بعد موجة العمليات في إسرائيل.. ما هي استراتيجية حماس؟ وما أهدافها؟
التصعيد المُستمر منذ أكثر من شهر على الساحة الإسرائيلية - الفلسطينية، هو نتاج خطة بدأت قبل عدة أشهر، وجرى تنفيذها في رمضان، فالحديث يدور عن عمليات مُنفردة بدون جهة تنظيمية تقف خلفها، ولكن بإلهام من تصريحات قادة حركة حماس. والهدف هو إشعال الأوضاع دون الدخول في مواجهة عسكرية شاملة مع إسرائيل.
كيف تتحرك حماس؟
يمكن رصد بدء موجة العمليات الحالية منذ يناير الماضي، عندما ظهرت لأول مرة تصريحات قادة حركة حماس، إذ حذرت الحركة في حينه من مساس إسرائيل بالمسجد الأقصى، واقتحامه، وتوسيع حرية العبادة لليهود فيه، ونسخ نموذج الحرم الإبراهيمي-في أعقاب مجررة باروخ جولدشتاين سنة 1994، وهو ما نتج عنه إقرار نظام جديد جرى من خلاله تقسيم الصلاة في الحرم على أوقات متعددة، ترى حماس أنها منحازة إلى اليهود.
حماس اختارت التحرك عن بعد، فتظهر التقارير أن حماس قد أعدت دخول "شباب الأقصى"، إلى منطقة الحرم الابراهيمي، الذين قاموا ببعض الأفعال، مثل رشق اليهود القادمين إلى الحرم الابراهيمي بالحجارة، والتي نتج عنها دخول القوات الإسرائيلية إلى الحرم، ونشوب المواجهات التي تصدرت وسائل الإعلام.
المواجهات تم تقديمها إعلامياً إلى الجمهور الفلسطيني والعربي بشكل قاسي من شأنها أن تدفع الشباب الفلسطيني إلى القيام بالمزيد من الهجمات، فالصور التي تظهر القوات الإسرائيلية وهي تضرب فلسطينيين داخل المسجد الأقصى، ويمنعونهم من ممارسة شعائرهم الدينية بحُرية في شهر رمضان المقدس، ويدنّسون المكان الأكثر قدسية بالنسبة إلى كل مسلم حيثما كان من شأنها أن تؤجج المشاعر بسرعة (لاحقاً تبين أن منفذي عملية إلعاد قد تأثروا بهذه المشاهد مما دفعهم لارتكاب الهجوم الذي تسبب في مقتل 3 إسرائيليين).
قبل أيام، ألقى زعيم حماس يحيي السنوار خطاباً أمام الكاميرات في قطاع غزة هو الأول له منذ عام، والذي دعا فيه الفلسطينيين إلى تنفيذ عمليات بالفأس وقال: "أهلنا في النقب، المثلث، الجليل، حيفا، يافا، عكا واللد اخرجوا البندقية أمسكوا سكينا أو فأسًا.إذا كانوا يريدونها حربا دينية". الخطاب الذي اعتبرته اسرائيل تحريضًا وسببًا مباشرًا لعملية إلعاد.
استراتيجية حماس
تدرك حركة حماس أن مواجهة عسكرية جديدة مع إسرائيل ليست في صالحها، فحتى الآن لم تنته الحركة من ترميم بنيتها العسكرية التي تضررت في مواجهة مايو الماضي، ومن ناحية أخرى فإن مواجهة جديدة ستمس بالدور المصري في إعمار القطاع، وهو ما لاتريده حماس.
بطبيعة الحال فإن السياسة الإسرائيلية، منذ تشكيل الحكومة الحالية في يونيو 2021، هي الامتناع عن كل خطوة إشكالية من شأنها زعزعة استقرار الائتلاف الحكومي. لذلك، لم تقم حكومة بينيت بأي خطوة من شأنها تغيير الوضع القائم في شرق القدس، وتحاول من جانبها تجنب أي فرص للتصعيد أو الدخول في مواجهة عسكرية مع حماس وهو وضع من شأنه أن يتسبب في خروج القائمة العربية الموحدة (راعام) من الحكومة مما يؤدي إلى تفككها.
استناداً للأسباب السابقة، فإن حماس لجأت إلى استراتيجية "التأجيج عن بعد"، وفعلت ذلك بمساعدة العديد من النشطاء في الضفة الغربية، وأيضاً في داخل إسرائيل، وفي نفس الوقت كبح أي محاولة من الجهاد الإسلامي لإطلاق صواريخ من القطاع.
أهداف حماس
عملياً، "حماس" تدفع قدماً بما يسمي"المعركة بين الحروب"، وتريد تحقيق أهدافها من خلال الاشتباك مع إسرائيل في الجبهات المريحة لها، بدون الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل. أو تقديم تنازلات، وبصورة خاصة في قضية الجنود الأسرى والمفقودين لديها.
موجة العمليات الحالية تعتبر حلقة جديدة من المعركة بين الحروب" الخاصة بـ"حماس"، التي تتضمن أيضاً "مسيرات العودة" و"إرهاب البالونات الحارقة"، وفي الوقت نفسه تقوم ببناء قدراتها من جديدة، وتحاول تحسين حياة المدنيين داخل القطاع.