باحثة أمريكية لـ«أمان»: «داعش» يستخدم الحرب الأهلية الليبية كغطاء لإعادة تجميع صفوفه وقدراته
خبيرة تصف وضع داعش في ليبيا ومحاولات لم شمله
قالت إميلي ميليكين، الباحثة في السياسات الخارجية بمجلس السياسة الخارجية الأمريكية، إن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة، أصدرت تقريرًا جديدًا عن الإرهاب العالمي، يحمل بعض الاستنتاجات المثيرة للقلق، حيث أشاروا إلى أن شرق وغرب إفريقيا كانت أكثر مناطق العالم تضررًا من الإرهاب خلال العام الماضي، وأن الجماعات الإرهابية في العراق وسوريا تتحول بسرعة إلى واقع مجتمعي.
وأضافت إميلي لـ"أمان" أن التقرير أورد نقطة بيانات واحدة غائبة بشكل واضح عن المسح الخاص بهم، حيث لم يُذكر في أي مكان في التقرير التهديد الذي يشكله تنظيم داعش في ليبيا، مؤكدة أن هذا إغفال صارخ، لأن ليبيا بالنسبة لأخطر جماعة إرهابية في العالم لها مكانة مهمة لعودة استراتيجيته.
وتابعت أن داعش ظهر لأول مرة في ليبيا في عام 2015، عندما شن التنظيم أول هجوم له على فندق كورينثيا في عاصمة البلاد طرابلس، وقُدر أن الجماعة لديها حوالي 5000 مقاتل في ليبيا وتسيطر على أكثر من 125 ميلًا من الساحل عندما كانت في ذروتها.
وأشارت إميلي إلى أنه خلال فترة صعود داعش حافظ الامتياز الليبي لداعش على علاقة وثيقة مع القيادة الأساسية للتنظيم، بما في ذلك الاتصالات المباشرة والتمويل والتدريب المتخصص وتقديم المشورة، وكان أكبر معقل لها في سرت، حيث تمكنت من إنشاء نظام الحكم الخاص بها، ومع ذلك فقد احتفظت أيضًا بقواعد في درنة وصبراتة في غرب البلاد. وبينما كان معظم مقاتليهم من أصل ليبي، تفاخر تنظيم داعش في ليبيا أيضًا بمجموعة من المقاتلين الأجانب الذين كانوا من تونس ومصر وغرب إفريقيا والسودان وحتى أمريكا وأوروبا.
وأكملت الباحثة في السياسات الخارجية بمجلس السياسة الخارجية الأمريكية أنه في ذروة صعود داعش كان الفرع الليبي للتنظيم في حالة تدهور، حيث فقدت المجموعة السيطرة على سرت في عام 2016، وتضاءل نفوذها وقدراتها منذ ذلك الحين، مما دفع الكثيرين إلى اعتبار الجماعة قوة مستهلكة، على الأقل في سياق شمال إفريقيا.
وأكدت أنه وعلى الرغم من ذلك، هناك دلائل واضحة على أن التنظيم يستخدم الحرب الأهلية الليبية كغطاء بينما يعيد تجميع صفوفه بهدوء ويوسع قدراته، مشيرة إلى أن علامات هذا الأمر في كل مكان، حيث تعمل القوات الليبية خارج المخيمات في الصحراء الكبرى وعبر الخلايا النائمة في سرت، على تخزين الأسلحة وجمع الأموال من خلال مصادرة شاحنات تحمل الوقود وفرض ضرائب على المتاجرين بالبشر ومهربي الأسلحة، وعلى الرغم من أن تقديرات الجيش الأمريكي في عام 2019 قدرت كوادر الجماعة بـ 100 فقط، فقد توسعت قوتها البشرية لدرجة أنها أصبحت الآن قادرة على إقامة نقاط تفتيش مؤقتة حول سرت، كما أن النشاط الإرهابي للجماعة آخذ في الاتساع.
وأوضحت أن تنظيم داعش في ليبيا أعلن هذا الصيف عن مسئوليته عن هجوم 6 يونيو على نقطة تفتيش تابعة للجيش الوطني الليبي في سبها وهو الأول له منذ عام، وبعد الهجوم عليه نشر صور أعضائه في جنوب ليبيا على الأرجح في محاولة للتأكيد على أنها لا تزال نشطة في المنطقة.
وقالت إنه من المؤكد أن الذراع الليبية لتنظيم داعش لا تزال تعاني من آلام في النمو. على سبيل المثال، وجدت الأبحاث التي أجراها معهد الدراسات الأمنية أن ما لا يقل عن 130 من أعضاء داعش من ليبيا قد عادوا إلى حوض بحيرة تشاد للانضمام إلى ولاية غرب إفريقيا التابعة لتنظيم داعش في سوريا والعراق، مما أدى إلى استنزاف صفوف التنظيم من المقاتلين ذوي الخبرة، ومع ذلك، فإن مؤشرات نشاط داعش في ليبيا قوية بما يكفي لتكون مقلقة.
ويبدو أن القتال في عامي 2019 و2020 بين الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا في سرت وطرابلس قد سحب كل الانتباه تقريبًا بعيدًا عن عمليات مكافحة الإرهاب مما سمح لداعش بإعادة تجميع صفوفها في جنوب البلاد دون خوف من الغارات والغارات الجوية.
وبحسب ماكلين، فقد تراجعت الأعمال العدائية بين حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي، بفضل وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020 بين الأطراف المتحاربة وانتخاب حكومة انتقالية جديدة، والآن يركز الجيش الوطني الليبي جهوده على عمليات مكافحة داعش.
وختمت أنه منذ هجوم 6 يونيو، أرسل الجيش الوطني الليبي تعزيزات إلى جنوب ليبيا من أجل عملية واسعة النطاق لمكافحة الإرهاب في فزان، وادعى أنه شن غارات جوية ودمر أوكار داعش في جبال الهروج من خلال القيام بذلك يضع الجيش الوطني الليبي نفسه ببراعة كضامن للأمن في جنوب ليبيا قبل الانتخابات الوطنية في ديسمبر المقبل.