضع القائمتين الطويلة والقصيرة فى كل الفروع أمامه، ويرى بنفسه أليس من المنطقى أن القائمة القصيرة تحتوى على أسماء من القائمة الطويلة لأنها تعتبر تصفية.. أليس كذلك؟
لكن ما حدث وبنظرة خاطفة من أى عابر سبيل نجد أن القوائم القصيرة وضعت بها أسماء جديدة تمامًا، واختفت بعض الأسماء التى وصلت للقائمة الطويلة.
إذن هى ليست جوائز دولة تقديرية.. جوائز "اللى يلحق.. جوائز راضينى وغدينى، جوائز العشم والعشرة اللى بنا"
لا دخل لها بالتقدير ولا بالدولة ولا بمؤسساتها.
بعض الأسماء المرشحة بالطبع لا خلاف عليها إطلاقًا.. حتى أنى اندهشت أنهم تذكروها أخيرًا، وأسماء اختفت وأنا على علم بترشيحها من قبل مؤسسات كبرى وتم استبعادها من الأساس، لأنها ببساطة تعمل فى صمت بلا شللية ولا ضهر تستند عليه سوى جهودها، ولا تدخل منظومة سباق العشم ولا تلقى بالًا لجائزة خالية من أى تقدير، وتم استبعادهم فقط لأن وجودهم له ثقله الذى يخشاه الأقل منهم شأنًا.. وهذا فى رأيى أكبر تقدير لهؤلاء.. معنى أن يخشى من وجودهم فى جائزة ما، يعنى أنهم بلا جدال سوف يحصلون عليها، هنيئًا لهم بتقدير خفى أفضل ألف مرة من إهمال معلن.