عودة التنظيم.. داعش يكشف أسرار اختفاء قياداته من المناطق المحررة
كشف تنظيم داعش الإرهابي عن أسرار الاختفاء المريب لقياداته في المناطق المحررة من سيطرته في كل من سوريا والعراق وليبيا.
ونشر التنظيم الإرهابي مقالة في العدد الأخير من مجلة النبأ الأسبوعية الناطقة بلسان التنظيم والصادرة أمس الأول الخميس تحت عنوان "إسقاط المدن مؤقتا كأسلوب عمل للمجاهدين". وتتحدث المقالة عن التكتيكات العسكرية المتبعة للتنظيم، والتي تعتمد على أسلوب الكر والفر، ثم العودة المفاجئة، وأكد التنظيم خلالها أن الانسحاب من المدن أسلوب متبع للتنظيم في إطار حرب العصابات، الأمر الذي يكشف أبعادا جديدة حول أسرار اختفاء قيادات التنظيم من المدن والمناطق المحررة من سيطرته، ومنها منطقة الباغوز السورية آخر معاقل التنظيم في سوريا.
وقال المقال إن الفترة الماضية شهدت غزوات عدة لمقاتلي التنظيم، تمت السيطرة فيها مؤقتا على بعض المناطق لتحقيق أهداف معينة، ثم الانسحاب من المنطقة قبل تمكن "العدو" من الوصول إليها لاستنفاد جنودها أو أنصارها، وقد رأينا هذه العمليات في كل من لييبيا وغرب إفريقية والعراق على وجه الخصوص، وهذا الأسلوب ليس جديدا إذ لطالما استخدمه المجاهدون في فترات عدم التمكين وسيبقى أسلوبا في غاية القوة في فترات حرب العصابات تمهيدا للسيطرة على الأرض والدخول في حرب جبهات للدفاع عنها عند الضرورة.
وكشف المقال عن كيفية تعامل عناصر التنظيم خلال حرب العصابات داخل المدن، وكيف يكون الانسحاب والاختفاء عملية تكتيكية استعدادا لمرحلة تالية، وقال في الفترات الابتدائية لحرب العصابات والتي لايكون فيها أي منطقة تصلح منطلقا للهجمات أو موئلا آمنا للركون إليها- يخرجون إلى الشوارع في أوقات محددة وهم مسلحون بما يتوافر بأيديهم من سلاح يمكنهم إخفاؤه بعد انتهاء عملهم، ملثمون لا يرتدون من اللباس إلا ما شابه ثياب المنطقة ليسهل عليهم التخفي عند الحاجة لذلك، فينتشرون في المنطقة ويسيطرون عليها بشكل كامل أو جزئي لساعات قليلة وينفذون هدف انتشارهم، ثم وعند تلقيهم الأمر بالانسحاب يبدأون بالتلاشي والذوبات دون أن يعثر عدوهم على آثارهم فيما بعد".
وتكشف هذه الفقرة من المقال نقطتين مهمتين وهما:
أولا: انصهار عناصر التنظيم الإرهابي في البيئة المحيطة وتلاشيهم فيها حتى يصعب التعرف عليهم، وبالفعل هناك وقائع كثيرة لا تحصى يلجأ فيها عناصر التنظيم لهذه الحيلة قبل تنفيذ عملياتهم الإرهابية.
ثانيا: تشتيت جهود القوات الأمنية التي تلاحق عناصر التنظيم من خلال توسيع دائرة الاشتباه.
وبعد ذلك يعرض المقال نماذج من العمليات الكبيرة التي لجأ فيها عناصر التنظيم لهذا التكنيك العسكري، فيقول:
"ورأيناهم في غزوة حديثة الشهيرة التي وثقها إصدار (صليل الصوارم 2) يقتحمون المدينة من داخلها بغطاء قوات سوات- التي وصفها المقال بالمرتدة- ويسيطرون على معظم أجزائها، حيث حققوا فيها عددا من الأهداف، قبل أن ينحازوا منها إلى الصحراء خلال ساعات، في حين عمدوا في بعض الحالات إلى كسر خطوط الصد القوية حول المدن والأرياف والدخول إليها عنوة لضرب نقاط قوة العدو داخلها، والسيطرة بذلك على المنطقة في ظل الصدمة التي تصيب العدو ثم الانسحاب قبل أن يستعيد وعيه ويعيد ترتيب صفوفه أو يستجلب قوات إسناد من خارج منطقته لاستعادة السيطرة".
وقد حدثت وقائع مشابهة لما يتحدث عنه المقال في عملية "الثأر للشام المباركة" التي أطلقها التنظيم خلال الفترة القليلة الماضية، ومنها اقتحام بلدة الفقهاء في الجفرة الليبية منذ أسبوعين.
ولعل المقال يجيب عن التساؤل الملح الذي ظهر بعد الإعلان المفاجئ عن إنهاء خلافة داعش في سوريا، وسر اختفاء قيادات التنظيم من المشهد بشكل كلي، ثم الظهور بقوة خلال سلسلة عمليات "الثأر للشام المباركة"، وظهور بؤر قوية للتنظيم في سوريا والعراق، وكذلك العملية الأخيرة التي تبناها التنظيم الإرهابي في أحداث سريلانكا التي راح ضحيتها ما يقارب 300 قتيل.
كما يعد إضافة لتهديدات أبي الحسن المهاجر المتحدث باسم التنظيم الإرهابي حول أن التنظيم لم ينته في المدن المحررة خاصة الباغوز.
وكان المهاجر بث كلمة صوتية أذاعتها مؤسسة "الفرقان" الإخبارية المرتبطة بالتنظيم بعد سقوط الباغوز قال فيها: "أتحسبون أن نزوح الضعفاء والمساكين الخارجين من الباغوز سيفت في عضد مقاتلي الدولة.. كلا".
وأضاف أن خطر داعش لا يزال قائماً عبر مجموعات منتشرة في سوريا، والعراق، مشيراً إلى أن التنظيم يترقب ما سماها "ساعة الحسم".
فهل نشهد مفاجآت أخرى خلال الفترة المقبلة؟