شرب شيشة بجوار الكعبة.. كواليس جلسة إبراهيم المازنى على الكافيه
كتاب «رحلة إلى الحجاز» للكاتب والشاعر الراحل إبراهيم عبدالقادر المازني، يعد من الكتب التي تنصف فى أدب الرحلات، كان سبب تأليف هذا الكتاب أنه في سنة 1930م، وجه الملك "عبدالعزيز آل سعود" دعوة لشخصيات مصرية مهمة كى يزوروا مكة وجدة ويؤدوا مناسك العمرة.
وكان المازني واحدًا من الشخصيات المدعوة، وكان يتمتع آنذاك بخفة دمه، فقرر أن يكتب أحداث الرحلة من أول ما صعد إلى السفينة إلى نهاية الرحلة من الحجاز، ويتميز الكتاب بأنه مليء بالكثير من المواقف الكوميدية التى تعرض لها، إضافة إلى مواقف أخرى توضح كرم وضيافة أهل السعودية.
ومن بين المواقف التي رصدها المازني خلال رحلته إلى مكة، شربه للشيشة فقال:" اشتهيت وأنا جالس في دار الضيافة أن أدخن نرجيلة أو شيشة كما يسمونها في مصر، ولست من هواتها ولكنى افتقدت منظرها فى مكة، وكنا في جدة، كلما دخلنا في بيت يجيئوننا بعدد من هذه النراجيل على أشكال شتى وحجوم مختلفة وألوان عدة، فمنها ما هو من الفضة أو المعدن المنقوش أو المطلى بالذهب، ومنها القصير والطويل، والذي فيه صنعة والساذج العقل، والذي خرطومه من المخمل الأراجواني أو الأخضر إلى آخر ذلك مما لا موجب للتقصى فيه".
وتابع: "أهل جدة يستعملون النرجيلة طباقًا معالجًا بالعنبر ومائة أخرى لم أسمع بأسمائها من قبل، تجعل له أرجًا قويًا وتترك المرء على ما سمعت يحلم".
وأضاف: «اشتقت إلى النرجيلة فأقول اشتقت أن أضجع على واحدة من هذه الحشايا الوتيرة وأتكئ بكوعى على حسبانة صغيرة وأن أضع رجلًا على رجل وأدنى خرطوم النرجيلة من سفنى وأرسل الدخان الكثيف إلى رئتى ومعدتى بل إلى أخمص قدمى، ثم أرده من فمى وعيني وأذنى وأنفجر بالسعال القوى كأن بركانًا انطلق من جوفى، وأظل بعد ذلك بضع دقائق والدخان يخرج من مسام بدنى كلها كأنى بيت من الخشب اندلعت فى جوفه نار الحريق، كما رأيت أهل جدة يصنعون، ولكنى ضبطت نفسي ورضتها على الحرمان من هذه المتعة البريئة، كما رضيت شيطاني على الكف على ابتغاء الويسكى وآلمنى ذلك».
وأكمل المازني: «كما يسهل أن يدرك القارئ بغير عناء، فرأيتني أناجى نفسي وأعزيها بأن أهل جدة مدللون على خلاف أهل مكة هناك أي فى جدة، يجتلى المرء مظاهر الترف والنعمة ويحس أن للقوم دلالًا على الحكومة أو دالة إذا شئت، وأن الحكومة توليهم من الرعاية والمجاملة والتسامج مت ليس له مشبه فى مكة».