خليفة.. من هو الداعشي المتحدث في إصدارات التنظيم الإعلامية؟
على مدى شهور طويلة، ظل الصوت المرافق لإصدارات تنظم داعش الإرهابي، لغزاً بالنسبة لكثير من أجهزة الاستخبارات العالمية، حتى إن مكتب التحقيقات الفيدرالي ناشد، قبل أربعة أعوام، كل من يعرف شيئاً عن صاحب الصوت المساعدة.
وفي هذا الإطار، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل موسعة عن هذا الشخص، مشيرة إلى أنه مواطن كندي يبلغ من العمر 35 عاماً، ودرس بكلية تورونتو، وعمل سابقاً في شركة لتكنولوجيا المعلومات متعاقدة مع شركة IBM.
وتضيف الصحيفة قائلةً إن الرجل يدعى محمد خليفة، واعتقلته مليشيا تدعمها الولايات المتحدة، في سوريا، الشهر الماضي. وتحدّث لأول مرة في مقابلة معه عن صوته في فيديو نُشر عام 2014، أطلق عليه اسم "نيران الحرب"، حيث أكد أنه موظف في وزارة الإعلام التابعة لتنظيم الدولة.
خليفة، الذي التقته الصحيفة في سجنه، رجل هزيل، هاجر في طفولته من السعودية إلى كندا وتحديداً لمدينة تورونتو، حيث تعلَّم هناك ودرس التكنولوجيا وأنظمة الكمبيوتر، وعمل في شركة مقاولات قبل أن يقرر الالتحاق بتنظيم داعش في سوريا.
ويقول تشارلي وينتر، الباحث بالمركز الدولي لدراسات التطرف بكلية كينغز كوليدج في لندن، إن الصوت الذي ظهر بفيديوهات "داعش" هو الصوت الذي كان يتحدث باللغة الإنجليزية، وكان الأكثر تميزاً في تلك الفيديوهات.
وبعد تحليل الأصوات الذي أجرته الصحيفة، وجد ثلاثة من الخبراء أن هناك تطابقاً بين صوت خليفة وصوت الراوي في فيديوهات "داعش".
وكان فيديو "نيران الحرب" الذي أصدره التنظيم في 19 سبتمبر 2014، نقطة تحوُّل بالنسبة لـ"داعش"، وجاء بعد أقل من ثلاثة أشهر من إعلان التنظيم تأسيس الخلافة، فحتى ذلك الحين كان التنظيم ينشر فيديوهات أقصر وأقل جودة، غير أن هذا الفيديو صُوِّر بكاميرا مجهزة بـ"غو برو" (تقنية عالية الوضوح بالكاميرات) واستغرق 55 دقيقة، حيث ظهر فيه أحد الجنود وهو يحفر خندقاً وينفذ بعد ذلك عملية على العدو، وكان هناك تعليق صوتي عليه باللغة الإنجليزية.
وبالنسبة إلى خليفة، فإن "مسيرته المهنية كانت غزيرة، فلقد علق باللغة الإنجليزية على كثير من مقاطع الفيديو الخاصة بالتنظيم، وهي الفيديوهات التي كانت الأكثر تأثيراً في مسيرة تنظيم داعش الإعلامية. لقد كان الصوت الرمز الذي يخرج من (داعش) مخاطباً العالم، طوال أربع إلى خمس سنوات"، كما تصفه أمناث أماركينجام، الباحثة البارزة في تورونتو والمتخصصة بدراسة التطرف.
خليفة يقبع اليوم بسجن تابع لـ"قوات سوريا الديمقراطية" التي تدعمها أمريكا في شمال شرقي سوريا، بالإضافة إلى سجناء من 50 جنسية أخرى.
ويُحتجز الآلاف من زوجات مقاتلي التنظيم وأطفالهم بمعسكرات اعتقال، ولهم حرية الانتقال بين الخيام، لكنهم غير قادرين على المغادرة.
ويقول خليفة إنه تزوج في "دولة الخلافة" ولديه طفلان، ولكنه لا يعرف مكان وجودهما حتى الآن.
وكندا، التي يحمل خليفة جنسيتها، من بين الدول التي ما زالت مترددة في استعادة مواطنيها الذين قاتلوا بصفوف التنظيم. فبعد شهر من اعتقاله، لم تزر السلطات الكندية خليفة، أو تعرض عليه المساعدة القنصلية حتى.
كما رفضت شرطة الخيالة الكندية التعليق على احتجازه وكذا فعلت وزارة الخارجية الكندية.
وفي بيان متلفز مدته دقيقتان بعد اعتقاله من قبل "قوات سوريا الديمقراطية"، عرَّف خليفة نفسه بأنه مقاتل من "داعش" وأعطى اسمه كاملاً، وهو محمد عبد الله محمد، حيث اعترف بمهاجمة القوات الكردية، لكنه لم يشر إلى دوره باعتباره الراوي الذي كان يظهر صوته بفيديوهات التنظيم.
وبحلول عام 2013، استمع خليفة إلى محاضرات على الإنترنت لداعية تنظيم القاعدة أنور العولقي، وقال إنه اقتنع بضرورة الجهاد، غير أن فيديو لمجموعة من المقاتلين البريطانيين في سوريا كانوا يتحدثون الإنجليزية، أشعره بأنه يمكن أن يكون له مكان مع التنظيم.
ويشير خليفة إلى أن التنظيم كان حريصاً على إظهار أكبر عدد من الجنسيات خلال عمليات تصويره، حتى يبين للعالم أنه وصل إلى العالمية، مؤكداً أن كل فريق في العمل لم يكن يعرف ما هي طبيعة الفريق الآخر.
ونفى خليفة أن يكون له أي دور في عمليات الإعدام التي كانت تظهر في فيديوهات التنظيم، مشيراً إلى أن دوره الأساسي كان يقتصر على قراءة الصوت وهو الذي يكون في الاستوديو، وقال: "كانوا يعطونني النص وأسجله بعد أن أراجعه وأنقّحه من الأخطاء".
ويتابع: "بداية كنا نسجل في استوديو مصنوع من جدران خُصصت لذلك، تمنع دخول الأصوات الخارجية، ولكن مع انطلاق الغارات الأمريكية تم تغيير المكان، ليكون داخل بيوت في الرقة، وكنا ننتقل من بيت إلى بيت".