وجوه «الملك لير» في التلفزيون والسينما والمسرح المصري
"الملك لير" مسرحية تراجيدية لويليام شكسبير تعد درة تاج أعماله، تتكون من خمسة فصول، كتبت في 1605 ونشرت في 1608، قدمت على المسرح لأول مرة سنة 1606.
تدور أحداث القصة في بريطانيا القديمة، حيث يقرر الملك المسن لير التخلي عن ملكه وتقسيم مملكته على بناته الثلاث، كورديليا، ريغان، وجونريل، وتدور المسرحية حول فكرة أساسية معنية بالإشارة إلى عقوق الوالدين وقصة العمى والجنون والبصر والبصيرة، عن صورة الملك في السينما والمسرح المصري يدور هذا التقرير التالي.
يقول الكاتب الروائي والناقد شريف صالح انه معالجة مسرحية الملك عبر الدراما التلفزيونية واضح في مسلسل “دهشة ”، أما في الأعمال السينمائية فقد انتبهت السينما المصرية مبكرًا إلى تمصير المسرحية سينمائياً وقدمت عبر أكثر من معالجة وهما "الملاعين"، وحكمت المحكمة، "وبالوالدين أحسانًا" وغيرها.
من جانبه يشير الناقد الفني والأكاديمي دكتور وليد الخشاب إلى أن للصديق الناقد الكبير عصام زكريا دراسة هامة عن "الملك لير" في السينما المصرية والعالمية يوضح فيها كيف تطورت الأفلام الغربية والروسية المأخوذة عن رائعة شكسبير "الملك لير" من ترجمة كلاسيكية لعمل ذي إطار تاريخي، إلى تأملات تجريبية حديثة عن دورات الزمن الذي لا يدوم على حال، والتقدم في السن والشعور بخذلان الأبناء والشباب للمسنين.
ويشير زكريا إلى أن الأفلام المصرية المأخوذة عن لير في المقابل، تسطح الموضوع وتكتفي بالإثارة الميلودرامية.
ويتابع الخشاب: "أرى أن اقتباس الملك لير في السينما المصرية مثال قوي على اهتمام ثقافتنا بالحبكة المثيرة في الروائع العالمية، دون الالتفات لبعدها الفكري، فالفيلمان المشتهر اقتباسهما عن "الملك لير" ينتميان لنهايات عصر الميلودراما المليئة بالانفعالات المفرطة والمواقف الزاعقة، في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات: "الملاعين" إخراج أحمد ياسين (1979) و"حكمت المحكمة" إخراج "أحمد يحيى".
ويضيف الخشاب: "في الفيلمين يلعب فريد شوقي دور الأب المغدور، وقد لعب مثل هذا الدور عشرات المرات في تلك الفترة، لعل أشهرها في "وبالوالدين إحسانًا" إخراج حسن الإمام (1976).
عند شكسبير، يقسم الملك لير مملكته بين بنتيه الكبريين ويحرم صغرى بناته لأنها لا تنافقه، ثم تنقلب عليه ابنتاه ولا يجد إلا صغرى بناته لتحتضنه وتحنو عليه، في الفيلمين المصريين يتحول “لير” إلى أب ورجل أعمال ثري يعاني من عقوق بناته الطامعات في ثروته، حتى إنه يواجه قضية حجر على أملاكه في فيلم أحمد يحيى.
ويؤكد هذا دور النجم في تشكيل الذائقة العامة، وفريد شوقي كان حريصًا على تقديم أهم شخصيات المسرح والأدب العالميين، لكنه كان يهتم بالجمل المثيرة للعواطف والانفعالات المبالغة التي تزيد بريق نجمه كممثل، أكثر من اهتمامه بالمغزى الفكري أو الفلسفي لكلام الشخصية.
لكن المثير أيضاً أن الفيلمين عن أب يواجه رفضا بالاعتراف بمكانته وسلطته في زمن كان الرئيس السادات يتعرض للموقف ذاته في الساحة السياسية.
كان يطلق عليه "آخر الفراعين" و"كبير العائلة المصرية"، لكنه كان يواجه معارضة شديدة ترفض الاعتراف له بتلك المكانة، ورحل عن عالمنا في اليوم التالي للعرض الأول لفيلم "حكمت المحكمة".
قدم "الملك لير" على خشبة المسرح المصري الفنان" يحيي الفخراني"وهو أحد الوجوه الرصينة لتقديم الملك لير، والتي لاقت نجاحا منقطع النظير في بدايات عرضها عام 2001 ليعيد الأمر في عام 2021 لتلاقي نفس النجاح، استثمر يحيي الفخراني مسرحية الملك لير بشكل معلن باقتباسها لتكون الفكرة الرئيسية محور مسلسله "دهشة".