ذكريات من حياته: اشتراكية عبد العظيم أنيس وسر وساطة العميد لعودته للجامعة
عالم رياضيات وناقد أدبي، وباحث في التراث العلمي العربي، ومفكّر ماركسي، وباحث اجتماعي في مادة التربية والتعليم؛ إنه الدكتور عبد العظيم أنيس (1923-2009)؛ الذى له العديد من الإسهامات في إبراز البعد الاجتماعي للأدب، وهو الكاتب السياسي المعروف الذي له موقف واضح فى العديد من القضايا الوطنية برزت جميعها فى نشاطاته وفى تحولاته السياسية والفكرية.
ففى مؤلفاته التي مثّلت علامة فارقة في المكتبة المصرية والعربية لعل أبرزها كتابه "فى النقد الثقافي" الذى اشترك فى تأليفه ورفيقه محمود أمين العالم غالى شكرىن و مؤلفاته" مقدمة في علم الرياضيات، العلم والحضارة، التعليم في زمن الانفتاح، ترجمته لكتاب بنوك وباشوات، ذكريات فى حياتي".
ذكريات أنيس مع عدد من كبار المثقفين والسياسيين العالميين كشف عنها في كتابه "ذكريات في حياتي" الصادر عن "كتاب الهلال" فى يونيو 2002؛ أبرزها ذكرياته مع عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، والثائر الكوبي تشي جيفارا.
◘ طه حسين: (آلو.. أنيس يعود إلى جامعته)
لم يلتق بعميد الأدب العربى إلا فى 1950 عندما ذهب إلى مكتبه فى وزارة التعليم بعد أن أطلقت وزارة الوفد سراحه وزملائه من الوفديين ممن قامت وزارتي النقراشى وإبراهيم عبد الهادى بحبسهم فى عام 1949.
بعد خروج عبد العظيم أنيس من السجن ذهب الى جامعة الإسكندرية، لاستلام عمله لكنه فوجئ وغيره بتلكؤ الجامعة فى قبول عودتهم لأعمالهم، وقتها بدأت الشائعات تقول أن مدير الجامعة، وكان معروفاً أنذاك بصلته بالقصر- يريد أن ينقلهم إلى التعليم العام، وأن الكلية متواطئة معه فى هذا الأمر.
ركب عبد العظيم أنيس أول قطار متجه إلى القاهرة وكان ذلك فى يناير 1950 وذهب لمقابلة الدكتور طه حسين، وزير التعليم آنذاك؛ وسمح له بمقابلته وجلس يتحدث إليه لأكثر من نصف ساعة عن موقف الجامعة منه وزملائه، فما كان من عميد الأدب العربى إلا أن اتصل برئيس جامعة الإسكندرية وأمر بعودته إلى عمله، وهو ما تحقق.
◘ أنيس وإحسان وحديث عن الاشتراكية: (في بيتنا جيفارا)
التقى د.عبدالعظيم أنيس بالثّائر الكوبي تشي جيفارا فى منزل صديقه إحسان عبد القدوس، وذلك عقب عودة جيفارا من الجزائر بعد حضوره مؤتمر القارات الثلاث وطيّرت وكالات الأنباء أجزاء من خطابه فى المؤتمر.
وعن اللقاء، يقول "أنيس" فى كتابه "ذكريات في حياتي":" انتقاد جيفارا شروط معونة الدول الاشتراكية للدول النامية خلال المؤتمر مما بدا غريبا علينا، وكانت وجهة نظره فيما يبدو أن الدول الاشتراكية يجب أن تكون أكثر كرماً وسخاءً فى معونتها، وكان جيفارا يتكلم كوزير للصناعة فى كوبا عاصر مشكلات البناء الاشتراكى واكتوى بلهيبها، وعندما التقينا فى حفل عشاء أقامه إحسان على شرف جيفارا كانت القضية الأساسية التى تشغلنى آنذاك هى كيف تستطيع دولة صغيرة ذات موارد محدودة مثل كوبا ان تبنى الاشتراكية وما هى المصاعب التي تواجهها، فما كان منه إلا أن قال إن مشكلة التطبيق الاشتراكي فى دولة مترامية الأطراف مثل الاتحاد السوفيتي هى مشكلة خاصة وتختلف تماما عن كوبا وهى دولة نامية وصغيرة وأنهم فى حماسهم للحل الاشتراكى اندفعوا إلى بناء المصانع وتغيير نمط الزراعة دون تفكير وتخطيط صحيح طويل المدى وأن تكون لمشروعات الإنتاج 70% ولمشروعات الخدمات 30% من الاستثمارات وبعد 3 سنوات اكتشفوا أنهم نفذوا 70% من مشروعات الخدمات و30% من مشروعات الإنتاج".