حيثيات حبس حسن راتب 5 سنوات: «تزعم تشكيلًا لتمويل التنقيب عن الآثار»
أودعت الدائرة الثالثة بمحكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالعباسية، اليوم، حيثيات الحكم على رجل الأعمال حسن راتب وعلاء حسانين وآخرين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«قضية الآثار الكبرى».
صدر الحكم برئاسة المستشار خليل عمر عبدالعزيز، وعضوية المستشارين مصطفى رشاد ومحمد شريف، وأمانة سر حمدي درويش.
وقالت المحكمة إن الواقعة حسبما استقرت في يقينها تتحصل في أنه في فترة سابقة سادت البلاد فوضى عارمة استغلها كل من ليس له ضمير أو حس وطنی، ومنهم من سولت له نفسه الاستيلاء على تراث وتاريخ هذا البلد العريق، فكان أن اقتحم الغوغاء من المجرمين ونقبوا وسرقوا ما طالته أيديهم من آثار طالما تباهت بها مصر على سائر الأمم وجلبت العالم كافة لمجرد رؤيتها معروضة فيها، فوقعت قطع أثرية منتمية إلى عصور مختلفة تاريخية في أيديهم فأخفوها رغم علمهم بأنها أثر تاريخي وبدءوا في الترويج عنها بقصد الاتجار فيها ببيعها.
وتبين أن المتهم الأول علاء محمد حسانين محمد قام بممارسة نشاط واسع في مجال الاتجار في القطع الأثرية والتنقيب عن الآثار غير المشروع، وتزعم تشكيلا عصابيا يقوم من خلاله بتمويل أعمال الحفر خلسة بحثا وتنقيبا عن الآثار بعدة مناطق مختلفة على مستوى جمهورية مصر العربية، بقصد سرقة القطع الأثرية كاملة أو فصل جزء منها عمدا لبيعها مجزأة، وقيامه بتجميع العديد من القطع الأثرية التي نتجت عن أعمال تنقيب غير مشروعة بمحافظات صعيد مصر، وتم استخراجها بمعرفة آخرين، وأنه في سبيله إلى إخفائها بإحدى مناطق الحفر بدائرة قسم مصر القديمة تمهيدا للتصرف فيها ببيعها والاتجار فيها والتربح من جراء ذلك.
وقالت المحكمة إنه بإجراء التحريات بمعرفة العميد شريف فيصل عبدالله رمضان، وكيل إدارة مكافحة جرائم الأموال العامة بالقاهرة، أفادت بمضمون ما سلف، وقيام المتهم المذكور بالاشتراك مع كل من المتهمين الثالث عزالدين محمد حسانين محمد والسادس عاطف عبدالحميد محمد مبارك، والسابع أحمد عبدالرؤف محمود علي والتاسع إسحاق حليم حبيب خليل والعاشر ميلاد حليم حبيب خليل والحادي عشر عبدالعظيم عبدالكريم مخيمر والثاني عشر أحمد عبدالعظيم عبدالكريم مخيمر سيد والثالث عشر شعبان مرسي خليفة علي والخامس عشر محمود عبدالفتاح أحمد أحمد والسادس عشر محمد عبدالرحيم عبدالنعيم عبدالرحيم والسابع عشر أحمد صبري أحمد إبراهيم والثامن عشر أحمد علي محمد حسین، وشهرته أحمد جزيرة، والتاسع عشر أشرف محمد صلاح حسن علي الخربوطلي والحادي والعشرين رمضان إبراهيم مصطفى حسن والثاني والعشرين محمد عبدالعظيم عبدالكريم، وآخرين- في أعمال الحفر والتنقيب بمناطق متعددة ذات طبيعة أثرية بنطاق جنوب القاهرة دون ترخيص، وقيام المتهم الأول بإخفاء تلك القطع الأثرية داخل تلك المناطق تمهيدا للتصرف فيها والتربح من جراء ذلك.
وقيامهم باستخدام العديد من السيارات ملكهم وملك الغير في تسهيل تنقلاتهم لنقل القطع الأثرية من مواضع اكتشافها لمكان تخزينها تمهيدا للتصرف فيها، فأفرغ ذلك في محضر عرضه على النيابة العامة المختصة وأذنت له بتاريخ 23 يونيو 2021 أو من ينوبه أو يندبه من مأموري الضبط القضائي المختصين قانونا لضبط وتفتيش المتهمين السالفين حال ترددهم على دائرة جنوب القاهرة، وضبط وتفتیش السيارات قيادتهم لضبط ما يحملونه أو يحرزونه من قطع أثرية ومعدات وأدوات تستخدم في أعمال الحفر بقصد التنقيب عن الآثار، ما قد يظهر عرضا أثناء الضبط والتفتيش وتعد حيازته أو إحرازه جريمة يعاقب عليها القانون.
وبمواجهة المتهم الأول بما أسفر عنه الضبط والتفتيش أقر بإحرازه ما بحوزته من القطع الأثرية المضبوطة حوزته والمتحصل عليها من جراء أعمال الحفر في عدد من المناطق المختلفة بغرض إخفائها والتصرف فيها باستخدام العديد من السيارات، ومنها السيارة المضبوطة لتسهيل تنقلاته، وأقر المتهم الثاني بتواجده صحبه المتهم الأول بغرض تأمين تحركاته مع علمه بطبيعة نشاطه الإجرامي السالف.
كما أقر المتهم الأول باشتراكه صحبة باقي المتهمين السالفين والمأذون بضبطهم وآخرين في أعمال الحفر خلسة بمناطق متعددة ذات الطبيعة الأثرية، ومن بينها عدد أربع أماكن حفر بدائرة قسم مصر القديمة، بقصد التنقيب عن الآثار، وأنه قد عثر على بعض القطع الأثرية في الأماكن آنفة البيان، وقام بتجميعها وإخفائها داخل إحدى الحفر أعلى تبة جبلية بجبل المعسكر بعزبة خير الله بدائرة قسم مصر القديمة؛ تمهيدا للتصرف فيها، وإيهام عملائه بكونها مقبرة مكتشفة حديثا، وأبدى استعداده للإرشاد عنها.
وعلى أثر ذلك قام العميد شريف فيصل باصطحاب المتهم الأول للإرشاد عن موقع إخفائه القطع الأثرية وأماكن الاحتفاظ بها، حيث أرشده المتهم السالف إلى كوخ عشة خشبية بأعلى تبة جبلية كائنة في جبل المعسكر بمنطقة عزبة خيرالله، فتمكن من ضبط المتهمين التاسع والعاشر والمأذون بضبطهما حال تواجدهما داخل ذلك الكوخ السالف، حيث عثر بداخله على حفرة قطرها حوالي 1.5 تقريبا لم يتبين عمقها لشدته، وبها أعمال حفر، وعثر بداخلها على قطع وأحجار، هي عدد 3 قطع من الحجر الجيري مختلفة الأشكال والأحجام وجميعها أثرية ترجع إلى العصر المتأخر من الحضارة المصرية القديمة، وعدد 5 ثقل میزان من أحجار مختلفة جميعها قطع أثرية ترجع إلى العصر المتأخر من الحضارة المصرية القديمة، وعدد 2 قطع خشبية كبيرة الحجم عليها طلاء باللون الحديث وكذا بعض الحروف والعلامات التي تشبه الهيروغليفية ورسومات تشبه الفرعونية يبلغ أبعادها 175×51× 7 سم تقريبا، وتمثالان تقليد لأجزاء توابيت فرعونية، وهما حديثا الصنع وغير أثريين.
واطمأنت المحكمة لتقرير اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار، وعثر بداخل الكوخ السالف على أدوات حفر، هي عدد 4 مولدات كهربائية، 5 ماكينات حفر هیلتی، أدوات حفر، كوريك، فاس، أزمة حديدية، مطرقة، مسمار حديدي، أجنة، غلق، أحبال، كابلات كهربائية، وسلم.
وبمواجهة المتهمين التاسع والعاشر السالفين، والمضبوطين داخل الموقع السالف بیانه بما سلف، أقرا بما قرر به سابقهما وأقر باشتراكهما، وباقي المتهمين السالفين، في حراسة تلك الموقع ورجراء أعمال حفر به للتنقيب عن الآثار بالمكان المضبوط والعديد من مواقع التنقيب الأخرى بتمويل من المتهم الأول بقصد استخراج القطع الأثرية والاستيلاء عليها وإخفائها تمهيدا للتصرف فيها.
وبمواجهتهما أقرا السالفان حال ضبطهما بالاشتراك وباقي المتهمين وآخرين في أعمال حفر الأماكن المضبوطة، وكذا العديد من مواقع الحفر الأخرى، بتمويل من المتهم الأول بقصد التنقيب عن الآثار، وأرشدا عن مجموعة من الكتب المطبوعة حديثا وأوراق مكتوبة بخط اليد حديثة بعبارات دجل وشعوذة، وبعض الزجاجات تحوي سوائل وكمية من البخور جميعها تستخدم في أعمال السحر والشعوذة، حسبما ثبت بتقرير اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار، كما أرشدا عن أحد مواقع الحفر أعلى ذات التبة الجبلية، والذي تمكن فيه الضابط السالف من ضبط كل من المتهمين الثالث عشر والرابع عشر، محمود رفعت بیومي وأحمد محمد، حال تواجدهما لحراسة ذلك الموقع، وبمواجهة الآخرين أقرا بذات ما قرره المتهمون المضبوطون.
وأن المحكمة تمهد لقضائها أن محكمة الموضوع تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعات الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها طرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على أقوال متهم آخر متى اطمأنت إليها ومن حقها كذلك أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عما قاله شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم طالما أنها لم يستند إليها في قضاها.
والدعوى حسبما أودع إليها اقتناعها، فإنها تطمئن إلى أن المبلغ الذي قام المتهم الثالث والعشرون حسن راتب بإعطائه للمتهم الأول علاء محمد حسنين محمد، وقدره أربعة عشر مليونا وخمسمائة ألف جنيه مصري من أصل خمسين مليون جنيه مصري، هو لتمويل أعمال الحفر في الأماكن الأثرية المبينة بالتحقيقات للتنقيب عن الآثار والاتجار فيها، وفي الرواية التي قرر بها الشاهد السابع وليد عبدالعظيم سليمان محمد منذ فجّر التحقيقات في القضية رقم 8099 لسنة 2017 جنح مركز الجيزة.
وأبلغه بها المتهم الأول وأصر الشاهد على الإدلاء بها حتى بعد ضبط المتهمين واستجوابهما بتحقيقات النيابة العامة في الدعوى المطروحة، فقد قرر بأن المتهم الثالث والعشرين طلب وساطته مع المتهم الأول بوصفة صديق الطرفين في إنهاء نزاع مالی بینهما يدور حول مبلغ ثلاثة ملايين دولار أمریکی قيل له إنه أعطاه إياه لكنه اختلسه لنفسه، وتقابل مع المتهم الأول وطلب منه رد المبلع السالف لكن الأخير أخبره بأن تلك الأموال خاصة بتجارة الآثار بينهما وليست خاصة بأي مشاريع بينهما، وأنه تحصل من المتهم الثالث والعشرين على سيارة مرسيدس لنقل الآثار بها وكذا على شقة لتخزين الآثار فيها.
وحيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى من اقوال الشهود فيها وما ثبت من مطالعة مستنداتها وهي أدلة متساندة في مجموعها لم ينل منها دفاع ولم يصبها عوار قام بها الاتهام صحيحا قبل المتهمين وتكاملت أركانه في حقهم، فإن المحكمة وقد هالها ما أقدم عليه ذلك التشكيل العصابي من جرم، والذي تزعمه نائب سابق اختاره أبناء دائرته ومنحوه الثقة ليمثلهم تحت قبة البرلمان واستغل تلك الثقة في ارتكاب الأعمال الإجرامية، وشاركه في إجرامه رجل أعمال كان ملء السمع والبصر أعطاه المولى، عز وجل، الأموال الوفيرة فاتبع خطوات الشيطان فذل وهوى إلى أسفل السافلين مع اللصوص والخارجين عن القانون، كل ذلك طمعا في الكسب الحرام، وأن ما قام به أفراد ذلك التشكيل العصابي من جرم طال مقدرات الدولة المصرية وكنوزها مما تركه الأجداد ويملكه شعب مصر بكافة أجياله المتعاقبة السابقة منها والحالية والقادمة، وقد ترك الأجداد تلك الثروات والكنوز أمانة لتحملها الأجيال، إلا أن هؤلاء المجرمين الضالين قد خانوا تلك الأمانة والوطن وهان عليهم أن تقف مصر شامخة بين الأمم بحضارتها وثقافتها فأقدموا على العبث بها والاستئثار بغنائمها طمعا في مكسب زائل، مفرطين في الغالي والنفيس من تراث الدولة المصرية على مدار العصور التاريخية، والذي لا يقدر بمال ولا يوزن بقيمة وهو ما تعلو به الدولة المصرية قدرا وتزهو به فخرا بين الأمم، ولا يسع المحكمة سوى أن تنزل عليهم العقاب جراء لما اقترفته أيديهم بارتكابهم تلك الجرائم المسندة إليهم.
وعلى أثر ذلك، قضت المحكمة حضوريا على المتهمين علاء محمد حسانين وأكمل ربيع معوض جاد وعزالدين محمد حسانين ومحمد كامل ناجي حسانين وناجح طه حسانين بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، وتغريم كل منهم مبلغ مليون جنيه عما أسند إليهم من اتهامات.
وبمعاقبة عاطف عبدالحميد محمد مبارك، أحمد عبدالرؤف محمود علي، أسامة علي محمد حسانين، إسحاق حليم حبيب، ميلاد حليم حبيب، عبدالعظيم عبدالكريم، أحمد عبدالعظيم عبدالكريم، شعبان مرسي خليفة، محمود رفعت بيومي، محمود عبدالفتاح أحمد، محمد عبدالرحيم عبدالنعيم، أحمد صبري أحمد إبراهيم، أحمد علي محمد حسين، وشهرته أحمد جزيرة، أشرف محمد صلاح حسن الخربوطلي، محمد السيد عبدالرحمن، رمضان إبراهيم مصطفى حسن، محمد عبدالعظيم عبدالكريم، حسن كامل راتب حسن، بالسجن لمدة 5 سنوات وتغريم كل منهم مبلغ مليون جنيه عما أسند إليهم من اتهامات.
والتحفظ على مواقع الحفر الأربعة لحين قيام المجلس الأعلى للآثار بإجراء أعمال الحفائر على نفقة المحكوم عليهم ومصادرة المضبوطات جميعها والأدوات والآلات والمعدات المضبوطة والسيارتين لصالح المجلس.
وببراءة المتهمين جميعا من تهمة إدارة وتشكيل والانضمام والاشتراك في عصابة لتهريب الآثار لخارج البلاد، وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة.