قمم مكة الثلاث القادمة وتوترالعلاقات مع ايران
تخيّم التوترات مع إيران على أعمال ثلاث قمم عربية وخليجية وإسلامية تستضيفها السعودية في مكة المكرمة هذا الأسبوع على وقع قرع طبول الحرب في المنطقة.
وتشكّل هذه اللقاءات مناسبة للرياض لمحاولة إظهار أن الخليج والعالمين العربي والإسلامي كتلة واحدة في مواجهة الجارة المذهبية، بعدما وجدت المملكة في التوترات الأخيرة، لا سيما بين طهران وواشنطن، فرصة لتشديد الضغوط على خصمها الأكبر في المنطقة، ولإبراز نفوذها الإقليمي.
مكة والدعم العربي
حول هذا الأمر يقول الباحث حسين إبيش في "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" إن السعودية "تتحرّك في محاولة لتوحيد الدعم العربي والإسلامي، استعدادا لما قد يكون عبارة عن مواجهة أو دبلوماسية مكثّفة".
ومنذ تشديد الإدارة الاميركية العقوبات على قطاع النفط الإيراني بداية أيارمايو، تسارعت الأحداث في المنطقة، فتعرّضت ناقلات نفط لهجمات نادرة قبالة سواحل الإمارات، وتكثّفت هجمات متمردي اليمن المقرّبين من إيران على السعودية، وبينها هجوم على خط أنابيب للنفط قرب الرياض بطائرات من دون طيار.
في خضم ذلك، عزّزت الولايات المتحدة حضورها العسكري في المنطقة عبر إرسال حاملة طائرات وإعلانها زيادة عديد قواتها بـ1500 جندي.
وردت طهران بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز الذي تعبر منه يوميا 35 بالمئة من إمدادات النفط العالمية التي تنقل بحرا، في حال وقعت الحرب.
وفيما كان انعقاد قمّة "منظّمة التعاون الإسلامي" في مكة الجمعة مقررا منذ زمن، دعت السعودية هذا الشهر إلى عقد قمتين عربية وخليجية في المكان نفسه يوم الخميس لبحث التطورات.
ولم يتّضح بعد عدد الدول التي ستشارك في القمتين الطارئتين، ومستوى تمثيلها، وحتي الان دُعيت قطر التي تواجه مقاطعة دبلوماسية من جانب الرياض والمتهمة بالتقارب مع إيران ودعم الإرهاب وملشيات مسلحة، لحضور القمة الخليجية.
وإيران عضو في "منظمة التعاون الاسلامي" التي تضم 57 دولة. لكن تحيط شكوك بمشاركتها في القمة، في ظل انقطاع العلاقات بين طهران والرياض منذ 2016. ومنظمة المؤتمر الإسلامي هي ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة.
موقف موحد لدول المقاطعة
ولم تحصل وكالات الأنباء على أي تأكيد من مسؤولي البلدين حول مسألة حضور طهران لأعمال القمة الـ14 التي تنعقد كل ثلاث سنوات.
وبحسب موقع المنظمة، ستسعى القمة إلى "بلورة موقف موحّد تجاه القضايا والأحداث الجارية في العالم الإسلامي"، وبينها "القضية الفلسطينية والتطورات الأخيرة في عدد من الدول الأعضاء وما يعرف بظاهرة الإسلاموفوبيا".
وتتّهم السعودية إيران بالتدخل في شؤون دول المنطقة، وزعزعة استقرار البحرين والعراق سوريا ولبنان واليمن عبر دعم وتسليح مجموعات مسلحة في هذه الدول.
وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش على "تويتر" الأسبوع الماضي "وحدة الصف وتنسيق المواقف ضرورة في هذه الظروف الدقيقة، والرياض بما تملكه من رصيد عربي ودولي مؤهلة للقيام بهذا الدور".
لكن مهمّة السعودية في خلق كتلة خليجية عربية إسلامية موحّدة في مواجهة ايران، لا تبدو سهلة.
فبينما تتّبع الإمارات والبحرين سياسة متشدّدة تجاه إيران على غرار السعودية، تقيم الدول الأخرى في الخليج، وهي قطر وسلطنة وعمان والكويت، علاقات دبلوماسية واقتصادية طبيعية مع جارتها.
وحصل مزيد من التلاقي في المصالح بين إيران وقطر، بعد قطع العلاقات بين الرياض والدوحة.
وتخشى الكويت أن تندلع حرب فتتسبّب في إغلاق مضيق هرمز، المعبر البحري الوحيد لصادراتها النفطية.
أما سلطنة عمان، فترتبط بعلاقات جيدة مع كل من إيران والولايات المتحدة واضطلعت بوساطة في المناقشات التي أدت إلى الاتفاق النووي في 2015.
وقال وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بعد زيارة لطهران الأسبوع الماضي "نسعى مع أطراف أخرى لتهدئة التوتر بين واشنطن وطهران".
وقد زار مسؤولون إيرانيون الكويت وعمان وقطر والعراق الأحد والاثنين،بينما تقيم إيران التي تملك حدودا مشتركة مع أفغانستان وباكستان والعراق وتركيا، علاقات مهمة مع أنقرة واسلام آباد.
كما أنّها تدعم بشكل علني جماعات سياسية نافذة في لبنان والعراق وسوريا، ما يصعّب على هذه الدول تبنّي مواقف متشدّدة من طهران، كما تأمل السعودية.
ايران وتجنب المواجهة
ويقول المحلل سيمون هندرسون في "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" إن "العديد من الدول قد لا تكون راضية عن إيران وتصرفاتها في المنطقة، لكنها تفضّل تجنّب المواجهة أو اتخاذ موقف معاد".
وأعلنت الإدارة الأميركيّة أنّها ستتجاوز الكونغرس لبيع أسلحة بقيمة 8،1 مليار دولار لكلّ من السعودية والإمارات والأردن، من أجل "ردع العدوان الإيراني".
وبحسب تقرير لـ"مجموعة الازمات الدولية"، فإن عمل إيران على خلق صعوبات أمام صادرات النفط السعودية والإماراتية "قد يكون الهدف منه تعزيز موقعها التفاوضي".
لكن التقرير يضيف أنّه "في حال كانت هذه المناورات مجرد لعبة دبلوماسية، فإنها أمر خطير، اذ أن أحد الأطراف قد يسيء فهم نوايا الآخر".
وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير في مؤتمر صحافي في وقت سابق هذا الشهر إن بلاده "لا تريد حربا".
إلا أنه شدّد على أنّه "في حال اختيار الطرف الآخر الحرب، فإن المملكة سترد على ذلك بكل قوة وحزم".