باحث: مصر ترفض أي تهديدات لأمن الخليج وتدعم مواجهة الإرهاب الدولي
قال محمد منصور الباحث بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن الموقف المصري من الهجمات الحوثية على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كان دومًا واضحًا وثابتًا، عبر الإدانة الكاملة لأي تهديد لأمن الخليج، الذي يعتبر في الذهنية الاستراتيجية المصرية جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي العربي، الذي تحاول مصر استنهاض الجهود الإقليمية من أجل معالجة الأضرار العديدة التي أصابتها جراء تراجع العمل العربي المشترك، الذي أدى إلى نشوء تدخلات سلبية من قوى إقليمية في الشأن الداخلي العربي على عدة مستويات.
وأوضح "منصور" أنه من المنطقي أن تكون القاهرة في طليعة المنددين بهذه الهجمات على مدار السنوات الماضية، ليس فقط لأنها تعد عدوانًا سافرًا على دول عربية ترتبط بعلاقات متينة وحيوية مع مصر، لكن أيضًا لأن هذا الموقف يتسق مع الرؤية المصرية الخاصة بملفات مكافحة الإرهاب، خاصة الإرهاب الممول من دول وقوى تريد فرض هيمنتها على القرار العربي.
وأضاف منصور فى تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن الهجوم الحوثي على القطاع النفطي السعودي- بما يمثله من أهمية اقتصادية وحيوية للمملكة وإمدادات الطاقة العالمية- كان الأعنف من نوعه مقارنة بالهجمات الحوثية السابقة- وهو أمر يمكن ربطه بمسارين متوازيين، الأول مسار داخلي ميداني يتعلق بسير العمليات العسكرية في الجبهات الأساسية خلال الأشهر الماضية- وعلى رأسها مدينة مأرب- والثاني يمكن من خلاله الربط بشكل مباشر مع التفاعلات التي تتم على خط الاتفاق النووي الإيراني، كون طهران الممول الأساسي لجماعة الحوثيين في اليمن.على المستوى الميداني كان الحوثيون دومًا- وحين يزداد الضغط الميداني على عناصرهم في هذه الجبهة أو تلك- يعمدون إلى ضرب القطاع المدني والخدمي السعودي، خاصة في المنطقة الجنوبية، وهي استراتيجية يحاولون من خلالها التأكيد على استمرار امتلاكهم للقدرات البالستية والمسيرة، وعلى إمكانية استهدافهم لمناطق هامة في العمق السعودي.
وتابع: "أما على المستوى العام، فنجد أن المناورة الإيرانية الحالية مع اقتراب التوقيع على الاتفاق النووي، تحاول من خلالها إيران الضغط على الأطراف الأوروبية، وتلويحها بإمكانية التأثير على إمدادات الطاقة، خاصة في ظل الظروف الحالية في شرق أوروبا".
وأكمل: "هنا يظهر بجلاء حجم التهديد الذي يتعرض له قطاع الطاقة العالمي من جراء الهجمات الأخيرة على المملكة، خاصة أنه سبق وتعرض هذا القطاع لعدة هجمات متعددة الأشكال، سواء عبر الضربات الصاروخية او المسيرة، أو عبر استهداف ناقلات النفط بالألغام البحرية وعمليات التخريب، وهو ما أبرزته الرياض بشكل أكبر خلال الهجوم الأخير، وحذرت بشكل واضح من إمكانية تأثير هذه الهجمات بشكل جذري على قدرة المملكة على توفير إمدادات الطاقة المطلوبة دوليًا، خاصة مع تصاعد التوتر الميداني في أوكرانيا".
وحول السيناريوهات المتوقعة، قال منصور يمكن القول إن الحل السياسي في اليمن يبقى قريبًا رغم الأرهاصات الميدانية الحالية، وقد أطلقته الرياض بالفعل عبر دعوتها كل الأطراف اليمنية لبدء عملية تفاوض منطقية وموضوعية، يتم من خلالها بحث كل الملفات اليمنية، وهي الدعوة التي تحاول جماعة الحوثي تأجيل المضي فيها والتأثير على مجرياتها، نظرًا لاستمرار حاجة طهران للورقة اليمنية، للمناورة بها على المستوى الدولي، لكن الأكيد أن منطقة الخليج أصبحت على مقربة من مرحلة عسكرية جديدة، يتم من خلالها التأسيس لمنظومة أمن مشتركة متخصصة بشكل أكبر بمجال الدفاع الجوي، يمكن من خلالها الإنهاء التام للتهديدات الصاروخية الحوثية، التي باتت ورقة ضغط أساسية على الداخل الخليجي، بشكل لم يعد استمراره مقبولًا.