علي جمعة: يجب على المسلم المحافظة على وقته والاستفادة منه
قال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، لقد حققت الأمة الإسلامية أمجادها التي خلدها التاريخ عندما اتبعوا هذا النهج الرباني والهدي النبوي فأعطى المسلمون الوقت قدره ولم يضيعوه، واستحقت أمتنا أن تكون أمة قيادة وريادة حينما اهتمت بأوقاتها وعلمت أنها مسئولة عنها, فإن علمائنا الذين نعتز بهم كالأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك الشافعي وأحمد ومن بعدهم من علماء الإسلام في جميع المجالات ممن خلفوا وراءهم تراثا عظيما ضخما رغم قلة الأدوات المتاحة في عصرهم, إنما بلغ هؤلاء العلماء الغاية في العلم والإنتاج العلمي بما أولوه من اهتمام بالوقت.
وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية، قائلا: هذا ابن الجوزي رحمه الله أحد علماء الإسلام كان يأتيه الناس ليتجاذبوا معه أطراف الأحاديث, فكان يغتنم وقته وهو يحدثهم في أن يعد أقلامه للكتابة لئلا تضيع هذه الدقائق، فيحفاظ العلماء والولاة وموظفي الدولة وأفراد المسلمين في هذا الزمن على الوقت واستثماره استثمارا مفيدا حافظ المسلمون الأوائل على توجيهات ربهم، طبقوا تعاليم دينهم وأقاموا أحكام شريعتهم, فأسسوا للدنيا حضارة شامخة ومجدا خالدا, ولذلك لا نستغرب اليوم عندما نسمع أو نقرأ أن أحدهم ألف من الكتب ما يربو على أربعمائة كتاب أو أكثر في مختلف العلوم مما يعكف العالم الآن على دراستها والتزود منها.
وأوضح: قال الحسن البصري: «لقد أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد حرصا منكم من أموالكم».هؤلاء هم الذين حافظوا على أوقاتهم فكانوا يستغلونها لسيرهم في الطريق إلى الله, ويغتنمون كل لحظة من أعمارهم في طاعته ونفع مجتمعهم.ولم يعرف التاريخ أمة من الأمم اهتمت شريعتها بالزمن وحثت على اغتنامه قبل ضياعه مثل الأمة الإسلامية, وذلك لأن الزمن هو الحياة, وهو العمل والإنتاج, وهو التطور العلمي في تشييد الحضارات وازدهارها، ولذلك يجب أن يحذر مسلمو هذا العصر من إضاعة الوقت, وليحرصوا على العمل بجد, خاصة في أخصب أيام عمرهم وهي الشباب وعلى الإنسان أن يحاذر التسويف وتأجيل عمل اليوم إلى الغد, فإن سوف جند من جنود إبليس, وإن الإنسان لا يضمن أن يعيش إلى غد, وإذا عاش فلا يضمن أن يخلو غده من الصوارف والشواغل.
وأشار: يجب على المسلم أن ينقل واجباته نحو وقته من دائرة المعرفة إلى الواقع والتنفيذ, فأول ما يجب على المسلم تجاه وقته هو المحافظة عليه والاستفادة منه, كما يحافظ على ماله بل أكثر من ذلك, فتقسيم الوقت وتوزيعه للاستفادة منه أمر لازم عل كل مسلم, وذلك بضبطه وتنظيمه واستثماره فيما يعود بالفائدة على الفرد والمجتمع، وإن أول مدارج الإصلاح والانتظام في صفوف الأمم القوية العاملة الجادة هو القدرة على ضبط أنفسنا وأبنائنا, والتحكم الدقيق في ساعات عمرنا, حتى يتحول مجتمعنا إلى مجتمع منضبط عامل منتج يحسن توظيف قدراته ومواهبه ومؤهلاته وكفاءاته, فاللهم استخدمنا ولا تستبدلنا, وأعنا على القيام بواجب الوقت على الوجه الذي يرضيك عنا.. آمين.