المشروع الأمريكي للاعتماد على الجماعة رحل مع أوباما للأبد.. محللون دوليون يتحدثون (تقرير)
- حماس الجماعة إزاء "بايدن" كما لو أنه مرشح الإخوان وليس الديمقراطيين
"بايدن ليس أوباما".. رهانٌ خاسر تشبثت به جماعة الإخوان الإرهابية في محاولة يائسة لإقناع ذاتها قبل الآخرين بأن التنظيم لم يمت، وأنه قد يعود للظهور مجددًا حال فوز المرشح الديمقراطي "جو بايدن"، إلا أن أوهام الجماعة في عودة المشروع الأمريكي لن تجد لها مردًا من الواقع الحالي في المنطقة، فإذا كان المشروع الأمريكي في عهد "أوباما" يهدف إلى ما يسمى "الشرق الأوسط الجديد"، فإنه بالفعل بات جديدًا ولكن في الاتجاه المعاكس لما ترنو إليه الجماعة الإرهابية بعد فضح مخططها التخريبي في الدول العربية، ولن تعدو كونها ورقة محروقة لدى الإدارة الأمريكية بغض النظر عن الرئيس القادم.
وفي هذا الصدد، أكدت صحيفة "أراب ويكلي"، الصادرة من لندن، أن الثقة الزائدة التي تتشدق بها جماعة "الإخوان" فيما يتعلق بفوز المرشح الديمقراطي "جو بايدن" في الانتخابات الأمريكية، وترويج إعلام الجماعة لإمكانية عودة مشروعهم بشراكة الولايات المتحدة من جديد، هي ثقة زائفة ومبالغ فيها، مؤكدة أن المشروع الإخواني في الشرق الأوسط انتهى مع نهاية عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وقالت الصحيفة، في تقرير لها عبر موقعها الإلكتروني، إن نشطاء جماعة الإخوان، وبعض وسائل الإعلام، بدوا متحمسين للغاية بشأن تقدم المرشح الديمقراطي جو بايدن في نتائج الانتخابات الأمريكية.
ووفقًا لما ذكره التقرير، أرجع المحللون هذا الحماس إلى رغبتهم في عودة تجربتهم في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، حيث لعب الإخوان خلالها دورًا بارزًا في ركوب موجة انتفاضات "الربيع العربي"، فيما أشار المحللون إلى أن "بايدن" ليس "أوباما"، مؤكدين أن المشروع الأمريكي للاعتماد على الإخوان قد ذهب مع "أوباما"، وربما إلى الأبد.
وأوضحت "أراب ويكلي" أن وسائل إعلام "الإخوان" لم تكن وحدها التي احتفلت بتقدم "بايدن" حتى الآن، بينما بدت وسائل الإعلام الإيرانية والموالية لطهران في الشرق الأوسط متحمسة لنتائج المرشح الديمقراطي، حيث شدد الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الحصار الأمريكي على إيران ومنعها من تصدير نفطها، فيما أعرب الإعلام الإيراني عن أمله في إعادة العلاقات الأمريكية المتساهلة التي تمتعت إيران بها في عهد أوباما.
وأشار التقرير إلى أن نشطاء الإخوان والإعلاميين التابعين للجماعة في مصر وتونس واليمن ودول الخليج لم يخفوا دعواتهم من أجل انتصار بايدن، وإنما استمروا في مواكبة نتائجه في كل ولاية لحظة بلحظة، وسخروا من تصريحات ترامب وخطابه عن سرقة الانتخابات واللجوء إلى المحاكم العليا بالولايات المتحدة.
ووصفت "أراب ويكلي" حماس جماعة الإخوان إزاء المرشح الديمقراطي "كما لو أن بايدن هو مرشح الإخوان وليس مرشح الديمقراطيين الأمريكيين".
وشرع إعلام الإخوان في الترويج للمكاسب التي سوف تجنيها الجماعة حال فوز "بايدن"، حيث تأمل الجماعة في ممارسة ضغوط أمريكية على القاهرة للإفراج عن قيادات الإخوان المدانين في قضايا تتعلق بالإرهاب والتآمر على أمن مصر، وكذلك للضغط على دول الرباعي العربي لإنهاء المقاطعة القطرية وإعادة العلاقات مع الدوحة.
وأكدت الصحيفة، في تقريرها، أنه منذ البداية لم يخف الإخوان تحيزهم تجاه "بايدن"، وإنما قدموه على أنه مؤيد للإسلام والمسلمين، مسلطين الضوء على حقيقة أنه يستشهد بأحاديث الرسول، وعلى أنه معارض شرس للإسلاموفوبيا.
وقامت الجمعيات الإسلامية الأمريكية، مثل الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA) ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)- المرتبطين بجماعة الإخوان أو اللتين يُنظر إليهما على أنهما قريبان منها- بالترويج لترشح "بايدن" بين الأمريكيين والمشاركة في حملته الانتخابية على المستوى الوطني.
كما يتطلع الإخوان إلى الفوائد التي يمكن أن تعود على إخوانهم الإسلاميين الأمريكيين من خلال شراكتهم مع "بايدن" حال فوزه، مثل الحصول على أدوار استشارية، ورفع الرقابة المستمرة من السلطات إزاء أنشطتهم الدعائية والمالية، كما أنهم يراهنون على تحقيق مكاسب للمنظمة الأم وفروعها خارج الولايات المتحدة.
وأوضح التقرير أن الهدف الأول لجماعة الإخوان، في حال فوز بايدن، سيكون إقحام إدارته في الضغط على مصر، كما سيسعون إلى رفع القيود المفروضة على حركة "حماس"، وتسهيل وصول التبرعات والأموال التي تجمعها جماعة الإخوان ومختلف فروعها لصالح المنظمة الفلسطينية التي صنفتها الولايات المتحدة على أنها منظمة إرهابية.
وحسبما أفادت "أراب ويكلي"، أكد مراقبون أنه سيكون من الصعب على جماعة الإخوان وأنصارهم- خاصة قطر- استعادة المزايا نفسها التي تمتعوا بها خلال فترة أوباما، نظرًا للتغيرات الكبيرة التي طرأت على المنطقة، حيث أصبح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي فاعلا في العديد من القضايا المتعلقة بالمنطقة، مثل الملف الليبي، والفلسطيني، والسوداني، أو حتى في مسار السلام الجديد بين إسرائيل ومنطقة الخليج العربي.
وشددت الصحيفة على أنه يتعين على المرشح الديمقراطي جو بايدن- حال انتخابه- أن يحدد استراتيجيته في الشرق الأوسط، إلا أن المحللين يقولون إن هذه الاستراتيجية لن تتعارض مع المصالح الأمريكية، ومن غير المرجح أن تتعارض مع تيار التغييرات الجديدة في المنطقة، كما أنه لن يفعل العكس فقط لإرضاء جماعة الإخوان أو قطر أو أي جهة فاعلة أخرى في المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، ستكون أولويات "بايدن" التركيز على الوضع داخل الولايات المتحدة واتخاذ الترتيبات اللازمة في ضوء التوازنات الناشئة في مجلس النواب الأمريكي ومجلس الشيوخ، وسيسعى جاهدًا لطمأنة الرأي العام الأمريكي حول جدية الإصلاحات الاجتماعية التي ينوي إدخالها.
وتعتقد إلين لايبسون، المسئولة الأمريكية السابقة والمديرة الحالية للدراسات الأمنية في جامعة جورج ميسون، أن "بايدن" سيعمل على استعادة الثقة داخل الولايات المتحدة قبل الدخول في ملفات الشرق الأوسط.
وأشارت، في مقالٍ لها، إلى أن الشرق الأوسط ليس المكان الأكثر إلحاحًا للعمل على إصلاح التحالفات الأمريكية مقارنة بأوروبا وآسيا، موضحة أن "بايدن" سيكون قادرًا على إعادة تأسيس العلاقات مع قادة الشرق الأوسط الرئيسيين.
وذكرت "لايبسون" أن إيران ستشكل أيضًا اختبارًا صعبًا لإدارة بايدن، لافتة إلى أن مجرد استعادة التزام الولايات المتحدة بالاتفاق النووي لعام 2015 لن يكون كافيًا؛ وأوضحت أن مستشاري "بايدن" قد يأخذون زمام المبادرة في اقتراح تعديلات على الاتفاقية والعمل مع الحلفاء لإنقاذها، في حين أن سلوك إيران الإقليمي سيكون من مسئولية وزارتي الخارجية والدفاع.
ويرى دبلوماسيون ومحللون سياسيون أن ثقة إيران في مزايا فوز بايدن مبالغ فيها، مشيرين إلى أن الرئيس الأمريكي لا يتخذ الإجراءات بمفرده، وأنه سينفذ سياسات لا تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة، خاصة في ظل التغييرات التي تحدث في المنطقة.