حكاية هجوم الشيخ محمد سلامة على الشيخان عبدالباسط عبدالصمد ومصطفى إسماعيل
الشيخ محمد سلامة من قراء القرن العشرين، صاحب مدرسة مستقلة في الأداء، كما كان يتمتع بصوت مميز بين أصوات القراء، وظل يعيش فى نفس الحارة التي نشأ فيها مع الشيخ منصور ندا والشيخ على محمود والشيخ محمد الصيفي، وهى الحارة الضيقة المسدودة بالعباسية والتى هجرها الجميع ما عدا الشيخ الصيفي والشيخ سلامة، بحسب ما جاء في كتاب " ألحان السماء" للكاتب محمود السعدني.
وكان الشيخ سلامة يختلف عن قراء جيله، فكان القارئ الوحيد الذي يجلس على ركبتيه لقراءة القرآن الكريم كأنه فى حالة ركوع أثناء الصلاة وكان إذا انتقل من طبقة القرار إلى طبقة الجواب هب واقفًا على ركبته فى حركة متوافقة مع الطبقة التى ارتفع إليها.
وكان دائما مستنكرًا لطريقة أداء الشيخ مصطفى إسماعيل ولا يخفى ذلك، وكان يؤمن بأن قراءة القرآن تحتاج إلى صوت قوى ووقور، أما الصوت الحلو فليس مستحبًا فى التلاوة، وكان هذا رأيه أيضا فى الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وأما الصوت المفضل لديه فكان الشيخ الصيفى، وكان من رأيه أن صوت الشيخ زاهر "مش بطال".
والشيخ سلامة كان آخر مرة قرأ فيها القرآن كانت فى مآتم والده الشيخ سيد مخيمر بالجيزة، وحدث أثناء التلاوة أن انصرف بعض الجالسين، وهنا قطع التلاوة وأعطى الحاضرين فى السرادق درسًا فى آداب الاستماع إلى القرآن الكريم، وعندما مات الشيخ سلامة كان في حكم المجهول بالنسبة للأجيال الجديدة وهى الأجيال التي كان يطلق عليها الشيخ لقب أجيال عبد الحليم حافظ.
الشيخ سلامة كان يرى أن الإذاعة حرام والتلاوة فيها كذلك، لكنه عاد عام 1948، وأذاع من محطة القاهرة إلا أن الزمن الطويل الذي عاشه كان قد أثر فى صحته وفى صوته فاضطر إلى القراءة أمام الميكرفون عدة سنوات، ومات وهو فوق الثمانين بسنوات.
وكان الشيخ سلامة قد بدأ قراءة القرآن الكريم في عام 1910، وسافر إلى فلسطين فترة ثم عاد إلى مصر، ودفن بها، وعاصر الفترة الذهبية لعصر التلاوة أيام الشيخ على محمود وغيره، وذاع صيته بين أوساط القراء.