قسد تستعد للهجوم الأخير ضد داعش
تستعد قوات سوريا الديموقراطية في شرق سوريا لاطلاق هجومها ضد تنظيم الدولة الاسلامية، المحاصر حالياً في منطقة تعادل أقل من واحد في المئة من مساحة "الخلافة" التي أعلنها قبل سنوات.
ومني التنظيم، الذي أعلن في العام 2014 إقامة "الخلافة الاسلامية" على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور، تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين. وبات وجوده حالياً يقتصر على مناطق صحراوية حدودية بين البلدين.
وتمكنت هذه القوات، فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، إثر هجوم بدأته في سبتمبر، من التقدم داخل الجيب الأخير للتنظيم وباتت تحاصره ضمن أربعة كيلومترات مربعة قرب الحدود العراقية.
وقال متحدث باسمها في ريف دير الزور الشرقي الجمعة لفرانس برس إنّ الجبهة "لم تشهد أي تقدم أو تغيير كبير في الأيام الخمسة الأخيرة" مع وقف العمليات الميدانية استعداداً للمرحلة الأخيرة من الهجوم.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، تشهد خطوط الجبهة بين الطرفين هدوءاً يعكره قصف مدفعي وجوي متقطع يستهدف مواقع التنظيم.
وتوقع قيادي في قوات سوريا الديموقراطية في تصريحات لفرانس برس قبل أيام أن "تبدأ عملية التقدم الأخير قريباً بعد إتمام التحضيرات اللازمة لها".
وأشار الى أنه "من المتوقع أن تنتهي سيطرة داعش الجغرافية في المنطقة خلال ثلاثة إلى أربعة أيام بعد انطلاقها لنتخلص منهم من الناحية الجغرافية فيما تحتاج عملية التمشيط والتخلّص من الفلول والألغام وقتاً أطول".
وفي مؤتمر صحافي في باريس الخميس، قال المتحدث باسم هيئة الأركان الفرنسية باتريك شتايغر أن قوات سوريا الديموقراطية أوقفت قبل بضعة أيام عملياتها القتالية "من أجل اعادة تنظيم صفوفها وتعزيز مواقعها".
وجاءت تصريحات شتايغر غداة اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب توقعاته باستعادة المناطق التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم المتطرف خلال أسبوع.
وبحسب التحالف الدولي الداعم للهجوم ضد الجيب الأخير للتنظيم في شرق سوريا، تمكنت قوات سوريا الديموقراطية من "تحرر قرابة 99,5 في المئة من الأراضي الخاضعة لسطرة داعش" في سوريا.
وقال نائب القائد العام للشؤون الإستراتجة والمعلوماتة في التحالف كرستوفر ككا، الخميس "نستمر في الضغط على المتبقن من إرابيي داعش.. لمحاصرتم في رقعة صغرة، تعادل حالاً أقل من واحد في المئة من مساحة الخلافة الأصلة".
ويحاول مقاتلو التنظيم وفق كيكا "الفرار من خلال الإختباء بن النساء والأطفال الأبراء الذن حاولون الفرار من القتال"، لكنه شدد على أن "هذه التكتكات لن تنجح".
وكان مقاتلون من قوات سوريا الديموقراطية قالوا لفرانس برس السبت إنهم أوقفوا عملياتهم البرية خشية استهداف المدنيين الذين يستخدمهم التنظيم كدروع بشرية.
وبحسب المرصد، لا تزال مئات العائلات موجودة في كنف التنظيم. وتعيش ظروفاً بائسة جراء نقص المواد الغذائية والأدوية.
ودفعت العمليات العسكرية وفق المرصد أكثر من 37 ألف شخص الى الخروج من آخر مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع ديسمبر، وغالبيتهم نساء وأطفال من عائلات التنظيمات المسلحة ، وبينهم نحو 3400 عنصر من التنظيم.
في مخيم الهول شمالاً، حيث يُنقل الخارجون من مناطق التنظيم، تستقبل الطواقم الطبية أطفالاً يعانون من حالات سوء تغذية وبعضها حاد.
وفي عيادة للهلال الأحمر الكردي داخل المخيم، قال طبيب الأطفال عنتر سنّو (48 عاما) لفرانس برس "يصلون إلينا عظماً وجلداً" في إشارة الى بنيتهم الهزيلة.
وقال مسعفون في المنظمة لفرانس برس إنهم نقلوا عشرات حالات سوء التغذية الحاد من مخيم الهول إلى مستشفى في مدينة الحسكة للعلاج خلال الأسابيع الأخيرة، بينهم 29 يخضعون راهناً للعلاج.
وغالباً ما تكون رحلة الخروج من مناطق التنظيم محفوفة بالمخاطر. وتخشى قوات سوريا الديموقراطية من تسلل جهاديين في صفوفهم.
وتعمل في مركز مخصص للفرز قرب خط الجبهة، على التدقيق في هويات الخارجين وأخذ بصماتهم وينقل المشتبه بانتمائهم للتنظيم إلى مراكز تحقيق خاصة،وتعتقل المئات من الإرهابيين الأجانب.
ويشكل وجود هؤلاء معضلة للإدارة الذاتية التي تطالب بلدانهم باستعادتهم لمحاكمتهم لديها فيما تبدي دولهم تحفظاً إزاء هذا الملف.
وقال بدران جيا كردي، مسؤول رفيع في الإدارة الذاتية لفرانس برس، أنه "ما من تقدم في المفاوضات" مع الدول المعنية.
وتدرس فرنسا التي كانت تعارض استعادة الجهاديين خيارات عدة لإخراج العشرات بينهم نساء وأطفال من مراكز الاعتقال والمخيمات في سوريا.
وطالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية بضرورة اعتماد "الشفافية" عند نقل أي من الجهاديين الأجانب المشتبه بانتمائهم الى التنظيم وأقاربهم إلى خارج سوريا.
ويخشى الأكراد من فراغ أمني يرتبه خروج القوات الأميركية المرتقب من سوريا، بينما يخوضون محادثات مع دمشق.
وقال جيا كردي "نتوجه في سوريا إلى الحل السياسي وهو ما يتطلب الاتفاق مع دمشق".