مفوضية حقوق الإنسان تثير غضب اليمنيين.. ما القصة؟
سببت إحاطة إعلامية صادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حول تمديد الهدنة في اليمن، حالة استنكار لدى الحكومة الشرعية، خصوصا عدم إشارة المفوضية للحوثيين على أنهم مرتكبي الانتهاكات، في شكل يفهم منه أنها انتهاكات متبادلة، فضلا على مساواة الحكومة الشرعية والتحالف العربي بميليشيات انقلابية مدعومة من إيران.
واستنكرت وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان اليمنية ما وصفته بـ"الأسلوب المضلل الوارد في الإحاطة الإعلامية الصادرة عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة الجمعة، حول الهدنة التي تم تجديدها لشهرين قادمين.
وقالت الوزارة في بيان تلقت "الدستور" نسخة منه، إن الإحاطة الإعلامية للمفوضية كانت ضبابية، ساوت من خلالها بين الحكومة الشرعية الملتزمة بشروط الهدنة ومعها التحالف العربي الداعم لها، وبين تلك المليشيات الحوثية التي ارتكبت خلال فترة الهدنة آلاف الانتهاكات.
وعابت الوزارة على المفوضية وضع الطرفين في سياق مشترك هدفه أن تبدو الأمور وكأن الطرفين مشارك في ذات الانتهاكات، حيث بدأت تلك الإحاطة بتسمية المليشيات الحوثية بـ"أنصار الله"، دون الإشارة إلى داعمتها إيران، ثم استرسلت في ذكر الانتهاكات التي تمت خلال الهدنة السابقة والتي يعلمها جميع أبناء الشعب اليمني ويعلم من يقوم بها ومن يقف ورائها، وهو أيضا ما تعلمه المفوضية السامية والمنظمات الحقوقية الدولية وتدركه.
من يزرع الألغام؟
وواصلت الوزارة في بيانها: الجميع يعلم أن من يزرع الألغام في البر والبحر هي المليشيات الحوثية الإجرامية والتي تجاوز عددها أكثر من مليوني لغم، كما يعلمون أيضا من يستخدم القنص والأسلحة الثقيلة لاستهداف المدنيين في المدن والأحياء السكنية، وفي مقدمتهم النساء والأطفال.
وأشارت إلى أنه: في الوقت الذي تعمل الحكومة بشكل وثيق على تنفيذ التزاماتها في إطار الخطة المشتركة مع الأمم المتحدة وتقارير الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الأطفال والنزاع المسلح، تؤكد التزام الحكومة في منع تجنيد الأطفال فيما تستمر المليشيات الحوثيه في تجنيد الأطفال بأعداد جاوزت 40 ألف طفل خلال السنوات الماضية.
واعتبرت وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان هذا الأسلوب "المضلل" من قبل مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان التي لو أنصفت وتحدثت بلغة حقوقية صادقة جادة وليس دبلوماسية وسياسية لأوضحت للرأي العام الدولي كيف أن هذه المليشيات قامت بكل هذه الانتهاكات التي كانت كافية لإفشال الهدنة لولا حرص و صبر الحكومة والجيش الوطني ودعم التحالف لإنجاح أي مبادرة تشكل خطوة إيجابية من السلام. مؤكدة أنها بصدد تقديم خطاب مفصل للمفوضية بهذا الشأن.
انتهاكات رغم الهدنة
ورحبت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بموافقة "الطرفين" في النزاع، على تمديد الهدنة لشهرين إضافيين.
وقالت المفوضية في بيان اطلعت "الدستور" على نصه، أنه في الفترة بين 2 أبريل و1 يونيو، جمع مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في اليمن، في سياق عمله المستمر في مجال رصد الخسائر في صفوف المدنيين وتوثيقها، معلومات أولية تشير إلى مقتل ما لا يقل عن 19 مدنيًا وإصابة 32 آخرين في حوالى 20 حادثة عنف مرتبطة بالنزاع.
ونتجت هذه الخسائر بأغلبيتها عن ألغام أرضية، بما في ذلك ألغام مرتجلة، وعن متفجرات من مخلفات الحرب. ما يؤكد مخاطر هذه الأجهزة التي تهدد حياة المدنيين وغالبًا لفترات طويلة من الزمن، وتؤدي إلى سقوط قتلى أو تتسبب بإصابات خطيرة. والأطفال بشكل خاص هم الأكثر عرضة لخطرها. ففي الفترة الممتدّة بين 2 أبريل و1 يونيو، قتل ثلاثة أطفال وأصيب 12 آخرين بهذه الطريقة. بحسب بيان المفوضية.
وعلى الرغم من الهدنة، وثقت المفوضية أربع حوادث إطلاق نار من قبل قناصة أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص من بينهم امرأة وإصابة مدنيَين اثنين أحدهما فتى، في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة بالقرب من الجبهات في محافظتَي الضالع وتعز. كما وثقت حادثتين أصابت فيهما أسلحة أطلقَت من طائرات بدون طيار أربعة مدنيين، من بينهم فتاة، وأيضًا في مناطق تسيطر عليها الحكومة بالقرب من الجبهات. دون ذكر مرتكب هذه الوقائع.
وحثت المفوضية الأطراف كافة على بذل جهود جدية لضمان إعادة فتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون منذ العام 2015.
ودعت المفوضية الأطراف في النزاع إلى الالتزام ببنود الهدنة بحسن نية وإلى الامتناع تمامًا عن حملات التجنيد الهادفة إلى استقطاب الأطفال، وهي ممارسة غير قانونية تتعارض مع الالتزامات التي تعهدت بها جميع الأطراف. وهو ما استنكرته وزارة حقوق الإنسان اليمنية، بسبب عدم توضيح المفوضية أن الميليشيات الحوثية هي الطرف الذي يرتكب هذه الجرائم.
هل الهدنة مؤشر لانتهاء الحرب؟
في السياق، أكد رئيس مركز حقي لدعم الحقوق والحريات، وممثل مركز المعلومات والتأهيل في جنيف، المستشار القانوني هاني الأسودي، أن تمديد الهدنة لشهرين إضافيبن هو مطلب إنساني يساعد كثير من المنظمات الإغاثية في الوصول لكثير من المحتاجين في مناطق النزاع، والذين كان من الصعب الوصول لهم لولا الهدنة، بالإضافة أن الهدنة بالفعل قللت من عدد الضحايا المدنيين.
وقال الأسودي في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، إنه: بالرغم من هذه الأمور الإيجابية، إلا أن إعلان الهدنة في حد ذاته غير كافٍ مالم تكن هناك ضغوط حقيقية من قبل المجتمع الدولي لإجبار الحوثيين على خفض التوتر وإيقاف خروقاتهم المستمرة للهدنة، وذلك لتحقيق مكاسب إنسانية وحقوقية حقيقية، خاصة مع تعنت الحوثيين في فك حصار تعز واستمرار إغلاق معابرها الرئيسية، والتي ترفع من معاناة أكثر من ٤ ملايين مواطن على الأقل.
وشدد على ضرورة ألا تسمح الأمم المتحدة للحوثيين باستغلال الهدنة لإعادة التموضع العسكري واستغلال فتح ميناء الحديدة لا ستقبال شحنات سلاح مهربة من إيران.
وردا على سؤال: هل تكون الهدنة مؤشرا على توقف الحرب بشكل كامل، قال الأسودي، إن: هذا يعود على حسب تجاوب الحوثيين مع الهدنة وتقديمهم للتنازلات. ففي الوقت الذي تقدم فيه الشرعية والتحالف تنازلات كبيرة ومعقولة، نجد أن الحوثيين يقدمون مجرد وعود كاذبة ومماطلات كثيرة وخاصة في ملف حصارهم لتعز.
وأضاف أنه: إذا كان المجتمع الدولي بالفعل يريد إيقاف هذه الحرب فيجب الضغط الحقيقي والجدي على إيران، وهي الطرف الحقيقي المسيطر على القرار الحوثي لتقديم تنازلات جدية يتم البناء عليها كمؤشر لقرب انتهاء الحرب.