د. محمد توفيق يفجر القنبلة..علينا وضع نظام للزكاة يصلح للزمان والمكان (3)
معركة الإسلام هو القرآن وحده.. أدعو أولياء الأمور لوضع نظام للزكاة يصلح للزمان والمكان (3)
عند الحديث عن مبحث الزكاة نذكر أولًا مقدار النصاب «ما يخرج من الزكاة» من الذهب والفضة والماشية وما يجب فى كل من الزكاة حسب ما ورد فى السُّنة المتواترة:
-من الذهب ٢٠ دينارًا (أى ١٠ جنيهات تقريبا)...... نصف دينار
- من الفضة ٢٠ دينارًا... (٢٠٠ درهم)......... ٥ دراهم
- من الإبل ٢٠ دينارًا... (٥ جمال)......... شاة واحدة
- من البقر ٢٠ دينارًا... (٣٠ بقرة)......... عجل تبيع
- من الغنم ٢٠دينارًا... (٤٠ شاة)......... شاة واحدة
فالذى يكاد يجزم به العقل أن قيمة النصاب من كلٍّ لا بد أنها كانت عند العرب متساوية أى أن مَنْ كان عنده منهم ٢٠ دينارًا كان كمن عنده ٢٠٠ درهم أو٥ جمال أو ٤٠ شاة؛ ولذلك تؤخذ شاة واحدة ممن عنده ٤٠ شاة وكذا ممن عنده ٥ جمال ولو لم تكن جميع هذه المقادير متساوية لكان هناك ظلم ظاهر لبعض الناس دون الآخرين، ومما يرجح أن هذه المقادير إن لم تكن متساوية فهى متقاربة جدًا أن مالكًا رضى الله عنه جعل القطع ليد السارق مشروطة بسرقة ربع دينار أو ثلاثة دراهم لتَسَاوِى هذين القدرين، وعليه يكون نصف الدينار يساوى ٦ دراهم، وإذا لحظنا أن ما يؤخذ من نصاب الذهب هو نصف دينار وما يؤخذ من نصاب الفضة هو ٥ دراهم أدركنا أن ما يؤخذ من كل هو متقارب جدًا إن لم نقل: إنه كان متساويًا فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم. وإذا كان الأمر كذلك كان ثمن الشاة أو العجل التبيع هو ٥ دراهم أو نصف دينار: أى نحو ٢٥ قرشًا صاغًا مصريًا بالتقريب، وذلك فى مبدأ الإسلام وهى قيمة زهيدة جدًا، ولا شك أن هذه القيمة تختلف اختلافًا كبيرًا بحسب البلاد وبحسب الأزمنة، ومن ذلك نعلم أن ما بيّنته السنة للعرب فى ذلك الزمن لا يصلح لجميع الأمم فى الأوقات المختلفة، ولذلك لم يَرِد شىء من ذلك فى القرآن مطلقًا؛ لأنه هو الكتاب الوحيد الذى أمر النبى أصحابه بحمله لجميع العالمين، وتركت أمثال هذه التفاصيل فيه لتتصرف كل أمة فى الأمور بما يناسب حالها، فيجب على أولياء الأمر بعد الشورى ومراجعة نصوص الكتاب أن يضعوا للأمة نظامًا فى هذه المسألة، وفى غيرها لتسير عليه، ولا يصح أن نجمد على ما وضع للعرب فى ذلك الزمن جمودًا يبعدنا عن العقل والصواب، فإن الذى عنده عشرة جنيهات أو خمسة جِمال مثلا إذا عد غنيًّا عند قوم فلا يلزم أن يكون غنيًا عند الآخرين، ثم إن ربع العشر إذا قام بإصلاح حال الفقراء والمساكين وأبناء السبيل والغارمين وبالنفقة منه على العاملين على الزكاة والمؤلفة قلوبهم وفى سبيل الله وفى تحرير الرقاب إذا قام بكل هذه الشئون فى زمن أو بلد فليس ضروريًا أن يكون كافيًا كذلك فى زمن آخر أو فى بلدة أخرى، ومن ذلك تعلم حكمة الله فى عدم تعيين شىء من ذلك فى كتابه تعالى، وغاية ما ذكر فيه الحث على إعطاء الزكاة وأنها تؤخذ من أصحاب الأموال، وأن تعطى من ثمر النخل والزيتون والرمان يوم حصاده، ولنا أن نقيس على ذلك أن زكاة الأموال تؤخذ سنويًا من أربابها، وذكر فيه أيضًا مصارفها التى أشرنا إليها سابقًا.
وخلاصة القول فى هذا الموضوع: أننا يجب علينا الاقتصار على كتاب الله تعالى مع استعمال العقل والتصرف، أو بعبارة أخرى (الكتاب والقياس) وأما السنة فما زاد منها عن الكتاب إن شئنا عملنا به وإن شئنا تركناه، وما فيها من الحِكَم الكثيرة نقبلها على العين والرأس، وكذلك أى حكم من أى مصدر آخر.