«الحقنة القاتلة».. الأطفال تحت رحمة «يونيكتام» والمنتج يعترف: يوجد عبوات مغشوشة
صرخات أطلقها الصغير مروان أحمد عبادي، البالغ من العمر 5 سنوات، من محافظة البحيرة قرية إيتاي البارود “بطني بطني”، ليبدأ بعدها بالقيء، ووجهه يتحول في ثوان إلى الإصفرار، وشفتاه تميل إلى الزرقة"، وذلك بعد أقل من خمس دقائق على حقنه بحقنة "اليونيكتام" 1500 المضادة للحساسية برقم تشغيله "٧١٥".
كان هذا جزءًا من رواية جد الطفل عبد القادر عبادي، الذي شهد بعينه لحظات تحول فيه حفيده من شعلة نشاط طفولي، إلى وردة ذبلت بلحظات إلى الأبد وقد كانت في بداية تفتحها.
وقال الجد:"حفيدي كان عنده سخونة عادية، وأخد علاج، وبقى تمام بس قولنا تاني يوم نوديه للصيدلي يشوف لو عنده التهاب حلق، وبالفعل الصيدلي كتبله على حقنتين يونيكتام ١٥٠٠كل ١٢ساعة".
وما أن تناول الطفل الحقنة الأولى حسب استكمال رواية الجد حتى ظهرت أعراض الموت عليه وبدأت رحلة عذاب استمرت 6 أيام داخل المستشفيات التي استمرا من يوم 2 رمضان إلى 8 رمضان انتهت بصعود روح الطفل البرئ إلى السماء بعد تسممه بفعل حقنة "اليونيكتام" "السامة المميتة"، كما وصف الطبيب.
الحقنة تسببت في فشل كلي في الكلى لدى الطفل، وفشل في التنفس، وتضخم بعضلة القلب، كما ازداد الأمر سوءًا نتيجة تأخر الأطباء في التشخيص الدقيق للحالة". واستطاعت "الدستور" التوصل إلى شهادة وفاة الطفل بعد تناوله حقنة "اليونيكتام".
وتساءل الجد بعد وفاة الحفيد “أحاسب مين؟ مين المسئول عن موت نور عيني وحفيدي؟”، متابعًا:"لن نترك من كان سببًا في موت ابننا.. وحسبي الله ونعم الوكيل".
حالة مروان لم تكن هي الحالة الوحيدة التي لحق بها الضرر جراء تناول حقن الحساسية "اليونيكتام" بهذه الأيام بل أن هناك العديد من المتضررين الذين أعلنوا عن شكواهم وصرخاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما توالت العديد من تحذيرات الأطباء والصيادلة على ذات الوسائل من تداول تلك الحقن المٌميتة واستخدامها الفترة الحالية نتيجة تداول تشغيلة مقلدة ومغشوشة منها تسبب هذه الأَضرار.
وهو الأمر الذي جعل هيئة الدواء تخرج لنطلق تحذيراتها بعدم استخدام حقن "الوينيكتام"، في الفترة الحالية، أو التأكد قبل استخدامها أنها أصلية، وليست مقلدة.
وحقن الـ"Unictam" تستخدم كمضاد حيوي يحتوي على نوعين من المضادات الحيوية وهما "الأمبيسيللين" و"السالباكتام"، وتستخدم في التهابات الجهاز التنفسي العلوي بما في ذلك التهاب الجيوب الأنفية والتهاب الأذن الوسطى والتهاب اللوزتين، وكذلك يتم استخدامها في الالتهاب الرئوي الجرثومي والتهاب الشعب الهوائية، والتهابات المسالك البولية والكلية، بالإضافة إلى التهابات الجلد والأنسجة الرخوة.
الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، أوضح أنه "بالفعل تم التأكد من تواجد تشغيلة مقلدة ومغشوشة من حقن "اليونيكتام" أُنتجت بفعل بعض المصانع غير المرخصة ووزعت على مخازن غير معتمدة إلى أن وصلت إلى المرضى وتسببت في حدوث العديد من الإصابات، وعليه أوضح أن المسئولية هنا تقع على عاتق بعض الصيادلة معدومي الضمير الذين سمحوا بشراء بعض الأدوية من المخازن والشركات مجهولة المصدر لمجرد كونها أقل سعرًا عنها من الشركات المعروفة"، مشيرًا إلى أنه "لا بد من ردع مثل هؤلاء وأن يكون هناك دورًا يتخذه نقيب الصيادلة للسيطرة على هذه الصيدليات المخالفة".
أشار إلى أن “من اكتشف وجود تلك التشغيلة المقلدة بالأسواق هي الشركة المنتجة نفسها، وهي شركة المهن الطبية Mub، لذا قامت على إثر ذلك بإصداربيانًا تُحذر فيه من تداول هذه التشغيلة المقلدة، وتطلب من هيئة الدواء سحبه، وهو ما تم بالفعل”.
وجاء في بيان الشركة المنتجة لحقن "اليونيكتام"، أنته “في إطار حرص شركة المهن الطبية (Mub)، على صحة وسلامة المرضى وفي ضوء التقارير الواردة إلى إدارة اليقظة الدوائية بالشركة بخضوص العبوات المغشوشة لمستحضر اليونيكتام 1500 حقن، والإبلاغ عنها”.
وتابعت "ونتيجة حدوث بعض الآثار العكسية من هذه العبوات المغشوشة تقدمت شركة المهن الطبية إلى هيئة الدواء المصرية بطلب لسحب احترازي لتشغيلات مستحضر يونيكتام 1500 مجم حقن من السوق المصري، وذلك بشكل مؤقت لحين فرز التشغيلات السليمة من المقلدة، وفي انتظار رد هيئة الدواء المصريةة، لاتخاذ القرار المناسب".
ومن جانبها قالت فاتن عبدالمعبود، المتحدث الإعلامي لهيئة الدواء المصرية في حدثها لـ"الدستور"، إن “الهيئة تحركت سريعًا على إثر ورود إليها بيان الشركة المنتجة، وسحبت التشغيلة المقلدة تمامًا من الأسواق كما أعلنت عبر صفحاتها على الفيسبوك بياناتها التحذيرية من شراء الحقن بهذه الفترة إلا بعد التأكد التام من كونها أصلية وغير مقلدة من خلال التعرف على التشغيلة الأصلية التي عرضت كذلك على الصفحة”.
ولفت أكد الدكتور محمد الشيخ، عضو مجلس الشيوخ ونقيب صيادلة القاهرة، إلى أن “الحصول على هذه الحقن المغشوشة في الغالب يكون من خلال الشراء من بعض الصفحات الإلكترونية التي تدعي بيع الأدوية، وهي في الحقيقة تبيع أدوية فاسدة”، مضيفًا أن “الصيدلي ليس من مصلحته أن يشتري أدوية من أماكن غير معروفة، بل الأفضل له أن يشتري الدواء من شركات معروفة يستطيع من خلالها والحصول منها على الفواتير الضامنة”.
“الدستور” بدورها أجرت جولة على عدد من الصيدليات للتحقق من تنفيذ توجيهات الشركة المنتجة وهيئة الدواء بسحب المنتج. وتبيّن أن عدداً من الصيدليات لا يزال يبيع الحقن للمرضى.
محمود فؤاد، رئيس مركز الحق في الدواء، قال لـ"الدستور"، إن هناك نقصاً في عدد مفتشي هيئة الرقابة على الدواء وهم المسؤولون على تنفيذ أعمال الرقابة والضبطيات على الصيدليات، وهو ما يجعل إحكام الرقابة على الصيدليات أمراً صعباً وبالتالي يتيح هذا الفرصة لاستمرار وجود تلك الأدوية القاتلة ببعض الصيدليات، وبالنهاية يدفع المريض فاتورة ذلك.
وطالب “فؤاد” بضرورة توفير عدد أكبر من مفتشي هيئة الرقابة من أجل إحكام السيطرة على الصيدليات بشكل أفضل.
وبالبحث وجد أن هناك بعض الفروق بين حقن"اليونيكتام" الأصلية والمٌقلدة، وذلك حسبما أوضحت هيئة الدواء؛ فالمنتج الأصلي يتميز بخامة كرتون جيدة على عكس العبوة المغشوشة وهي خامة رديئة.
كما أن المنتج الأصلي مدون وزن 150 مجم على الجانب الأيسر العلوي بلون أبيض داخل مستطيل من اللون الأحمر الداكن، وفيما يتعلق بالعبوة المغشوشة مدون 1500 مجم على الجانب الأيسر العلوي بلون أبيض داخل مستطيل من اللون الأحمر الفاتح.
ويوجد في عبوة المنتج الأصلي أيضًا فعلامة التميز على الجزء الأيسر السفلي بمسافة بعيد من أسفل العبوة، ولكن المنتج المغشوش علامة التميز علي الجزء الأيسر السفلي بمسافة قريبة من أسفل العبوة.
كما أن المنتج الأصلي لون الوجه السفلي أحمر داكن، وفيما يتعلق بالمنتج السفلي لون الوجه السفلي أحمر فاتح، والأصلي ذو طباعة بيانات الإنتاج والصلاحية ليزر، ولون البودرة أبيض وله صفة إنسيابية جيدة، ولكن المغشوش لون البودر يميل إلى اللون الأصفر وله صفة إنسيابية رديئة.