التحليل النفسي لـ«المستريحين».. هل نولد بميول إجرامية؟
خلال الفترة الماضية ظهر الكثير من «المستريحين» الذين تفننوا في طرق الخداع، واستغلال السُذَج الساعين إلى الثراء السريع، لكن السؤال الذي يتردد كثيرًا في مثل هذه الحوادث المتكررة، ما الذي أوصل هؤلاء إلى تلك المرحلة من الاحتيال وافتقاد القيم النبيلة؟
يقول الدكتور توماس بلانت، أستاذ علم النفس في جامعة ستانفورد، وجامعة سانتا كلارا، وفقًا لموقع tionary: إن المحتالين لديهم بعض الدوافع المختلفة، الأول هو النرجسية، فالفكرة الأساسية هي «أنني مُهم والقواعد لا تنطبق عليَّ»، وهؤلاء المحتالون يفعلون، ويأخذون ما يحلو لهم، ويجدون طريقة؛ لتبرير ذلك نظرًا لتفوقهم أو أهميتهم أو رغبتهم.
أما المحتالين الآخرين، لديهم ميول معادية للمجتمع، مثل الاعتلال الاجتماعي التي تدفع سلوكهم، وفي هذه الحالة يعتقد المحتالون أن القواعد المجتمعية لا تنطبق عليهم فحسب، بل إنهم أيضًا لا يتعاطفون مع الآخرين، إنهم يشعرون أنه إذا تعرض الناس للغش، فهذا خطأهم فـ«مصالحهم هي ما يهم، بغض النظر عن العواقب بالنسبة للآخرين».
وقال الأخصائي النفسي الدكتور على عبد الراضي لـ«الدستور»، إن المستريح هو الشخص السيكوباتي المعادي للمجتمع الذي تلون بكافة ألوان المجتمع الذي يعيش فيه، ثم يستغله لتحقيق مكاسب مادية أو مكاسب سياسية، ومن السهل جدًا الضحك على المصريين البسطاء، خاصة وأنه يقوم بالعديد من الأعمال الخيرية مع الناس المحتاجين، ثم يقوم بالاختلاس منهم عن طريق إيهامهم بالفوائد المبهرة".
أما العامل المشترك بين جميع المستريحين هو أنهم «رد سجون»، ولديهم معلومات جنائية، وهنا يكمن السر، فالسجن هو عبارة عن مكان تعليمي للحيل، والسلوك الإجرامي، لذلك من السهل أن يكونوا ذات طابع واحد على الرغم من اختلاف المناطق والمحافظات.
والمستريح هو تطور طبيعي للوهم بتجارة الآثار، خاصة في الصعيد، والوجه البحري، فالناس تلهث من أجل الثراء السريع، وبدأ الأمر يتطور ويتم استغلال أموالهم من خلال التنقيب عن الآثار، وفي النهاية لا يوجد شيئًا، ومع الوقت أصبح الأشخاص لديهم وعي بتلك الأشياء، فظهر المستريح بشكل جديد كصورة للاستغلال.
وأضاف «عبد الراضي»: «طول مالطماعين موجودين المستريحين بخير»، وخلال السنوات الماضية أصبح الشباب المصري، لديه هوس مميت في الثراء السريع، ومن هنا تأتي العديد من مغامراته كتجارة السلاح والآثار وغيرها.
ويقول ألكساندر شتاين محلل نفسي أمريكي، إن الحمض النووي النفسي للمحتالين معقد بشكل لا يصدق، ومن النقاط الرئيسية التي يجب أخذها في الاعتبار أن الخيانة والخداع هما من أدوات المحتال، فلا يستطيع توظيفه بمثل هذه البراعة دون أن يعرفونك عن كثب، المحتال محكوم بالاعتقاد الأساسي بأن كل ما يتم تقديمه أو تصوره أو الوعد به لتحقيق رغباته الشخصية مثل اليقين والأمان كان دائمًا مبنيًا على كذبة.
ويعيش في حالة مزمنة من خيبة الأمل والاستياء والعجز والإذلال، عندما كبر في محاولة لفهم ما كان يحدث في محيطه من أجل البقاء على قيد الحياة، طور مهارات معينة مفيدة الآن في حياته الإجرامية، على وجه الخصوص يعتبر المحتال مبدعًا مذهلاً في قدرته على إدراك ما يبدو أن الناس بحاجة إليه أو يريدونه، الآن هو مدير تنفيذي مبدع ولكن عديم الضمير.
السؤال.. هل يولد الناس مع ميل لارتكاب عمليات الاحتيال؟
ويقول ألكساندر شتاين محلل نفسي أمريكي، إن الإجابة هي: «نعم الجميع، لكن بالطبع لا يصبح كل شخص مجرمًا شريرًا»، موضحًا أن سمات الاحتيال الكذب والخداع والإخفاء كلها خصائص ملازمة للبشر، هذه عناصر مهمة للبقاء وآليات الدفاع للهروب من الشدائد أو التغلب عليها، إنها أجهزة تكيفية من الأمور العادية مثل الرد على التحية الاجتماعية الشائعة «كيف حالك؟» والرد «جيد جدًا» حتى عندما لا تكون كذلك.
أو إخفاء الجوانب الرئيسية عن نفسك الأفكار والمشاعر والرغبات، كل هذا بهدف تجنب التدقيق أو الحكم أو الإذلال، النقطة الأساسية هي فهم كيف تتحول آليات دفاعنا الطبيعي إلى أسلحة مفترسة تخدم الأعمال الإجرامية.