مرصد الإفتاء: الإرهاب يعود إلى ليبيا عبر بوابة "المهاجرين الأفارقة"
أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، أن تحذيرات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي من خطورة الأوضاع في ليبيا- وذلك في كلمته بمنتدى أسوان للسلام والتنمية- تنبع من مخاطر حقيقية تواجه الدولة الليبية، وقد أكد عليها المرصد في الكثير من إصداراته، حيث حذر من أن الداخل الليبي يشهد حالة من التصعيد والتجنيد تجتمع فيها أجندات الدول الأجنبية والجماعات الإرهابية وتنظيمات التهريب والمخدرات والاتجار بالبشر.
وأضاف المرصد أنه خلال متابعته حالة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية حول العالم، رصد العديد من المؤشرات حول بروز ظاهرة "تجنيد الأفارقة" المهاجرين عبر ليبيا للعمل تحت لواء التنظيمات الإرهابية المدعومة من بعض الدول الأجنبية وصاحبة المصلحة في تحويل ليبيا إلى مستنقع للجريمة والإرهاب والتطرف.
وأوضح المرصد أن عمليات التجنيد تتم عبر وسيلتين؛ الأولى: الإجبار بالقوة، والثانية: الإغراء بالمال، ترافق ذلك مع عودة قوية لتنظيم داعش الإرهابي في الجنوب الليبي، وبخاصة في بلدة الفقهاء الواقعة بمنطقة الجفرة، وبلدة غدوة الواقعة في جنوب منطقة سبها؛ إذ ينشط "داعش" في الجنوب الليبي عبر ما يعرف بـ"جيش الصحراء".
فبعد طرد التنظيم من مدينة "سرت" تفرق عدد كبير من عناصر التنظيم وانتشروا في الصحراء الليبية وتمركز الكثير منهم هناك، وعملت عناصره وقيادته على التعاون مع عصابات الاتجار بالبشر من أجل تجنيد الأفارقة المارين من السواحل الليبية إلى الدول الأوروبية، وهو الأمر الذي فتح الباب أمام التنظيم هناك إلى الاستعانة بالمهاجرين الأفارقة ودمجهم في عناصره مرة أخرى، واتضح ذلك الأمر بين عناصر ما يعرف بـ"جيش الصحراء"، الذي هو خليط من الليبيين والأفارقة، وغالبيتهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء، ويرجع ذلك إلى محدودية التجنيد المحلي "لداعش" في ليبيا، وفي أغسطس لعام 2018 أصدر تنظيم "داعش" عبر ما يعرف بـ"ولاية برقة" إصدارًا مرئيًّا تحت اسم "قوافل الشهداء"، ذكر فيه اسم مقاتل كيني قام بتفجير نفسه، وكان يدعى "أبوموسى الكيني".
وأشار المرصد إلى أن هناك تقارير تحدثت عن عودة التنظيم مرة أخرى إلى ليبيا وقيامه بتجنيد مقاتلين أجانب من دول إفريقية جنوب الصحراء الكبرى، وتحديدًا دول مالي وتشاد والحزام القريب من الجنوب الليبي، ويعود تاريخ انضمام المقاتلين الأجانب من إفريقيا جنوب الصحراء لتنظيم "داعش" في ليبيا إلى الدعوة التي توجه بها زعيم التنظيم السابق "أبوبكر البغدادي" لكل مؤيدي التنظيم للانضمام إلى فرعه في ليبيا، وقد أطلق عليها اسم "الهجرة إلى ليبيا"، إذ انضم للتنظيم مقاتلون من تونس والصومال ونيجيريا ومالي وبوروندي وإريتريا وجامبيا وكينيا والنيجر.
وكشف شهود عيان بمدينة "سرت" في ذلك الوقت عن أن الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى أصبحوا جزءًا من متطوعي "داعش"، وسبق أن قام أحد الانتحاريين من إحدى الدول الإفريقية بتفجير نفسه على نقطة تفتيش أمنية بين مدينتي مصراتة وسرت، كما ظهرت صور أخرى حديثه لعناصر إفريقية منتشرة في جنوب ليبيا، كان آخرها الإصدار الذي خرج من التنظيم تحت عنوان "وأخرجوهم من حيث أخرجوكم" في ديسمبر 2019.
وذكر المرصد في بيانه أن جزءًا آخر من الأفارقة المنضمين إلى "داعش" في ليبيا هم من أولئك الذين سافروا للقتال بسوريا والعراق، ووجدوا صعوبة للعودة إلى بلادهم فاستقروا في ليبيا وانضموا للتنظيم، وفقًا لما أشارت إليه تقارير تناولت هذه القضية، كما أن جزءًا آخر يتمثل في أن هناك تحركات داعشية في مناطق النيجر ومالي وتشاد، الأمر الذي يسهل من عملية تواصل عناصر التنظيم في ليبيا، ففي شرق إفريقيا تنشط شبكات تجنيد إرهابية تعمل على تجنيد المقاتلين الأفارقة، من بينها شبكة للتهريب تسمي "Magafe network".
ومما يؤكد أهمية المقاتلين الأفارقة في تنظيم "داعش" بليبيا أن هناك جزءًا خاصًّا في التنظيم يقوم باستقطاب وتجنيد المقاتلين الأفارقة والأجانب وذلك بعد فرار التنظيم من سرت، كما أن هناك تقارير أشارت إلى أن "جيش الصحراء" الداعشي توجه نحو اعتراض المهاجرين غير الشرعيين جنوب الساحل والصحراء للعمل على تجنيدهم، والأمر لا يتوقف فقط على "جيش الصحراء" في ليبيا بل إن تنظيم "نصرة الإسلام والمسلمين" التابع لتنظيم القاعدة والمتمركز في مالي عمل على التجنيد القسري لهم ومحاولة القرب من دول الجوار الليبي.
ودعا المرصد، في بيانه، إلى ضرورة مواجهة الإرهاب في ليبيا ومنع التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لها من استغلال المهاجرين الأفارقة كفريسة للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، وذلك عبر حل أزمة الهجرة غير الشرعية عبر الأراضي الليبية، مؤكدًا أن مصر هي أول من يدفع ضريبة الإرهاب في ليبيا.