بعد حديث السيسي عنه.. اين يقف قانون الاحوال الشخصية للاقباط وماهي ملامحه؟
علق رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، في مداخلة هاتفية له، على قانون الأحوال الشخصية بمصر قائلا :" إننا نريد عقد زواج يحل مسألة الطلاق.. سنحاسب أمام الله كل في حقله، قضاة، دولة، رئيس حكومة، برلمان، أزهر، كل من سيكون معني بشكل أو بآخر، لأن له قولا في هذا الأمر هيكون في رقبتنا ولادنا وبناتنا".
كما أعرب السيسي، عن مخاوفه من أنه حينما تصبح الكتلة الغالبة هي الطلاق يتم العزوف عن فكرة الزواج، مؤكدًا أن فكرة العقد «مش مخالف للشرع؛ بالعكس طالما تم توقيع الاتفاق عليه، ولن نقبل أن يخرج قانون ليس متوازنا».
تعليق رئيس الجمهورية، أعاد تساؤلات الشارع الكنسي حول قانون الاحوال الشخصية للاقباط..
القانون المتفق عليه كنسيًا ..
في تصريحات له، قال الدكتور القس أندريه زكى، رئيس الكنيسة الإنجيلية بمصر، إنه لأول مرة يوجد قانون للأحوال الشخصية تتفق عليه الكنائس، فالكنائس متفقة على أكثر من ٩٠٪ من القانون الأحوال الشخصية للأقباط، مع مراعاة أن الاختلاف كان بخصوص الطلاق والزواج الثاني، واتفقت الكنائس مع وزارة العدل أن يكون لكل كنيسة ما يناسبها في هذا الشأن، مؤكدًا أن تغيير الدين أو الزنا هما بندا الطلاق في الكنيسة الإنجيلية.
كما أشار إلى أنه تم إضافة محددات أخرى لبطلان الزواج كالهجر ووجود أمراض أو أسرار لدى أي طرف لم تكن معلنة من قبل، حتى يمكن التعامل مع الحالات التي يحدث بها غش أو خداع، مؤكدًا أن كل الطلاق هو طلاق مدني والكنيسة لا تقوم بعملية الطلاق، الكنائس تتجه الآن نحو إتاحة الزواج الثاني للطرف البريء، كما يوجد إجماع لدى الكنائس بأن الشخص المذنب لا يتم تزويجه ثانية”.
ملامح ذاك القانون
وكشف المستشار جميل حليم، ممثل الكنيسة الكاثوليكية بمصر بخصوص قانون الأحوال الشخصية للأقباط، في تصريحات خاصة سابقًا لـ«الدستور»، أبرز ملامح القانون فقال إنه يتكون قانون الأحوال الشخصية للأقباط 284 مادة، ويقسم مشروع القانون لعدة أبواب تشمل الزواج وما يتعلق به من خطبة وأركان الزواج وشروطه وموانع الزواج وإجراءات الخطبة والزواج وحقوق الزوجين وواجباتهما، والنفقات، وفيما يجب على الولد لوالديه.. وما يجب له عليهما من ثبوت النسب، وانحلال الزواج -الطلاق- حيث تم التوسع في أسبابه لتشمل الزنا الحكمي والانحلال المدني للزواج بالفرقة.
وتضمن الباب الأول من قانون الأحوال الشخصية للأقباط أحكام عامة في الخطبة للثلاث كنائس (الارثوذكسية – الانجيلية – الكاثوليكية ) .
وتنص المادة الأولى في الباب الأول أن الخطبة وعد متبادل غير ملزم بالزواج في أجل محدد بين رجل وامرأة ولا تنعقد إلا لمتحدي الملة والطائفة وبعد تقديم شهادات الخلو من الموانع الزوجية.
أما المادة الثانية من الباب الآول تنص على أنه “لا تجوز الخطبة إذا قام مانع أو قيد بين الطرفين من موانع وقيود الزواج المنصوص عليها في الفصل الثالث من هذا الباب، أما المادة الثالثة فتنص على لا تجوز الخطبة إلا إذا بلغت سن كل من الخاطب والمخطوبة سبعة عشر سنة ميلادية كاملة”.
أما المادة الرابعة فتنص على أن تنعقد الخطبة بين الخاطبين البالغين سن الرشد بإبداء رضائهما المتبادل أمام رجل الدين المسيحي المرخص له من رئاسته الدينية بذلك، وذلك بنفسيهما أو بوكيل عن أي منهما متى كانت الطائفة التي ينتميان إليها تجيز ذلك. أما إذا كان أحدهما قاصراً وجبت موافقة وليه، وذلك على الترتيب الآتي:الأب ثم الأم، ثم الجد الصحيح، ثم الجد لأم ثم للأرشد من الأخوة الأشقاء، ثم من الأخوة لأب، ثم من الأخوات لأب، ثم من الأعمام، ثم من الأخوال، ثم من أبناء الأعمام، ثم من أبناء الأخوال فإذا لم يوجد ولى من الأشخاص المتقدم ذكرهم، تعين المحكمة المختصة ولياً للقاصر من باقي الأقارب أو من غيرهم.
ويتكون الباب الثالث الثالثة قانون الأحوال الشخصية للأقباط على موانع الزواج وفقا لشريعة الكنيسة الأرثوذكسية والطائفة الإنجيلية: فتمنع القرابة من الزواج بالنسبة للرجل والمرأة على السواء: بالأصول وأن علوا، والفروع وإن نزلوا بالأخوة والأخوات ونسلهم بالأعمام والعمات، والأخوال والخالات، دون نسلهم، وتمنع المصاهرة من زواج الزوج في الحالات التالية: بأصول زوجته وفروعها، فلا يجوز له بعد وفاة زوجته الزواج بأمها أو جدتها وإن علت ولا بابنتها التي رزقت بها من زوج آخر أو ببنت ابنها أو ببنت بنتها وإن نزلت.
وينص الباب الخامس كم القانون المختص بانحلال الزواج وفقا لشريعة الكنيسة الأرثوذكسية والطائفة الإنجيلية: ينحل الزواج الديني المسيحي الصحيح بأحد أمرين:الأول موت أحد الزوجين حقيقة أو حكماً على النحو المبين بالقانون، والثاني: التطليق.
وبالنسبة للطائفة الإنجيلية فيجوز أن ينحل الزواج الديني الصحيح غير المكتمل بالمخالطة الجسدية بناءً على طلب الطرفين أو أحدهما بعد موافقة الرئاسة الدينية المختصة وإذا وجد سبب قوى يوجب انحلاله.
أين يقف القانون الآن؟
مصادر كنسية مطلعة قالت لـ الدستور أن القانون تم التوافق عليه من جميع الكنائس المصرية بنجاح، إلا أنه تم إرساله إلى وزارة العدل تمهيدا لإرساله إلى مجلس الوزراء للموافقة عليه وإقراره من قبل مجلس النواب، مع التوضيح أنه من المتوقع أن يتم إرساله إلى مجلس النواب لإقراره في دور الانعقاد الثالث نظرا لقرب انتهاء دور الانعقاد الحالي.
لا طلاق إلا لعلة الزنا
خصص البابا الراحل شنودة الثالث فصلا في كتاب شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية، وأهم مبادئنا في الأحوال الشخصية، حمل ذاك الفصل شعار الطلاق و التطليق في المسيحيّة، قال خلاله إن موضوع الطلاق بالذات قد وضع السيد المسيح بنفسه تشريعًا خاصًا به. كرَّره بوضوح في أكثر من موضع، ولا يجوز لأحد أن يغير فيه، وإلا كان هذا التغيير منافيًا لتعاليم السيد المسيح وآيات الكتاب المقدس.
أما هذا التشريع فيتلخص في النقاط الآتية:
1- لا يجوز الطلاق إلا لعلة الزنى، وفي ذلك يقول السيد المسيح "وأما أنا فأقول لكم أن مَنْ طَلَّق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني" (متى 32:5).. وأيضًا "وأقول لكم أن مَنْ طلق امرأته إلا بسبب الزنى وتزوَّج بأخرى يزني" (متى 19: 9).
2- لا يجوز زواج المطلقة، ووصايا السيد المسيح في هذا الأمر واضحة تحكم بالزنى على الرجل وعلى المرأة في مثل هذا الزواج، وهي "ومَنْ يتزوج مطلقة فإنه يزني" (متى 32:5).
"والذي يتزوج بمطلقة يزني" (متى 19: 9) ، "وان طلقت امرأة زوجها، وتزوجت بآخر، تزني" (مرقس 10: 12)، "لكل مَنْ يتزوج بمطلقة من رجل يزني" (لوقا 16: 18).
والحكمة في هذا التشريع المسيحي، هي أن المرأة لا تُطَلَّق إلا بسبب الزنا، فكعقوبة لها على زِناها، لا يُسمَح لها بالتزوج مرة أخرى، لأنها لا تؤتَمَن على عهد الزوجية المقدس.
3- لا يجوز زواج الرجل الذي طلَّق امرأته بغير علة الزنا. وهذا واضح من قول السيد المسيح "كل مَنْ يطلق امرأته، ويتزوج بأخرى، يزني" (لوقا 16: 18).
وأيضًا "مَنْ طلَّق امرأته، وتزوج، يزنى عليها" (مرقس 10: 11).
والسبب في هذا أن المسيحية ترى أن الرجل مرتبط بزوجته، وان طلاقه منها بغير علة الزنى هو طلاق باطل لا يفصم عرى الزوجية. لذلك إذا تزوج بأخرى يعتبر زانيًا، إذ أن المسيحية لا تسمح له بالجمع بين زوجتين في وقت واحد.