ياسر جلال.. أن تصبح بؤرة النجومية وتحتفظ بأصلك الطيب
ليس من السهل أن تصبح محل إعجاب كل مَن حولك، وأن تصبح فجأة حديث الناس، إن الشهرة سجن، والأضواء أغلال، لا تجعلك تتصرف بحرية؛ لأن العيون تراقبك فى كل مكان، والأصابع تشير إليك فى كل اتجاه؛ تقيدك وتحاصرك وتحاكمك بعنف وقسوة، إذا أخطأت فى كلمة أو نظرة أو حتى ابتسامة لم تخرج منك فى موقف كان يجب أن تكون فيه سعيدًا، أو حزينًا.
يقولون أيضًا إن النجومية مرض، وإذا لم يستطع الفنان ترويض نفسه فسوف يصبح أسيرًا لتضخم ذاته، وضحية لمغبة الغرور، فينطفئ نجمه مع الوقت مبكرًا.
لكن نجمًا مثل ياسر جلال يتعامل مع النجومية بشكل مختلف، يعيش قمة الشهرة وبؤرة الأضواء، لكن يفاجئك بطبعه الطيب وأخلاقه الكريمة، التى ظهرت فى لقاءاته التليفزيونية بمنتهى التواضع والإيثار ونكران الذات، بعدما حقق نجاحه المدوّى الأول فى مسلسل «ظل الرئيس».
لم يشغل باله بهذا النجاح المستحق، وواصل عمله فى ثبات كل عام، حتى وصل إلى دور عمره فى مسلسل «الاختيار ٣» فى دور الرئيس عبدالفتاح السيسى.
إن المكانة التي وصل إليها ياسر جلال الآن كانت نتيجة منطقية لسلوكه المنضبط وثباته بعد نجاحاته المتكررة، فتركيزه الوحيد على فنه وما يقدمه للناس، فهو لا يظهر فى لقاءات تليفزيونية إلا نادرًا، ورغم كل هذه النجاحات والإعجابات، تجده يقول: «كنت بتكسف أطلع فى البرامج لما يطلبوا استضافتى، لأنى كنت بحس إنى معملتش حاجة أستحق أطلع أتكلم عليها قدام الناس»، يقول أيضًا: «بتكسف أكلم أى منتج أو مخرج حتى لو عشان أشكره على حاجة عملها، عشان ميفتكرش إنى عاوز دور فى فيلم أو عمل ليه بعد كده».
إلى هذه الدرجة يتمتع ياسر جلال بشخصية استثنائية، يتعامل مع نجوميته بخجل، وذلك ما يمكن أن يفسر لماذا تأخرت نجوميته سنوات طويلة على الرغم من موهبته وجبروته فى التمثيل بل تفوقه على كل أبناء جيله.
وما لا يعرفه كثيرون عن ياسر جلال هو ثقافته، فهو ابن المسرح، تخرج فى معهد الفنون المسرحية سنة ٩٠ وكان الأول على دفعته، بدأ التمثيل فى مسلسل «خشوع» مع شكرى سرحان، ثم واصل الظهور فى أعمال مميزة مثل دوره فى «لن أعيش فى جلباب أبى»، ثم قدم بطولته المطلقة الأولى بمسلسل «سعد اليتيم»، إلا أن إحدى الشخصيات الكبيرة فى التليفزيون منعته من البطولة بعد ذلك، لذلك يقول ياسر إن الله يعوضه الآن عن شعوره بالقهر لسنوات.
وما يقدمه ياسر حاليًا من أداء مذهل لشخصية الرئيس السيسى ليس سوى جزء صغير من حجم موهبته الثقيلة التى ستنفجر مع الوقت كل طاقاتها وإبداعاتها، فنحن أمام فنان مثالى، لا يعرف شيئًا من الدنيا سوى عمله كممثل، فهذه هى حياته ونشأته الأولى على يد والده المخرج المسرحى جلال توفيق، الذى قال له فى طفولته: «أنا عاوزك لما تمثل وتتكلم.. تتكلم من هنا»، كان يقول ذلك وهو يضع يده على قلب طفله، ومن هنا ربما نفسر كيف خطف ياسر جلال الأنظار بدور السيسى، وكيف صنع الدهشة؟، الإجابة ببساطة هى أننا أمام فنان «بيمثل بقلب ومن القلب».