مستشار مفتي الجمهورية: يجب ربط التعليم العالي الإسلامي بالواقع وإشكالاته بشكل مباشر
بدعوة من المجلس الإسلامي السنغافوري يغادر الدكتور إبراهيم نجم- مستشار مفتي الجمهورية- اليوم متوجهًا إلى سنغافورة للمشاركة في أعمال الاجتماع الموسع حول "الاتجاهات المستقبلية في التعليم العالي الإسلامي".
ويعقد الاجتماع في الفترة من 24 إلى 25 يوليو الجاري، ويشارك فيه كبار العلماء في سنغافورة وعلماء من دول العالم، فضلًا عن خبراء في التعليم العالي الإسلامي، وذلك في إطار سلسلة اجتماعات تحضيرية لإنشاء كلية إسلامية في سنغافورة.
وسوف يعرض د. إبراهيم نجم، خلال الاجتماع، تجربة دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في برامج تدريب المفتين والتعليم عن بُعد، وكيفية تطوير السياق الواقعي في التعليم العالي الإسلامي.
من جانبه، قال د. إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية والأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن للعلم مكانة عظيمة وقيمة كبيرة في منظومة القيم الإسلامية، والعلماء هم ورثة الأنبياء، والعلم أساس للدين والدنيا، وهو أول حدث في حياة الإنسان؛ قال تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} (البقرة/31)، ودون العلم لا يكون الإنسان مؤهلًا لمهمة الاستخلاف في الأرض، وبغيره لا تتحقق مصالحه.
وأضاف أن التعليم العالي يحتل مكانة رفيعة في المنظومة التعليمية، فهو رأسها وأهم مراحلها وأعلى درجات السلم التعليمي، فهو المسئول عن إنتاج الثقافة العلمية المتقدمة، ويسهم بشكل مباشر في توفير الكوادر المؤهلة والقادرة على قيادة المستقبل على نحو أفضل.
وأوضح د. نجم أنه يجب علينا تحديد أهداف التعليم العالي الإسلامي المنشود، مشيرًا إلى أنها تتمثل في: إعداد القوى البشرية، وذلك من خلال إعداد الكوادر الإسلامية المطلوبة، والتي ستقوم بشغل الوظائف الدينية والعلمية والإدارية ذات المستوى العالي في المؤسسات الإسلامية على اختلاف أشكالها ووظائفها.
وأشار إلى أنه من بين الأهداف كذلك تطوير البحث العلمي في العلوم الشرعية، من خلال توليد المعرفة الشرعية المطلوبة عن طريق متابعة البحث والتعمق العلمي؛ للإسهام في تقدم المعرفة الإسلامية الإنسانية، وكذلك نشر الفكر والثقافة الإسلامية في المجتمع: وذلك من خلال تقديم المعرفة الإسلامية بشكل مناسب وملائم للمجتمع، وتشجيع القيم الإسلامية العليا والحضارية والخُلُقية ونشرها على أوسع نطاق، مع الحفاظ على هوية المجتمع المسلم باتجاه تحديات المستقبل.
وأكد مستشار مفتي الجمهورية أنه لا بد أن يرتبط التعليم العالي الإسلامي بالواقع وإشكالاته وتعقيداته بشكل مباشر وقوي، وألا يكون بمعزَلٍ عن ذلك الواقع؛ فمنهج الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وقد أتى هذا الدين العظيم بما ينظم كلَّ صغيرة وكبيرة في أمور الدنيا؛ كما قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (الأنعام/38)، فلا يصح إقصاء الدين عن دائرة الحياة، أو وضعه في أضيق الحدود.
وأضاف أنه لا بد أن يركز التعليم العالي الإسلامي أيضًا على المشكلات الحقيقية للأمة المسلمة ويبتعد تمامًا على المشكلات الزائفة، والمشكلة الحقيقية هي: المشكلة التي تمثل عقبة تعوق الفعل أو الفكر الإنساني عن الاستمرار في تقدمه الطبيعي، أما أن نشغل أنفسنا بمشكلات زائفة لا طائل من تحتها وعفا عليها الزمن ونتناحر حولها، فهذا ضرب من العبث.
وعن تجربة دار الإفتاء المصرية أكد د. إبراهيم نجم أن دار الإفتاء المصرية من أعرق وأهم المؤسسات الإفتائية على مستوى العالم، وكان لها السبق في تطوير وتحديث آليات ووسائل الفتوى، ووضع أنظمة التحديث المستمر لمواءمة التقدم التكنولوجي والاستفادة به في مجال الفتوى والإفتاء.
وأضاف أن الدار قدمت في مجال التعليم والتدريب على الفتوى والإفتاء خدمة التدريب الراقي التي تهدف إلى تحسين الأداء الدعوي لدى المتصدرين للإفتاء؛ من أجل مزيد من الوعي والإدراك لواقعهم وحاجات أمتهم الحضارية، والتعامل مع المستجدات المعاصرة بوعي وكفاءة.
ومن ذلك أيضًا خدمة إعداد المفتين عن بُعد، فقد أسست دار الإفتاء المصرية أول مركز من نوعه للتعليم عن بُعْد في المجال الإفتائي والشرعي، حيث تم إعداد المناهج المتخصصة في مجال الإفتاء الشرعي، ليتم بثُّ ذلك على موقع خاص بالتعليم عن بُعْد. وتوفر هذه الخدمة على طلاب العلم عناء السفر للحصول على دورة دراسية في الإفتاء بالدار، كما هو حاصل في وقتنا هذا، حيث يمكنهم من خلال موقع التعليم عن بُعْد أن يحصلوا على المعارف والمهارات الإفتائية التي تؤهلهم للقيام بدور الإفتاء بعد ذلك في بلادهم.