حماس من محور المقاومة إلى خندق المساومة
لم يعد خافيًا للمتأمل للوضع الفلسطيني الراهن وخاصة في غزة أن حركة حماس لم يدم بِها الحال طويلا في ارتداء ثوب الوطنية، وسرعان ما ارتدت فوقه ثوب حركة الإخوان التي ترقد تحت جناحها.
حماس تلك الحركة التي لا يمكن لأحد أن ينكر أنها كانت إحدى الأرقام الصعبة في تاريخ النضال الفلسطيني، حتى انحاز إليها المعظم عاطفيا على الأقل فمن منا لم تدمع عيناه فرحا، ويهلل طربا للعمليات النوعية التي كانت تتم باسم الحركة ومن مجاهدييها في قلب الكيان المحتل.
لكن ما الذي حصل وكيف انقلبت الآية بعد فوزها في الانتخابات واستيلاءها على غزة وحكمها بالقوة والدم وكأنما لا يكفي بلطجة المحتل فيها.
فهل كانت حماس تمهد مع الإخوان لهذا الواقع منذ زمن وعبرت إليه عبر دماء شهدائها الأبرار...لكي تصل لموقع المفاوض وهو نفس الموقع الذي تعيبه على سلطة أوسلو كما تسمييها؟!
هل تريد حماس إقامة دولة إسلامية في بقعةِ أرضٍ محتلة؟ربما تتشابك الخيوط الأن فأعجزُ عن اليقين او النفي...لكن يقيني المطلق أن هذا الوضع لم يكن ليحدث مهما كانت الظروف لو كان الشيخ الشهيد أحمد ياسين أو الشيخ الشهيد عبد العزيز الرنتيسي على قيد الحياة رغم أنهما مؤسسي حركة حماس...خلافا للقائمين الحاليين على الحركة الذين تقودهم المصالح الضيقة والرؤى الضبابية...لذا انحازوا إلى مصالح حزبية خاصة على حساب الوطن المحتل والشعب الذي ربطته أواصر النضال عبر سنواتٍ طويلة في وجه المحتل.
وما نشهده هذه الفترة من تنكيل حماس بالشعب الفلسطيني الغزيِّ يفوق أي تصور لحرب أهلية في وطن محتل. فلم يراعوا حرمة لنساءٍ كانوا يسموهن الحرائر...ولا لشبابٍ كانوا بالأمس أمل التحرير.
واكثر ما يوجع ان الحركة قد حاكت المحتل في الانتفاضة الاولى واتبعت ما اتبعه من سياسية تكسير العظام...وحاكت الهمجية الأمريكية في العراق...فكومت الرجال عراة كما حصل تماما في سجن ابو غريب.
لقد انقلبت المعادلة من مقاومة المحتل إلى مقاومة الشعب المناضل...ورغم ذلك فلا يمكننا أن ننسى تلك الأصوات الحرة الشريفة التي انبثفت من رجال شرفاء من داخل الحركة يطالبون بوقف هذا الجنون والاستهتار بكل قيم النضال وتوجيه البوصلة نحو المحتل. إن انتقال حماس من محور المقاومة للعدو إلى محور التنكيل برفاق النضال هو اكبر مكافأة للاحتلال عبر سنواته...واكبر صفعة في وجه الشعب الفلسطيني ونضالاتهِ.
* أديبة وشاعرة فلسطينية