ما الذى يدفع أمًا لقتل أبنائها؟ أطباء نفسيون يجيبون

«ودّيت ولادك الجنة يا محمد.. وأحمد ذنبه في رقبتي عشان قصرت معاه»، رسالة مبكية تركتها زوجة تبلغ من العمر 33 عامًا بعد أن تخلصت من 3 أطفال.

الأم تركت رسالة بخط يديها سطرتها بشكل يخلو من العشوائية، بل يخلو تقريبًا من الأخطاء الإملائية، فطرت بها قلوب رواد السوشيال وقلوبنا جمعيًا عقب انتشارها، معلنًا أننا لا بد وأن نعيد النظر من جديد في أن حب الأم لأولادها فطري.

أثارت سيدة «ميت تمامة» بالدقهلية التساؤلات حول كيفية تجرد أم من كل مشاعر الرحمة والإنسانية وتقتل أبناءها بيدها، فلم يستصعب عليها توسلات الأطفال ولم تنظر إليهم نظرة حب، بل تركت الرسالة لزوجها تعترف بها بالجريمة، وذهبت محاولة الانتحار تحت عجلات جرار زراعي خلال سيره بأحد الطرق الفرعية بالمنطقة، حيث تسكن السيدة الثلاثينية، ويشاء القدر أن يتم إنقاذها ويتم نقلها لمستشفى الدولي بالمنصورة.

وحاولنا من خلال التواصل مع مجموعة من الأطباء النفسيين الوصول لسبب يفسر هذه الجريمة.. ويجيب عن تساؤل: هل الأم يمكن أن تقتل طفلها بدم بارد؟ ومتى يتم الاحتياج لتدخل الطبيب النفسي قبل وقوع الجريمة؟

السر فى ترتيب الكلمات 

إجابة عن تساؤل العديد من رواد مواقع التواصل فيما يخص ترتيب الكتابة الخاصة بها، بالرسالة التي تركتها لزوجها وخلوها من الأخطاء الإملائية وكيفية الهدوء وعدم التوتر في الكتابة وهذا يظهر بالتدقيق داخل الورقة نجد التفسير في تعليم صاحبة الجريمة فهي حاصلة على بكالوريوس تربية عربي.

دراسة عن جرائم العنف 

خلال البحث عن هذه الجرائم الخاصة بالأسرة تم التوصل إلى دراسة ميدانية أجرتها حنان سالم، الأستاذة في علم الاجتماع الجنائي بآداب عين شمس، في 2004 خلصت إلى أن القتل هو الجريمة الأكثر انتشارًا داخل الأسرة المصرية، فحب الأم لأطفالها فطرة لا يمكن إنكارها، لكن قد يحدث اضطرابات تخالف هذه الحقيقة، فالجانبان النفسي والاجتماعي والمعاناة من الاضطرابات سواء نفسية أو عقلية تتدخل في التأثير على هذا الأمر فلا يوجد سبب يبرر قتل الأم لفلذات أكبادها، لكن يكون الأم بالنسبة لها جاء بنهايته، بخلاف بالتأكيد الجرائم التى يتم ارتكابها عن عمد ومع سبق الإصرار.

علامات توضح أن الأم يمكنها أن تلحق الأذى بالأبناء

هناك علامات توضح أن الأم غير أمينة على الأطفال، أو من الممكن أن تلحق أذى بهم، على سبيل المثال عندما يكون الجزاء ليس من جنس العمل معهم، بمعنى أن يكون العقاب أقسى بمراحل من الفعل الذي يرتكبه الأبناء، إضافة إلى كثرة الشكاوي من الأبناء والمسئوليات التي تحاوطها ودائمًا ما تصدر أن هناك أزمات متكررة في حياتها وإهمالهم، وفقًا لموقع boredpanda.

كما أن هناك المزيد من العلامات الأخرى على سبيل المثال تغيير الأم من خلال مسئولياتها تجاه الأبناء، بمعنى أنها لا تقوم باحتياجاتهم، تهمل الأكل والشراب أو حتى عنايتهم وقت مرضهم، فلابد من الالتفات لمثل هذه التغيرات بالنسبة للأم والاستعانة بخبير نفسي لتفسير مثل هذه التغيرات، ولا بد أن يحذر المحاوطون لها وأولهم الزوج لمثل هذه الأمور بالطبع.

يجب على الأم عندما تلاحظ أيًا من هذه التغيرات في تعاملها مع أطفالها لا تغلق الباب على العلاج والخضوع لجلسات نفسية بالطبع لحل المشكلة حتى لا تلحق ضررًا بأبنائها ونفسها. 

وعلق الدكتور محمد مهدي، استشاري الطب النفسي، على أن المعطيات المتاحة، حتى الآن، بالنسبة لهذه الجريمة غير واضحة، لكن السيناريو تكرر مسبقًا في جريمتين بالنزهة، حيث قتل الأم للأبناء واستنفاد طاقة العنف كاملة باستخدامها للأبناء، وعندما يأتي الدور عليها في التخلص من حياتها وبسبب عدم المقدرة على مواصلة استخدام العنف تفشل في ذلك وهذا ما حدث معها على الأغلب.

وأضاف مهدي، لـ"الدستور"، أن الاضطراب الأقرب هو المعاناة من الاكتئاب، فالأخير يشعر المريض خلاله بالذنب والتقصير الدائم وتأنيب الضمير المستمر، وأن الحياة بائسة وليست هناك طاقة من الأساس، بالتالي يفقد الرغبة في الحياة ويفكر في الانتحار، وبالنسبة لحالة الأم التي تقتل أبناءها، وتكون مصابة بالاكتئاب (ليس المقصود الأم صاحبة جريمة الدقهلية) نجد أن تفكيرها في انتحار الأطفال في البداية يأتي من باب الرحمة بهم فيدور في ذهنها سؤال (كيف يعيشون من بعدي؟)، لذا تختار حياتهم في البداية.

وقال على عبدالراضي، إخصائي نفسي، إن احتياج الشخص للطبيب النفسي أمر طبيعي ولا يعتبر عارًا أو وصمة في حق من يلجأ له، فالمرض النفسي مثل الاكتئاب هو نقص في بعض المواد داخل المخ، أي الأمر لابد أن تتم معالجته برفقة طبيب متخصص ولا ذنب للمريض فيه.

أضاف عبدالراضي أن بعض الأشخاص يقابل من يشتكي من الاكتئاب على سبيل المثال بأنه ضعف إيمان أو عدم يقين بالله ولا يتخذه محمل جد هذا أمر خاطئ للغاية ويؤدي في النهاية لأمور وخيمة على المريض، فلكل اضطراب علاج مناسب له وفي النهاية يعالج المريض ويحمي نفسه بالتفكير السليم.