«شيطان الإرهاب».. أموال قطر تغذى خطاب الكراهية وتنذر بالفوضى فى فرنسا (تقرير)
حذر محللون فرنسيون من انتشار الجمعيات والمؤسسات المتطرفة في فرنسا، مختبئة خلف ستار العمل الخيري والدعوة الدينية، فيما أشاروا إلى أن تعامل السلطات الفرنسية مع الهجمات الإرهابية الأخيرة لن يحقق النتائج المرجوة في مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، لاسيما عقب واقعة اغتيال أستاذ التاريخ الفرنسي "صمويل باتي" الجمعة الماضي، والتي أدت إلى اندلاع عدد من التظاهرات في البلاد.
- حملات أمنية منفردة
وفي هذا الصدد، قالت صحيفة "آراب ويكلي" الإلكترونية الصادرة من لندن، إن خبراء الجماعات الإرهابية يعتقدون أن الحملات الأمنية المنفردة لن تؤدي إلى نتائج مهمة في وقف الهجمات الإرهابية، حيث اعتقلت الشرطة الفرنسية بعض العناصر الأجنبية المشتبه في اعتناقهم للأفكار المتطرفة.
كما يعتقد خبراء الإرهاب أن التعامل مع الجريمة على أنها حادثة فردية، واعتقال بعض الأفراد لن يحل المشكلة بل قد يشجع الآخرين على ارتكاب اعتداءات، مشيرين إلى أن الجماعات المتطرفة عادة ما تستخدم اعتقال أو قتل أعضائها لتحفيز أفراد آخرين على القيام بذلك.
وأشار الخبراء إلى أن فرنسا - وكذلك أوروبا - تميل إلى تبني نهج أمني أولًا من أجل إظهار القوة والحزم في مواجهة الإرهاب، إلا أن هذا لا يحقق مكاسب طويلة المدى، فيما تشير الأدلة إلى استمرار الهجمات التي تحدث في فرنسا، علاوة على ذلك، فإن الظروف المؤدية إلى ظهور الإرهاب لا تزال قائمة، خاصة في المناطق الفقيرة والمهمشة من البلاد.
- صمت فرنسى على التمويل القطري
وأثار الخبراء تساؤلات حول صمت فرنسا الملحوظ على شبكات التمويل الخارجي، والتي تظهر آثارها في المساجد وكذلك في الأعمال الخيرية الهادفة إلى تجنيد الأعضاء، وتساءلوا عما إذا كان الصمت مرتبطًا بالاستثمارات الأجنبية التي تتلقاها فرنسا من الدول التي لها نفوذ داخل الشبكات الإسلامية مثل قطر، التي استثمرت بشكل كبير في مشاريع اجتماعية واقتصادية في الضواحي الفرنسية، وكذلك في الرياضة والسياحة.
وحذر بعض المحللين من أن عدم وجود تركيز واضح على الصلة الحقيقية للإرهاب في فرنسا، وسط مشاعر الصدمة والغضب المنتشرة داخل المجتمع الفرنسي، يمكن أن يؤدي إلى أعمال غير مستهدفة تؤثر على المجتمعات الإسلامية ككل، كما تهدد قدرة العرب والمسلمين على الاندماج في المجتمع الفرنسي.
- تحذيرات سابقة من مؤسسة قطر الخيرية
لم تكن هذه التحذيرات الأولى من خطر الجماعات المتطرفة في أوروبا خلف ستار الجمعيات الخيرية، حيث أصدر الصحفيان الفرنسيان كريستيان شينو، وجورج مالبرنو، كتابًا بعنوان "أوراق قطر"، والذي استعرض خريطة التمويل القطري للإرهاب في أوروبا عبر مؤسسة "قطر الخيرية".
وفي أبريل 2019، نشر الكاتب الفرنسي "جورج مالبرونو" جزءًا من وثائق استقصائية حول دفع مؤسسة قطر الخيرية، راتبا شهريا يقدر بنحو 35000 يورو شهريًا، لحفيد مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية طارق رمضان، مضيفًا: "يكشف هذا الكتاب عن شبكة واسعة لتمويل 140 مسجدًا في أوروبا من بينهم 22 في فرنسا، من قبل مؤسسة قطر الخيرية".
وفي الشهر ذاته، جدد النائب الفرنسي "جيلبيرت كولر" دعوته إلى ضرورة فتح تحقيقات برلمانية بشأن تمويلات مؤسسة "قطر الخيرية" لعدد من مشاريع المساجد والمدارس والمراكز الإسلامية في فرنسا.
ووفقًا لما ذكرته صحيفة "لينكوريكت" الفرنسية آنذاك، قدم النائب "جيلبرت كولر" في الجمعية الوطنية الفرنسية، اقتراحًا بقرار لتشكيل لجنة تحقيق حول التمويل الإسلامي من قبل دولة أجنبية، ويستند هذا الاقتراح إلى ما كشف عنه الكتاب الجديد "أوراق قطر - كيف تمول الإمارة الإسلام في فرنسا وأوروبا".
وقال النائب الفرنسي "كولر" في حواره السابق مع الصحيفة الفرنسية، إن غرضه من تقديم هذا المقترح، هو عقد لجنة تحقيق لمعرفة كيف تقوم مؤسسة "قطر الخيرية" بتمويل أعمال جماعة "الإخوان".
- بناء شبكات التأثير
وأوضح تقرير " آراب ويكلي" أن الجماعات المثيرة للجدل في فرنسا، استفادت من الموقف المتراخي للحكومات الفرنسية المتعاقبة ومناخ الحرية في البلاد، حيث تمكنت من بناء شبكات تأثير داخل المجتمعات المسلمة بدعوى العمل الخيري، الأمر الذي دفع بعض هذه المجتمعات إلى تبني مواقف عدائية تجاه الدولة الفرنسية.
وذكرت الصحيفة أنه بينما تعهدت السلطات الفرنسية بسرعة استبدال الأئمة المثيرين للجدل والمتطرفين، ومتابعة الخطب في المساجد التي تتعهد بالولاء للأحزاب أو الجماعات الأجنبية ومراقبة تمويل الجمعيات الخيرية والجمعيات الدينية الأخرى، إلا أنها كانت بطيئة في تنفيذ هذه الإجراءات.
في السنوات الأخيرة، اتخذت باريس إجراءات محدودة فقط للتعامل مع المتشددين مثل الاعتقالات أو الترحيل، فيما قال مصدر في الشرطة الفرنسية الأحد الماضي، إن فرنسا تستعد لترحيل 213 أجنبيًا مدرجين على قائمة الحكومة ويشتبه في اعتناقهم معتقدات متطرفة، من بينهم نحو 150 شخصا يقضون أحكاما بالسجن.
وأشار الخبراء كذلك إلى أن النهج الأمني يجب أن يتضمن خطة شاملة لتفكيك الجمعيات التي تدعم الإرهاب ماليًا حيث تتمتع هذه الجمعيات بوجود قوي في فرنسا يهدد البلاد، وهو ما اعترف به مسئولون فرنسيون مرارًا، بمن فيهم الرئيس إيمانويل ماكرون.