هل يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل الأوقات؟..عالم أزهري يجيب
قال الدكتور أشرف سعد الأزهري من علماء الأزهر الشريف، إن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم من الأمور التي لا خلاف فيها ذكرها أئمة الشافعية في كتبهم؛ كالإمام الماوردي في الحاوي والإمام العمراني في البيان والنووي في المجموع شرح المهذب، وابن الرفعة في كفاية النبيه، عندما ذكروا قصة العتبي وتوسله بقبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد ذكر ابن الرفعة في الكفاية (7/537) رحمه الله أن المتوجِّه إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم من أحسن ما يقول: «ما حكاه أصحابنا عن العتبي قال: كنت جالسا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء أعرابي، فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله تعالى يقول: «ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما﴾ وجئتك مستغفرا من ذنبي، مستشفعا بك إلى ربي: ثم أنشأ يقول: يا خبر من دفنت في الترب أعظمه...» إلى نهاية تلك الأبيات.
وتابع «الأزهري» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي: «وصنَّف الإمام التقي السبكي رحمه الله كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام الذي رتبه على عشرة أبواب، ومنها أحاديث في كون الزيارة قربة لله تعالى، وفي التوسل والإغاثة الذي قال في بدايته (ص 160): «اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف والصالحين والعلماء والعوام من المسلمين ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ولا سمع به في زمن من الزمان». ثم ساق رحمه الله الرد على ابن تيمية فيا نقل عنه بعدم جواز شد الرحال إلى القبر المعظم.
وأوضح: «قضية ابن تيمية هذه قد ناقشها العلماء وردوا ما قاله قديما وحديثًا، وهذا يعد منه من التجاسر في هذه القضية، كما نُقِلَ عن الإمام الشيخ محمد البرلسي المالكي في إتحاف أهل العرفان برؤية الأنبياء والملائكة والجان، ويقول ابن حجر الهيتمي في الجوهر المنظم عن ابن تيمية في هذا الأمر: «من خرافات ابن تيمية التي لم يقلها عالم قبله وصار بها بين أهل الإسلام مثله أنه أنكر الاستغاثة والتوسل به صلى الله عليه وسلم كما أفتى، بل التوسل به حسن في كل حال قبل خلقه وبعد خلقه في الدنيا والآخرة».
وأشار: «وذكر شيخ الإسلام زكريا الأنصاري جواز التوسل به صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره قال رحمه الله في آداب زيارة القبر المعظم: «ويسلم بلا رفع صوت وأقله السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يتأخر صوب يمينه قدر ذراع فيسلم على أبي بكر ثم يتأخر قدر ذراع فيسلم على عمر رضي الله عنهما ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه النبي صلى الله عليه وسلم ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه». فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب (1/257).
وأضاف: «أما عن التوسل بآثار الصالحين والأولياء، فإن ذلك لم ينكره أحد من علماء المذهب الشافعي بل صرحوا به وفعلوه وهذا منقول في كتبهم، قال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم في حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه أنه قال: «أصابني في بصري بعض الشيء فبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي، فأتخذه مُصلًّى، قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، ومن شاء الله من أصحابه، فدخل وهو يصلي في منزلي وأصحابه يتحدثون بينهم» يقول الإمام النووي في شرحه: «وفي هذا الحديث أنواع من العلم تقدم كثير منها ففيه التبرك بآثار الصالحين وفيه زيارة العلماء والفضلاء والكبراء أتباعهم وتبريكهم إياهم».