«موسوعة الجزايرلى».. تفاصيل أكبر موسوعة عن مدينة الإسكندرية
تعد "موسوعة الجزايرلي.. أسماء شوارع الإسكندرية" من أبرز الموسوعات التاريخية التي تؤرخ لشوارع مدينة الإسكندرية، واشتغل عليها صاحبها لمدة 30 عاما، وظلت مخطوطة حتى تم نشرها في عام 2012 عبر مكتبة الإسكندرية.
وغرد الكاتب الروائي إبراهيم عبدالمجيد عبر “تويتر”، قائلا: "دي موسوعة مهمة جدا كان لي شرف الاشتراك في حفل إطلاقها بمكتبة الإسكندرية سنة 2012 مع الدكتور محمد عوض والدكتور فتحي أبوعيانة وابنا المؤلف الراحل.. شوفو الدنيا حصل فيها آيه".
وفيما يلي نرصد أبرز المعلومات عن “موسوعة الجزايرلي.. أسماء وشوارع الإسكندرية” للكاتب فهمي حسين الجزايرلي.
“ موسوعة الجزايرلي" صادرة عن مركز دراسات مكتبة الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط، وجاء بمقدمة للكاتب والأكاديمي دكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية الأسبق، وجاء فيها: “في مدينة عريقة كالإسكندرية، للتاريخ أهمية خاصة في حياة الناس.. وفي مدينة متعددة الأجناس والأعراق والأديان كالإسكندرية، للهوية معنى مركب وأبعاد متعددة".
وتابع: “ومن ثم؛ ندرك أهمية مقولة المؤرخ الإنجليزي توماس كارلايل حين قال: أن الحاضر ماهو إلا المحصلة الحية لكل ماضي، وكذلك قول الكاتب الفرنسي لامارتي : إن التاريخ يعلمنا كل شيء، حتى المستقل.. إن حاضر مدينة الإسكندرية هو ماضيها الذي نعيشة يوميا، حينما نجوب شوارعها وميادينها، ونقرأ أسماء الأشخاص الذين صنعوا هذه المدينة وصبغوها بهذا اللونظ، وحين نتعرف على هويتهم والبلاد التي أتوا منها نتعرف أيضا على هوية الإسكندرية التي تتميز بالتسامح وتقبل الآخر، والذي كان نتيجته إذهار المدينة وشخصيتها الكوزموبوليتانية المتميزة”.
ولفت سراج الدين إلى أن المؤلف "يوسف فهمي أحمد الجزايرلي" مكث ثلاثين عاما في تأليفها، مما يكشف عن مدى الجهد المبذول في هذا العمل الضخم، غير أن وفاة المؤلف قبل نشرها وإصدارها تسبب في عديد من الصعوبات الفنية، والتي واجهها بكل دأب وحزم فريق عمل متخصص بمكتبة الإسكندرية.
7 ساعات في مواجهة الموت غرقا
ولد يوسف فهمي الجزايرلي الجمرك، في أحد الشوارع المتفرغة من شارع إسماعيل صبري، في الرابع من أكتوبر لعام 1881 لأب جزائري الجنسية “تحت الحماية الفرنسية” وأم من أصل تونسي.
هاجر والده إلى الإسكندرية أبان الاحتلال الفرنسي للجزائر، هو من عائلة جزائرية تدعى عائلة "الطيب"و ابن عمه هو الشيخ حمدان الطب مفتي الجزائر المالكي أبان الحرب العالمية الأولى، أما والدته فكانت من عائلة المفتي الجزايرلي بالإسكندرية.
توفي والده عندما كان يوسف في سن التاسعة من عمره، فتولت والدته تربيته وحدها، وكان أبوه ثريا يملك ثروة كبيرة في الجزائر، فسافرت الدته إلى الجزائر لتصفية أملاكه، ومكثت هناك حوالي سنة، وقد رجعت والدته بثروة أبيه، ولكن حدث أن اجتمع عليها أخوتها وأقاربها واستولوا على ثروتها تدريجيا، حيث لم تكن متعلمة، وكان يوسف قد بلغ سن الـ11 في ذلك الوقت.
وتلقى الجزايرلي تعليمة الإبتدائي بمدرسة إبراهيم باشا، وأدى إلى حفظه القرآن الكريم وتمكنه من اللغة العربية، والنحو والإعراب، وكان دائمًا يرجع إلى القرآن الكريم في النحو والصرف والإعراب، ثم التحق بالمدرسة الثانوية، وحين أتم دراستها استدعى إلى فرنسا، حيث كان تحت الحماية الفرنسية، وتم تجنيده في الحرب العالمية الأولى وحارب في صفوف فرنسا ضد الألمان وكان دائمًا يحكي عن أهوال هذه الحرب التي خاضها مرغمًا.
وأثناء وجوده في فرنسا ، وحين زيارته لمتحف اللوفر، لاحظ وجود موسوعة عن شوارع باريس فأطلع عليها وعرف طريقة وصفها، وأهميتها كمرجع لأسماء الشوارع وتاريخها، وخلال تجنيده بالجيش الفرنسي شعر بالحنين إلى مصر، فطلب منحه إجازة لزيارة الأهل والأقارب في مصر، وركب الباخرة مرسيليا متوجها إلى الإسكندرية، وأثناء الرحلة اعترضت طريقه غواصة ألمانية، وقامت بإطلاق الصواريخ، فأصابت الباخرة وبدأت الباخرة في الغرق، ووفقا للنظام المتبع حينذاك ـ فأنه يصرح للأطفال أولا بالنزول من الباخرة ثم كبار السن، ثم بقية الركاب، وأثناء انتظاره لدورة لفت نظره طفل يبكي بشده، فاخذه ووضعه على كتفه، فسمح له القبطان بسرعة النزول لإنقاذ الطفل، وكان غرق الباخرة أمام سواحل تونس، فأخذ يسبح وعلى كتفه الطفل طيلة سبع ساعات حتى وصل إلى الشاطيء التونسي، حيث تم نقله للمستشفى وتلقى العلاج وبعد أن خرج من المستشفى واصل طريقة إلى الإسكندرية.
بعد انتهاء مدة تجنيدة عاد إلى مصر وعين ببلدية الإسكندرية وقيل أنه أول ماهية تقاضاها من بلدية الإسكندرية وكان قدرها خمسة بنتو "البنتو" هو :الجنية الذهب"، ثم تدرج في الوظائف حتى وصل الى درجة مديرعام السكرتارياية ببلدية الإسكندرية.
كتب قصيدة يهاجم فيها الملكية فحرم من درجة البكوية
التحق بالحقوق الفرنسية، عن طريق المراسلة وحصل ليسانس الحقوق ، وصمم على أخذ الجنسية المصرية له ولأولاده ولزوجته، وبالفعل حصل عليها وفي عام 1937 أثناء عمله ببلدية الإسكندرية، وبعد أن عُين أمين باشا فكري مديرا ليلدية الإسكندرية ولاحظ ثقافته ونشاطه في عمله طلب له درجة البكوية، ولأن يوسف ينتمي لحزب الوفد وكتب قصيدة ينتقد فيها النظام الملكي فتم رفض منحه درجة البكوية.
وجاء في مقدمة الموسوعة: "سجل لنا الجزايلي تاريخ المدينة منذ تأسيسها على يد الإسكندر الأكبر سنة 331 ق م وحتى منتصف القرن اعشرين في هذه الموسوعة الشاملة، وقدم لنا كتابا آخر فريدا "الإسكندرية في فجر القرن العشرين “، فاصبح بذلك من ابرز مؤرخي تاريخ الإسكندرية الحديث”.
وأشارت المقدمة إلى فضل عائلة الجزايرلي في حفظ مخطوطاته، وإلى الكاتب الكبير أنيس منصور في إبراز أهمية هذه الموسوعة وضرورة نشرها، بعد أن ظلت طي الحفظ لأكثر من نصف قرن فالتقطت مكتبة الإسكندرية المبادرة من خلال مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط، وتقدريرا لمؤرخه الجليل.
يذكر أن الموسوعة تضم أعلام التاريخ وأعلام الاجتماع وأعلام الأدب، وأعلام السياسة، وأسماء الموجودات، وذكرت مايزيد عن ألف وثلاثمائة مادة.