«درس خصوصى» لبعض السياسيين
أتفهم رغبة بعض الأحزاب السياسية فى ضرورة التعبير عن آرائها بحرية مطلقة فى كل الموضوعات والمجالات، كما أتفهم رغبة بعض السياسيين وقيادات الأحزاب فى التعبير عن آرائهم وطرح رؤيتهم- إن وجدت- تجاه بعض الملفات أو الأزمات التى تعانى منها الدولة المصرية نتيجة لأمور داخلية أو لأسباب عالمية مثلها مثل باقى دول العالم.
لكن الأمر الذى أستغربه تمامًا هو اعتماد بعض هؤلاء على أسلوب «الجعجعة» فى محاولات للفت الانتباه أو لعدم الكشف عن غياب رؤية أو عدم وجودها من الأساس، وبالتالى يحاول هؤلاء اتباع سياسة الصوت العالى، أو الإدلاء بآراء فى أمور لا يعرف عنها شيئًا نتيجة عدم محاولته المعرفة فى حد ذاته.
ولذلك كان حديث الرئيس السيسى، خلال افتتاح مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعى، كاشفًا عن العديد من الأمور، عندما قال «إوعى تحط رجل على رجل وتتكلم فى موضوع وأنت متعرفوش.. مكنش ممكن نتكلم فى بناء مشروع زى ده أو اللى موجود فى توشكى وتقولى خلى أولويات الكهرباء لمرحلة متأخرة وكذلك حجم الطرق، طريق الضبعة بيتوسع ويتم رفع كفاءته، حد يقول ممكن نأخره.. انتبه إوعى تحط رجل على رجل وتتكلم فى موضوع وأنت متعرفوش والناس تسمعك ويفتكروا اللى بتقوله حقيقى ويبقى إنت ظلمت نفسك وظلمت الكلام».
وكما كان حديث الرئيس السيسى كاشفًا، فإننى أتوقع أن تكون جلسات الحوار الوطنى هى الأخرى كاشفة عن العديد من الأحزاب ورجال السياسة عندما يتحدثون فى أمور لا يعرفون عنها شيئًا فقط لأنهم لم يحاولوا المعرفة، بل وضعوا أنفسهم داخل مربع لا يريدون الخروج منه.
ولذلك فإننى أعتبر أن جلسات الحوار الوطنى الذى دعا له الرئيس السيسى بالطبع ستكون درسًا خصوصيًا لبعض الأحزاب السياسية المراهقة، وبعض الرجال المنتسبين للسياسة، لعلهم يفقهون كيفية إدارة دولة بحجم مصر، وكيفية تحديد الأولويات والعمل بأساليب علمية مخططة ومدروسة، وكذلك كيفية تكوين رؤية سليمة وصحيحة بناء على معلومات متوافرة وكذلك تحديات ضخمة تواجه العالم أجمع.
كما أتمنى أن تستغل هذه الأحزاب ورجال السياسة الفرصة لكى تجدد نشاطها وحيويتها وربما بعض أفكارها، لكى تتناسب مع الوضع الراهن والجمهورية الجديدة التى نصبو إليها جميعًا.
فبعض هذه الأحزاب اتهمت هذا النظام بمنعها من الإدلاء بآرائها على مدار السنوات الماضية، وجاءت الفرصة الآن أمام الجميع للتعبير عن آرائه وأفكاره ورؤيته، ولذلك أتمنى ألا يكون حضور الأحزاب لجلسات الحوار الوطنى وحديثها مجرد «مزايدات»، فلا بد من تقديم أفكار ورؤى مختلفة، فمصر بحاجة إلى سماع مختلف الآراء فى حوار وطنى جاد وشفاف وصريح، فطرح الرؤى والأفكار المختلفة بالطبع سيكون مفيدًا لهذا الوطن إذا أراد المشاركون إنجاح هذا الحوار.