نقص «الأكتفيد».. «الدستور» تحقق في اختفاء أحدث عقاقير الإدمان
البداية كانت بتمكن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بقطاع مكافحة المخدرات والأسلحة بالاشتراك مع الإدارة العامة لأمن الموانئ بمطار الغردقة الدولي منذ أيام من ضبط راكبَين يحملان جنسية إحدى الدول، أثناء مغادرتهما البلاد يحملان كمية "7 كجم" من مخدر جديد لعقار يُدعى "الأكتيفيد" مخفاة بداخل عبوات مستحضرات تجميل.
تلك البداية دفعت "الدستور" لطرق الأبواب وراء ماهية ذلك المخدر غير المألوف للكشف عن تركيبه، وكيفية تهريبه من مصر، وبالبحث اتضح أن "الأكتفيد" ما هو إلا دواء يعمل على تقليل اضطرابات الجهاز التنفسي العلوي، وكمضاد للحساسية في الجهاز التنفسي العلوي.
هذا ما أكده الدكتور نبيل محمود، استشاري أمراض الصدر في حديثه لـ"الدستور" الذي أوضح أن تأثير الأكتيفيد يرجع إلى وجود المادة الفعالة به وهي "ديكستروميثورفان"، مُشيرًا الى أنها تعمل على تثبيط عملية السعال عن طريق تثبيط مركز السعال في المخ.
وتابع أنه من بين الأضرار الجانبية لذلك العقار" الأكتيفيد" هو تسببه في النوم والدوار مشيرًا إلى أن تلك الآثار هي أغلب الآثار الجانبية لأدوية البرد والحساسية.
وأضاف أنه بالفعل هناك الكثير مما يستخدمون هذا العقار كمخدر، مشيرًا إلى أنه مثله في ذلك مثل جميع الأدوية المهدئة والسعال وحساسية الصدر و كذلك منشطات الدورة الدموية وأدوية التهاب القولون العصبي وأدوية الصرع و كذا علاجات التقلصات وقطرات العين.
ولمعرفة مدى توافر عقار "الأكتيفيد" بالأسواق من عدمه تجولت "الدستور" حول العديد من الصيدليات للبحث عنه، وكشف أسعار تداوله.
عند بداية الجولة وبالسؤال عنه، قال الصيدلي إن ذلك العقار يعد هامًا في علاج مرضى حساسية الأنف، ولكنه يُعاني نقص وجوده بالأسواق منذ عدة أشهر.
وتابع الصيدلي أن الدواء يتواجد منه الشراب والأقراص وأن كلايهما لا يتعدى سعره 5 جنيهات فقط، موضحًا أنه لم يدخل يومًا جدول لكونه دواء لعلاج البرد مثله مثل العديد من الأدوية، وأشار إلى أن كل استخدام خاطئ لدواء يتسبب بالفعل في آثار جانبية قد يصل بعضها إلى المُميت مؤكدًا أنه ليس بغريبًا أن يستخدم البعض أدوية البرد كمخدرات وذلك بتناول جرعات كبيرة منها.
وفي صيدلية أخرى بحي الدقي، وبسؤال الصيدلي عن عقار"الأكتيفيد" أكد نُقصانه بالفعل بالسوق منذ فترة موضحًا أنه أحيانًا كان يتردد عليه بعض المرضى لشراؤه بكميات كبيرة دون روشتات، ولكنه لم يكن باستطاعته أن يمانع في ذلك مُشيرًا أن الدواء ليس جدولًا وبالتالي لا ضرر من بيعه دون روشتة.
بينما أكدت سميرة حسين صيدلانية، أنه بالثمانينيات من القرن الماضى شُهد لجوء بعض الشباب إلى استخدام المهدئات، والتى كانت تستخدم لعلاج التوتر والقلق، كما يتسبب استخدامها بكميات كبيرة في حدوث حالة من الهذيان والتوهان والانفصال عن الواقع، حتى دخلت ضمن جدول 2.
وأضافت أنه بالفترة الماضية شهدت انتشار تعاطي أدوية السعال وحساسية الصدر بكميات كبيرة لكونها تُسبب حالة من التوهان والهذيان وأغلب مستخدمي هذه الفئة من سائقى سيارات النقل، والذين لجأوا إلى استخدام تلك الأدوية نظرًا لارتفاع سعر الترامادول.
وختمت أن هذا الاستخدام السيئ من قبل البعض لتلك الأدوية، قد يتسبب في نقص توافرها بالأسواق مثلما حدث بدواء "الأكتيفيد".
وعن لجوء البعض إلى استخدام أدوية الحساسية كبديلًا عن المُخدرات أكد الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي في حديثه لـ"الدستور" أن مشكلة المدمن لا تتمثل في مشكلته مع وجود وسيلة الإدمان "المُخدر" من عدمها سواءً كانت دواءً أو مخظر في حد ذاته، بل أن مُشكلته هي أزمته مع الحياة، والتي يحاول أن يهرب منها بتناول أيًا من العقاقير المُسببة للتوجه والغياب عن الوعي، حتى لو كان الأمر يتحقق بتناول دواء كحة أو حساسية بجرعات مُبالغ فيها المهم بالنهاية تحقيق هذا الغرض.
وأضاف أن كل مُدمن يختلف عن الآخر فهناك من يبحث عن النوم العميق، وآخر من يبحث عن الشعور بحالات التوهان وثالث يبحث عن الشعور بالمتعة.
من جانبه، الدكتور رشاد فهمي، أستاذ علم الاجتماع أنه من الضروري تشديد الدور الرقابي من الحكومة على كافة أماكن بيع الأدوية مثل الصيدليات والمستشفيات، وعدم بيع الأدوية جميعها إلا عن طريق روشتات يكتبها أطباء، مشيرًا إلى ضرورة تشديد الرقابة على الأماكن التى تساعد الأطفال والشباب على الدخول فى عالم المخدرات، مثل الكافيهات ومحلات الألعاب الإلكترونية.